ساعة أو أكثر جمعتنا مع زملاء العمل في مكتب رئيسة الدائرة، وهذه المرة ليست بغرض ترتيب أوراق العمل الأسبوعي والخوض في أحاديث الهموم الحياتية والضغوطات المعيشية، بل للقاء زميلة غابت عنا عدة شهور بسبب مرضها وحاجتها إلى جرعات دوائية، وقد تجاوزت خمساً منها ولم يبق سوى جرعة سادسة حسب الخطة العلاجية ومتابعة الأطباء.
ومن رحلة علاجها تقول زميلتنا لينا، كنت كما باقي الناس أخشى وأخاف من كلمة جرعة، وأتخيل ماذا يمكن أن تكون وكيف تعطى وماذا سيحل بي بعدها؟.. خوف انتقلت عدواه إلى زوجي وأولادي ولكن سرعان ما تبدد عندما خضعت للعلاج عندها أدركت أن الجرعة هي عبارة عن سيروم يعطى كما هو الحال بعد العمليات الجراحية وفي الحالات المرضية الإسعافية حين اللزوم.
جرعات أمل وتفاؤل ووعي تدفقت إلينا بينما تحدثنا زميلتنا عن أهمية الوعي والتثقيف الصحي، اذ لا تستطيع رغم الألم التخلي عن دورها المهني في المشفى وأساءها منظر تواجد أكثر من مرافق تعاطفاً مع مريضهم علماً أنه قد لا يكون بحاجة للمساعدة مما يقيد حركة النزلاء الآخرين في الغرفة ويقلق راحتهم، وحضور الأطفال إلى هذا المكان هو الأكثر إيلاما وربما يسبب لهم أضراراً نفسية كثيرة.
هي صديقتنا كما عرفناها بانتقاداتها اللاذعة لأي تشوه مجتمعي.. تربوي أو اجتماعي أوصحي أو اقتصادي والتي لا تخلو من حس الفكاهة والإحساس بالمسؤولية وكثير من الثقة بالنفس والأمل بالغد الأجمل.
جرعة ود وإخلاص وحب تزودنا بها في جلسة دفء وطمأنينة تحتاجها أنفسنا لنخرجها من حالة الركض الروتيني الذي أصبح يأسر أيامنا، وتهفو قلوبنا إليها مع أصدقاء هم بقايا الأمل.