الثورة أون لاين – سلوى إسماعيل الديب:
بمحاولة متواضعة للخوض في عتبات العمل الروائي “البيت الكبير والدور المفقود … (الكارثة لا تطيل المكوث) ” للأديب طالب اليازجي والدخول في خباياها، حاولت الخوض في العنوان ومجاوراته، لأبدأ بأحد مجاورات العنوان، وهو الغلاف حيث إنّه يشكل دقة بالإخراج والتصميم، وقد حمل الغلاف لوحة لمنطقة أثرية بلون ضبابي ولون الآثار المثير الموشى بالأصفر بمحاولة من الكاتب لربط الواقع بالماضي؛ وبما أن الحاضر يمثل الزمن الآني، لذلك يخضع الماضي إليه، فقد كتب اسم المؤلف بالخط الأسود في أعلى الصفحة ووسطها وقد سورت الكلمات بلون أبيض بمحاولة لجذب المتلقي للتمعن باسم الراوي، حيث تقدم على اسم الرواية، وبما أن العنوان من أهم العتبات النصية حيث يسهم في توضيح دلالات النص ومعانيه الظاهرة والخفية، فلابد من دراسة تحليلية له من خلال ثلاثة مستويات منهجية سيميوطيقية؛ حيث إن العلامات والرموز لهما الفعالية والتأثير؛ ويمكننا الذهاب إلى البنية و الدلالة والعلاقات الوظيفية. فقد قسم العنوان لثلاثة أجزاء كتب “البيت الكبير” بخط كبير ولون أحمر وما يحمل هذا اللون من إثارة انتباه للمتلقي، ولفت النظر أن البيت الكبير هو محور أحداث ملجأ الأيتام، الذي عاش فيه البطل وأثبت ذاته، وكتب تحته بخط أصغر ولون أسود “الدور المفقود” كدلالة على المعنى العميق الذي يعبر عن الفقدان والحرمان، وتخلي عائلته عنه، كحل لخلافات ونزاعات والدته وزوجها، ليعود ويكتب في وسط الصفحة بخط أبيض دلالة على انبعاث الأمل بعد الحدث الجلل المحزن ” الكارثة لا تطيل المكوث”، حيث ينجح ويدخل كلية الطب ليكلف ببعض الخدمات ضمن مجموعة أو فريق عمل ليثبت تميزه، ونرى أنه قد كتب بطريقة فنية في الزاوية السفلى من جهة اليسار على الغلاف اسم دار النشر “توتول”…
طرحت الرواية بداية مشكلة اجتماعية شائكة هي الطلاق ومفرزاته وانعكاسه على الأطفال من تشرد وصولاً بالبطل جبران أو جنكيز كما أطلقت عليه والدته إلى الميتم، حيث استعمل الكاتب الخطف خلفاً، ليسرد لنا خلال ومضات قصصية طفولته ذكرياته وسطوة الرجل وضعف الأنثى متمثلة بوالدة جبران وزوجها وإحضاره للميتم، والغيرة الأخوية البريئة، ويتابع ضمن حبكة سردية مميزة، وبناء درامي مشوق، ليجد الدعم من طبيبة الميتم التي كانت أحد تلاميذ الميتم، ويدرس الطب، فتميز بعقله المفكر الذي يحاكم الأشياء والأفكار بتعمق، فامتلك المعرفة وسبر أغوارها مستشهدا بمقولات لكبار الكتاب مثل تولستوي وليكون للبطل بصمة مميزة في الميتم باقتراح تشكيل لجان لكل شأن في الملجأ يقوم عليه التلاميذ أنفسهم، ونجد أن الرواية تأخذ بعدا فلسفيا، وتضمنت الكثير من المواعظ والأقوال التي تحمل عبرة التاريخية “أخبرتني الطبيبة أثناء زيارتي لها في العيادة الخاصة بها بأن التاريخ يجب أن يراجع مراجعة موضوعية تأخذنا إلى إعادة قراءته قراءة ترحل بنا إلى مستقبل لا يتضمن أخطاء الماضي”.
ونراه في موقع آخر يتناول التاريخ ومآثر المرأة.
ويكون عضو في مجموعة عمل أو فريق له اهتمامات ثقافية ومعرفية، ولكن يؤخذ على العمل الغوص في سرد أحداث وتحليلات في علم الاقتصاد السياسي، تأخذ القارئ بعيداً عن العمل الروائي السردي، فينفصل العمل الروائي عن المداخلات التي تضمنه فيظن القارئ أنه أمام إحدى المحاضرات في علم الاقتصاد السياسي، برغم أهمية ما يطرحه وغناه بالمعلومات لكنه يسهب بالخوض في التفاصيل لدرجة ينسى القارئ أنه أمام عمل روائي فهو أقرب لكونه دراسة فكرية، لتفقد الرواية جاذبيتها وتسلسلها، الأولي وكان الأحرى به فصل العمل الروائي عن الدراسات الفكرية ليشكلا مؤلفين لا يقل أحدهما قيمة وغنى عن الآخر حيث يغلب في القسم الثاني من العمل الدراسة الفكرية على السرد الروائي.يثبت أنه باحث مطلع واسع الثقافة والاطلاع فيشرح الليبرالية نشأتها ومراميها وصولا كما قال الباحث الطالب: “نتابع معه مفاعيل قرار زيارة سورية، تنشد نشد عالم ليبرالي انطلاقاً منها وفق جدول أعمال دام، حيث انطلق جبران برفقة آلهة الأرض جميعاً شرقها وغربها إلى لثم دم ينزف ، اجتمع العالم وتوافق على إراقته أضحية لما يزعم أنه إقامة عالم جديد عبورا فوق جسد سورية الجريح”.