ثورة أون لاين – أسعد عبود:
أتابع من حيث كنت في المقالة الماضية، وأطرح سؤلاً:
ما الذي يضعنا في موقف الضعف المتدني في مسألة الإعلام؟
لنحدد ببساطة العوامل الأساسية في صناعة الإعلام إن صح التعبير… هل تكون مثلاً: المال والكادر البشري والتقني «الوسائط الاعلامية»… ثم المعلومة والخطاب الإعلامي…؟!
اين يقع المأزق الذي نواجهه في إعلامنا؟
الجواب الأول الصحيح بالتأكيد أنه في ذلك كله.. لكن هذه إجابة عامة لا تساعد على التدخل للمساعدة وربما الانقاذ.. إذاً أين المأزق؟
نأخذ العوامل التي حددتها واحداً واحداً..
المال.. عنصر مهم وحازم دون أن يكون حاسماً إلا بحدود. صحيح أن الإعلام المتفوق بمعظمه متوافر لدى الدول الغنية لكن مستوى الأداء الإعلامي لا يتراتب بين دولة وأخرى ومجتمع وآخر على أساس المال المتوافر بتصرف الإعلام وحسب. بل إن الإعلام القوي نسبياً المتوافر في بعض الدول وأساسه المال، أو لنقل الكفاءة المالية، يبدو لاجئاً مستورداً يستخدم لوظيفة الدعاية فقط وبتأثير محدود مهما بلغ من القوة. طبعاً المثال الأوضح في هذا المجال هو الإعلام الخليجي البعيد كل البعد عن تحقيق وظيفة الإعلام الأساسية في المجتمع الخليجي. قد تجد فيه سيلاً من المعلومات المستوردة عن العالم كله عدا الموطن «الخليج»؟!
طبعاً هذه ليست قضيتي إنما اردت الوصول منها إلى القول إن المال لوحده لا يصنع إعلاماً رغم أهميته الحاسمة.
العامل الثاني كما حددت.. هو كفاءة الكادر البشري والتقني.. هذا العامل… يتصل إلى حد كبير بالعامل الأول الذي هو المال. ألمحت أكثر من مرة إلى التطور اللاحق بوسائل الاتصال والاعلام والذي كان من آثاره الايجابية أنه سهل نقل التقنيات الإعلامية ووضعها بتصرف المجتمعات بتكلفة أقل بكثير حتى لتبدو – تقريباً – بمقدور الجميع. ولو كان مبدعوها ومطوروها هم بالشكل الطبيعي الأقدر على استثمارها.
أما الكادر البشري فبرأيي الشخصي هو متوافر عندنا وقادر أولاً على التعلم… ثم على التطور.. وأخيراً على الابداع أو الانتاج الجيد. وما نراه من حالة الاعلامي الوطني المتصفة بتراجع المقدرة فهو عائد لتأثره بالعوامل الأخرى وبشكل خاص منها العامل الثالث والذي هو برأيي الأهم..
هي مسألة المعلومة والخطاب الاعلامي… هذان يحددان إلى حد بعيد منهج التفكير والنشاط الاعلامي في مجتمع ما ويرتبطان مباشرة بمسألة الحرية. في منهجنا العملي الذي مارسناه للتطوير والتحديث كان هناك دائماً تشدد غير طبيعي ومضحك أحياناً في تقديم المعلومة للإعلام أو التسهيل أمامه للحصول عليها!!! حياتنا كلها اتسمت بالسرية.. لا تعلي من صوتك يسمعنا العزول.. هذا مرتبط بأجواء حياتنا كلها.. اجتماعياً وسياسياً وحتى اقتصادياً..كله سري وتحت طائلة الاتهام العنيف قبل العقوبة الأقل عنفاً لأن الاتهام كان كاذباً.
يترافق الفقر بالمعلومات برسم حدود الخطاب الإعلامي وحتى لغته وأسلوبه… تحت تأثير الخوف غير المبرر غالباً.
الإغلاق على المعلومة ومنع تداولها ما أمكن والتحكم بالخطاب الإعلامي… وتضييق الحريات هو المؤثر الأكبر لغياب اعلام يتناسب مع الامكانات المتاحة على الأقل.
في ضوء ذلك كله أين يستقر واقعنا الاعلامي؟ نتابع…
as.abboud@gmail.com