خلال مؤتمر تطوير القطاع الزراعي “نحو اقتصاد زراعي تنموي وتنافسي “،تم تحديد التحديات التي يعانيها هذا القطاع على مستوى السياسات الكلية والاقتصاديات المحلية لكلّ منتج، بعيداً عما يعانيه هذا القطاع من انعدام لرؤية واضحة لدوره في دعم الاقتصاد الوطني،إن على مستوى الحيازات الصغرى وكيفية التعامل معها لأهميتها مع الأخذ بعين الاعتبار ما ستقدمه الحكومة لهذه الحيازات،وصولاً إلى الحيازات الأعم والأشمل،لاسيمااذا ما علمنا أن توجهنا في هذه المرحلة باتجاه تطوير الإنتاج الزراعي ودوره في دعم الاقتصادالمنزلي من جهة،ودعم الاقتصاد الوطني من جهة أخرى .
بداية نقول: إن كلّ الحقائق الجغرافية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية تؤكد دون شك أن بلدنا يمتلك إمكانات كبيرة لإنتاج سلة واسعة التنوع من المنتجات الزراعية النباتية والحيوانية،لأن الله حباها بموقع جغرافي فريد،وتنوع بيئي نادر،وفلاح مبدع نشيط،وموارد أرضية ومائية وفيرة،وفصول أربعة متمايزة، جعلت منها عبر التاريخ ولقرون خلت من الزمن مخزناً غذائياً ليس لسكانها فحسب بل لتمويل أعداد كبيرة من البشر بسبل العيش،لكن وبكلّ أسف الممارسات غير الرشيدة، والسياسات الزراعية الانفعالية المفتقرة للنظرة الاستراتيجية، خلقت واقعاً ينذر بعكس اتجاه المسار التاريخي لزراعتنا،الأمر الذي أحبط دوره في تحقيق الأمن الغذائي لأجيال قادمة .
ما أشرنا إليه يتطلب الإسراع في إعادة توجيه بوصلة التخطيط الزراعي إلى الاتجاه الصحيح،وفق استراتيجيات ورؤى تحلل الواقع وتستشرف المستقبل،وتضع البرامج والخطط التي تضمن استدامة الإنتاج الزراعي مع الحفاظ على الموارد المحدودة،وهذا ما أكد عليه السيد الرئيس بشار الأسد في كلمته أمام أعضاء مجلس لشعب عند افتتاح الدور التشريعي السادس .
فقطاعنا الزراعي وأمننا الغذائي بحاجة لمراجعة ملحّة لمجموعة من العوامل والاتجاهات المترابطة في التخطيط والسياسات الزراعية المنفذة عبر عقود خلت،هذه العوامل حققت في ظاهر الأمر نوعاً من الاكتفاء الذاتي ووفرة في المنتجات الزراعية،وفوائض تصديرية لكثير من السلع الزراعية،وأرقاماً إنتاجية قياسية للعديد من الحاصلات منحت البلاد مواقع متقدمة على قائمة الإنتاج الزراعي العالمي،لكن على براءتها عملت تلك السياسات على تقويض استدامة الإنتاج الزراعي،واستنزاف الموارد الطبيعية المحدودة،وخلق حالة تنافس بين الإنسان والثروة الحيوانية على موارد الأراضي والمياه الشحيحة بالفعل،وتبديد الدعم الذي خصصته الحكومات المتعاقبة عن طريق توظيفه في الاتجاهات غير النافعة،أو عن طريق العمل بمنظومات تنفيذية افتقرت إلى واحد أو أكثر من العوامل المطلوبة لتحقيق منافع للمنتجين الزراعيين من ذلك الدعم،الأمر الذي خلق اضطراباً في توازن التنمية .
مما تقدم نريد لهذا القطاع أن يلعب دوراً أساسياً في دعم اقتصادنا الوطني لاسيما اذا ما علمنا أنه يتمتع بكلّ المقومات التي تعطيه هذا الدور اذا توفرت النيات الصادقة لدى المعنيين .
حديث الناس- اسماعيل جرادات