طفل لا يتجاوز عمره العشر سنوات يلقي بجسده النحيل على الرصيف وبجانبه علب محارم صغيرة مبعثرة على الأرض، يهرع المارة اليه ويقومون بجمعها له، إضافة إلى مبلغ من المال على سبيل التعويض، لكن الامر ظاهره مختلف عن باطنه تماماً، فهي حيلة من حيل المتسولين !.
طفلة أخرى تركض خلف العابرين متوسلة لهم بعبارات: (والله بدي أكل، حتى تحصل على بعض النقود).
الكثير من الأطفال على شارات المرور يحملون في أيديهم علباً للبسكويت أو العلكة، وهذه العلب تكون حالتها مزرية وأغلب المشترين لا يأخذون ما يشترونه بل يلقون النقود لهؤلاء الأطفال على سبيل العطف والشفقة، وهناك أطفال آخرون يقومون بمسح زجاج السيارات أي نوع جديد من التسول !.
وفي مكان آخر امراة نظيفة الملبس لا يوحي مظهرها أنها متسولة تبكي بحرقة وهي تطلب بعض النقود لان حقيبتها سرقت، ولن يدور بذهن المواطن أنها محتالة.
رجل في منتصف العمر يحمل في يده دلة للقهوة المرة ومقابل كل فنجان يجب ان تعطيه ثمن خبز أولاده.
هذه الأساليب وغيرها الكثير امتهنها أطفال وشباب ورجال للتسول عن طريق استعطاف الناس والحصول على النقود، الأمر الذي يؤثر بشكل سلبي على مساعدة المحتاجين الحقيقيين.
وقد ازدادت هذه الظاهرة على أبواب المساجد، والجامعات، والمقاهي، وضمن الأسواق، إلى حد كبير في الأشهر الأخيرة، وخاصة بين الأطفال والنساء والشيوخ بسبب الفقر وغلاء المعيشة وتفشي البطالة وتدني القوة الشرائية، على الرغم من صدور القانون رقم 8 للعام 2019، والذي شدد من العقوبة المتعلقة بمعالجة ظاهرة التسول، لتصبح الغرامات متراوحة بين 10 آلاف حتى 100 ألف ليرة سورية، والحبس من شهرين حتى ثلاث سنوات كحد أقصى.
ويعتبر الأطفال المتسولون الحلقة الأكثر تعرضاً للخطر من بين المتسولين بشكل عام، لأنهم يكتسبون أسوأ العادات كالسرقة والتدخين والمخدرات، ويتعرضون في بعض الأحيان للاعتداءات الجنسية والاختطاف.
ظاهرة التسول هي في تزايد مضطرد، وهي صادمة وباعثة على الحزن و الألم، و تدل على أن المجتمع يعاني وضعاً اقتصادياً صعباً، والدليل أن أعداد المتسولين والمشردين المقبوض عليهم والذين أودعوا في دار تشغيل المتسولين قليل جداً، مقارنة مع أعداد المتسولين الموجودة في شوارع المحافظات كافة لذلك يجب تحجيمها أو التخفيف منها قدر الامكان وذلك بتحسين الوضع الاقتصادي وتحسين دخول الناس بشكل عام، وإعادة الناس المهجرة إلى قراهم و بلدانهم و مدنهم المحررة عن طريق الإسراع بتخديم هذه المناطق بالكهرباء والماء وغيرها من الخدمات الاخرى. لأن هناك عشرات الآلاف فقدوا أرزاقهم ومنازلهم نتيجة الحرب القذرة التي شنت على سورية، ووجد الكثير منهم أنفسهم مرغمين ومضطرين لدفع أولادهم إلى الشوارع للتسول حتى لا يموتوا جوعاً.
عين المجتمع – ياسر حمزه