الثورة أون لاين – ريم صالح:
76 عاماً مرت على بدء تنفيذ ميثاق الأمم المتحدة، ومبادئها المتعلقة بحل النزاعات بين الدول سياسياً، ويبقى اللافت أنه خلال هذه السنوات إلى يومنا هذا فإن هذه المنظمة الأممية لم تتمكن من تحقيق أي من الأهداف التي أنشئت من أجلها، فلا هي استطاعت حفظ الأمن والسلام العالمي، ولا هي تمكنت من إيقاف الحروب، ولا هي أيضاً لجمت الأنظمة الاستعمارية، وكبحت جماح أطماعها التوسعية، ولا هي وضعت حداً لسياسة الابتزاز الأميركية عبر نافذة الحصار والعقوبات الاقتصادية أحادية الجانب اللا شرعية، واللا قانونية، واللا أخلاقية، ولا هي منعت أيضاً إدارة الإرهاب الأميركي، وكيان الأباراتيد الصهيوني من استخدام الأسلحة المحظورة كونياً، ولنا في قصف الرقة، وغزة بالفوسفور الأبيض، والمنضب، خلال السنوات الأخيرة، خير شاهد وبرهان.
ليكون السؤال لماذا بعد كل هذه السنوات لم تحرك الأمم المتحدة ساكناً، ولم تنصف مظلوماً؟!، هل هي السطوة والهيمنة الأميركية تفعل فعلها حقاً، فتقزم من شأن هذه المنظمة الأممية؟!، أم هل هو الخوف من مسؤولي الأمم المتحدة على مناصبهم ورواتبهم التي يتقاضونها من الأميركي، تدفعهم إلى السكوت عن جرائمه، بل والامتثال إلى رغباته الدموية، مهما كانت دونية، ولا إنسانية؟!.
للأسف ما نلمسه اليوم هو أن هذه الهيئة الدولية تحولت من منظمة أممية مهمتها الأساسية احترام مبدأ المساواة في السيادة بين الدول، وإنصاف المظلومين، وإرجاع الحقوق المغتصبة إلى أصحابها، وتحرير الأراضي المحتلة، إلى أداة يحركها نظام الإرهاب الأميركي كيفما شاء، ويجعلها تعقد الجلسات والمؤتمرات عندما تتطلب مصالحه وأهواؤه العدوانية ذلك، وأيضاً يأمرها بالسبات، وغض البصر، وشل البصيرة عندما تستوجب أجنداته ذلك.
واليوم وتحديداً في الـ 24 من تشرين الأول باعتباره يصادف الذكرى السنوية الذي دخل فيه ميثاق المنظمة الدولية حيز التنفيذ في عام 1945 لنا أن نسأل: إلى متى سيستمر حال المنظمة الأممية على ما هو عليه؟!، ألم يحن الوقت لمسار تصحيحي يضع النقاط على الحروف، ويحق الحق، ويحاسب القتلة، والمارقين، والمتلطين بسيف القانون الدولي وهو منهم براء؟!.
ومن باب العلم فإن سورية عضو مؤسس في الأمم المتحدة، وشاركت في وضع الميثاق بوفد برئاسة السفيرين فارس الخوري، وفريد زين الدين، اللذين وضعا المادة 78 من الميثاق والتي تنص على أنه “لا يطبق نظام الوصاية على الأقاليم التي أصبحت أعضاء في هيئة الأمم المتحدة إذ إن العلاقات بين أعضاء هذه الهيئة يجب أن تقوم على احترام مبدأ المساواة في السيادة” وساهمت هذه المادة في حصول الكثير من الدول على استقلالها، ورفع عدد دول الأمم المتحدة من 51 إلى 193 دولة.
ولكن إذا ما نظرنا ملياً وبعين المحلل المتفحص في الحراك التصعيدي والإرهابي الذي شهدته الأراضي السورية، ولغة المفخخات والأحزمة الناسفة، ومتاجرة الأميركي الرخيصة بدماء السوريين، وابتزازهم بلقمة عيشهم، وإصداره ما يسمى “قيصر”، ونهبه لحقول النفط والغاز، وأيضاً إذا ما تابعنا ما قام به المحتل التركي في الشمال من نهب وسلب ممنهج، ومحاولات تتريك قرى، وأرياف، وسلخ أراضي سورية، وإقامة قواعد غير شرعية، وكذلك تجنيده لكل إرهابيي الأرض، وعقده الصفقات اللصوصية مع إرهابييه الدواعش، والنصرة، وتوقيع الشيكات، وملء الجيوب، والأرصدة البنكية بمليارات الدولارات، وصولاً إلى ما يجري في الجنوب من محاولات إسرائيلية للاصطياد في المياه العكرة، أجل إذا ما نظرنا إلى ذلك كله، وسألنا أين الأمم المتحدة؟، أين مجلس الأمن من معاناة السوريين؟، لماذا لا تنفذ مبادئه؟، ولماذا، ولماذا؟، أسئلة كثيرة قد تجول في خاطرنا لتبقى الحقيقة الوحيدة التي يجب أن نسلم بها أنه في زمن شرعنة شريعة الغاب الأميركية، علينا ألا نستبعد شيئاً، أو نستغربه، وعلينا أن نوقن بأن إحقاق الحقوق منوط فقط بإرادة الشعوب الحرة، فوحدها القادرة على تصحيح المسار الأممي، وكسر أنف الهيمنة الأميركية المزعومة وإرجاع الحقوق المسلوبة.