اللغة انتماء وهوية

الملحق الثقافي:          

على الرغم من ثقل الواقع السياسي ّعام 2008م لم تكن اللغة العربيّة خارج اهتمام الّسيد الرئيس بشّار الأسد ، وفي القمّة التي عقدت في دمشق حينها ، دعا السيد الرئيس بشّار الأسد إلى وضع استراتيجية شاملة للنهوض بالثقافة واللغة العربيّة :
(أمّا في الجانب الثقافيّ والتربويّ، فأمامنا الكثير من العمل في ظلّ هجمة خارجيّة ثقافّية خطيرة تؤثر على انتماء الأجيال الناشئة لثقافتهم القومّية الأمّ).
والمنطلق لأيّ إنجاز في هذا المجال هو العمل على تمتين اللغة العربيّة على المستوى القوميّ باعتبارها الحامل الرئيسيّ لثقافتنا وانتمائنا وذاكرتنا.. وفقدانها يعني فقدان التاريخ.. وبالتالي فقدان المستقبل.
وأمام القمّة مشروع لربط اللغة العربيّة بمجتمع المعرفة، كي تكون لغتنا لغة للثقافة والحياة تحفظ كياننا وتصون هويتنا الحضاريّة.
ويجب أن نمضي في عملية الإصلاح الداخليّ الذي يلبي متطلباتنا الوطنية والتنموية وينسجم مع معطياتنا الثقافيّة وألاّ نتهاون في رفض أيّ شكل من أشكال التدخل في شؤوننا.. مهما اتخذ من عناوين ومهما توسل من أساليب واعتمد من أدوات.
فتجارب الأمس واليوم دللت كم كان مكلفاً فرض التغيير من الخارج وكم كان مكلفاً فرض نماذج سياسية أو اقتصادية مسبقة على الدول النامية.
أصحاب السيادة والسمو.. صحيح أنّ مدة القمة العربية تحسب بالأيام والّساعات القليلة ولكّنها محطّة هامة نضيف فيها لبنات إلى البناء الذي ننشده.. وصحيح أنّ العبرة ليست فيما نقوله في القمم بل فيما نفعله فيما بينها.. ولكنّ القمة أساسيّة في تحديد الاتجاه الصحيح والسّرعة الضرورية لكلّ ما سنقوم به لاحقاً.. وصحيح أيضاً أننا في القول وفي الفعل منفتحون على التعاون مع الآخرين في هذا العالم.. ولكن الأكثر صحة أنّ هذا التعاون يثمر فقط عندما نعتمد على أنفسنا.. فالقواسم المشتركة التي تجمع بيننا كعرب كثيرة وأساسيّة أمّا نقاط الاختلاف فعندما يجمعها إطار الحرص على أمتنا فلا بدّ للبناء المتين في مشروعنا العربيّ الذي نسعى لتحقيقه أن يكتمل).
وحين التقى السيد الرئيس بشار الأسد علماء الدين بجامع العثمان عام 2020م ركّز سيادته في كلمته الشاملة على اللغة العربية والمصطلح ، ومما قاله:
(اللغة العربيّة هي حامل الفكر والثقافة بشكل عام قبل أن تكون لغة القرآن.. هي الحامل الطبيعي.. عندما تندثر هذه اللغة أو تتراجع أو تضعف وهذا الشيء كلّنا نراه في المجتمع بشكل واضح وبشكل خطير ومخيف فيجب أن نعرف أنّ هناك حاجزاً وهناك غربة بين الإنسان وثقافته.. هذا شيء بديهي ،والشّيء نفسه بالنسبة للقرآن وهناك هجمة حتى على لغة القرآن.. كيف تتصورون القرآن من غير لغة ولو جرّبتم أن تقرؤوا لغة مترجمة للقرآن يعني كتاباً مترجماً ولكن ترجم أيضاً من الإنكليزيّة عاد إلى العربيّة فسترون أن هناك حاجزاً كبيراً بينكم وبين هذا الكتاب ولو تمكنوا من اللعب بهذه اللغة فسيكون هناك أيضاً حاجز بين المسلم وبين القرآن.. ما هي مشكلتهم مع القرآن؟ أن الرابط بين اللغة والعقيدة واحد ولا يمكن الفك ولكن يمكن ضربه.. كيف؟ عندما نضرب لغة المجتمع فسوف نطوق هذا القرآن بلغات غريبة وبميول غريبة يبقى المسلم وتبقى الصلاة ولكن تصبح كاللغات القديمة هي لغة صلاة وهنا يحصل الفصل بين ثقافة القرآن وثقافة المجتمع. اللعبة واضحة.. فلذلك لا نستطيع أن نفك اللغة عن العقيدة واللغة عن المجتمع والمجتمع عن العقيدة هي مثلثات أو مربعات لا يهم ولكن كلها مترابطة كالكرسي.. إذا الآن ضربنا قدم هذه الطاولة تسقط الطاولة كلها بقدم واحدة هكذا يتم الموضوع فاللغة مهمة جداً).
ويرى السيد الرئيس بشار الأسد:(هناك جانب أخير أمر عليه.. لا علاقة له بالسياسة ولا بالمؤامرات.. ولا بأي شيء.. له علاقة باللغة.. العروبة هي حالة حضارية وأهم شيء في الحالة الحضارية هو الثقافة التي تحملها.. والثقافة تعبّرعنها اللغة.. كيف يمكن أن نعبّر عن ثقافة ونحاور ضمن هذه الثقافة أو مع ثقافات أخرى دون لغة.. دون اللغة تتحول الثقافة إلى مولدة كهرباء كبيرة تولد الكثير من الكهرباء ولكن لا توجد أسلاك لكي تنقل هذه الكهرباء باتجاه المدينة أو المعامل أو أي مكان آخر.. هذا هو وضعنا الآن في ظل «عولمة الانترنت».. وأنا أتحدث الآن عن الجيل اليافع الذي بدأ يفقد اللغة.. وفقدان اللغة هو فقدان للارتباط.. أو بشكل أدق هو حالة غربة عن الثقافة التي ينتمي إليها هذا الإنسان.. هذه نقطة لا بدّ من التفكير بها.)
هنا نشير إلى أنّ اهتمام السيد الرئيس بشّار الأسد باللغة العربيّة ، والدعوة إلى العمل الفوري من أجل ذلك ، لاقت صدى كبيراً ومهماً لدى الكتاب والباحثين وممن تسميهم الدكتورة نجاح العطّار حراس اللغة العربيّة ، وكنا في حينها ( الخطاب والدعوة ) قد استطلعنا آراء الكثيرين من هؤلاء ، وهم من سدنة اللغة ، وحراسها، تركوا البصمات النبيلة في إثرائها ، والعمل للنهوض بها. 
           

العدد 1146 –  6-6-2023 

آخر الأخبار
تعاون أردني – سوري يرسم ملامح شراكة اقتصادية جديدة تسجيل إصابات التهاب الكبد في بعض مدارس ريف درعا بدر عبد العاطي: مصر تدعم وحدة سوريا واستعادة دورها في الأمة العربية لبنان وسوريا تبحثان قضايا استثمارية خلال المنتدى "العربي للمالية" بينها سوريا.. بؤر الجوع تجتاح العالم وأربع منها في دول عربية سوريا تعزي تركيا في ضحايا تحطّم طائرة قرب الحدود الجورجية هدايا متبادلة في أول لقاء بين الرئيس الشرع وترامب بـ "البيت الأبيض" بعد تعليق العقوبات الأميركية.. "الامتثال" أبرز التحديات أمام المصارف السورية الرئيس اللبناني: الحديث عن "تلزيم" لبنان لسوريا غير مبرر الأردن يحبط عملية تهريب مخدرات عبر مقذوفات قادمة من سوريا انعكاسات "إيجابية" مرتقبة لتخفيض أسعار المشتقات النفطية قوات أممية ترفع الأعلام في القنيطرة بعد اجتماع وزارة الدفاع   تخفيض أسعار المحروقات.. هل ينقذ القطاع الزراعي؟ رفع العقوبات.. فرصة جديدة لقروض تنموية تدعم إعادة الإعمار اليابان تعلن شطب اسمي الرئيس الشرع والوزير خطّاب من قائمة الجزاءات وتجميد الأصول من واشنطن إلى الإعلام الدولي: الرئيس الشرع يرسم ملامح القوة الناعمة 550 طن دقيق يومياً إنتاج مطاحن حمص.. وتأهيل المتضرر منها  الرياض.. دور محوري في سوريا من هذه البوابة محاكمة الأسد.. الشرع يطرح قلق بوتين وتفاصيل الحل   الشيباني إلى لندن.. مرحلة جديدة في العلاقات السورية–البريطانية؟