الوعي والحكمة.. صوت المثقّف السّوري الأصيل

الثورة – رنا بدري سلوم:
“لعلَّ المُثقَّفَ الحقيقيّ هو الذي يُقلِّصُ أكبرَ قَدْرٍ من السّلبيّات، ويُوسّعُ دائرةَ الإيجابيّات، وهو الذي يُسهمُ برُؤيتِه الواعية والمُستشرفَة للمستقبل، في انتشال المجتمع من أمراضه الكثيرة: الجهل، التَّخلُّف، التطرُّف.. هذا هو المُثقّفُ الذي نحتاجُ إليه”، بهذه الكلمات بدأ مدير منشورات الطفل في الهيئة العامّة السُّوريّة للكِتاب- رئيس تحرير مجلّة أسامة للأطفال الشاعر قحطان بيرقدار حديثه عن دورَ المُثقّف في بناء سوريا الجديدة الذي يتمثّـلُ في أنّهُ يجبُ أن يُشكِّلَ صمامَ أمان للمجتمع في مرحلة البناء الشاملة، بحيثُ يسعى إلى توحيد هذا المجتمع، وترسيخ المحبة والتفاهُم والتسامُح بين أبنائه مهما لاحتْ خطوبٌ أو فِتَن، كما ينبغي أنْ يكونَ الصوتُ الثقافيُّ السوريُّ مُتناغِماً ومنسجماً بين المُثقّفين على اختلاف أطيافهم، يُقدِّمُونَ معاً صوتاً مُوحَّداً، صوت يُعبّرُ عن الوعي والحكمة والتأثير الكبير في الناس ليكونوا يداً واحدةً في بناء سوريا الحُرّة.
أصوات ثقافيّة عاقلة حكيمة، تدعو إلى وحدة السوريّين واجتماع كلمتهم، وإلى ضرورة تمسُّكهم بالمُسامَحة والمحبّة والأُخوّة في سبيل المشاركة في بناء سوريا الجديدة وترسيخ الحريّة والديمقراطيّة فيها.
وأضاف: إنّ دورَ المُثقّف الحقيقيّ حالياً هو تعزيزُ الوعي بين أبناء الشعب السُّوريّ أولاً وأخيراً، وتَفهُّم مُعطَيات هذه المرحلة واستيعابها، والابتعاد عن التهويل والترويع والتشاؤم، والحضّ على الصبر والهدوء والحِلْم، وتقبُّل الرأي الآخر برحابة صدر، فالسُّوريّون حَصَلُوا على حُرّيّتهم بعد عقود مظلمة، وهذا إنجازٌ كبيرٌ ونعمةٌ إلهيّةٌ واسعة، ولكي يُحافِظُوا على هذه الحُرّية يجبُ أن يكونوا، على اختلاف أعراقهم وطوائفهم يداً بيد في سبيل بناء سوريا السّلام والاستقرار والمُعاصَرة، وتعزيز قيم المواطَنة والحُرّية والمَدَنيّة في أرجائها.
خاتماً بيرقدار حديثه بالقول: لقد انتهتْ مرحلةٌ قاتمةٌ امتدّتْ عقوداً من الزمن، وبدأت مرحلةٌ جديدةٌ تَعِدُ بكثير من الفرح والأمل والإنجازات الرائعة للسوريين، وهذا ما نرجو أن يتحقّقَ فعلاً في قادم الأيام، لذلك علينا أن ننسى تلكَ المرحلةَ المظلمة، وننسى الشُّروخَ التي سبَّبتْها في جسد المجتمع السوري بكُلِّ آلامها، ونبدأ من جديد شعباً واحداً في وجهِ أيِّ مُستجدّات قد تتنافى معَ طموحاتنا، وهذا لا يتحقّقُ إلّا بالتَّسامُح، الذي هو رُوحُ الأديان والشرائع كلّها، ولن يَعْبُرَ السُّوريُّونَ إلى الأمان إلّا بالتسامُح وبغيره من القيم الإنسانية النبيلة، فإذا لم يكُنْ ثمّةَ تعاوُنٌ وتَفهُّـمٌ ومُناصَحةٌ ومُصابَرةٌ ومُشارَكةٌ بينَ جميع أفراد الشعب السوريّ، فإنّ المركبَ ستتقاذَفُهُ الأمواجُ المُتربّصةُ العاتية، ولن يصلَ بنا إلى برّ المحبّة والسلام والرّخاء، وهنا تكمنُ أهميّةُ دور المُثقّف، في أن يُسهِمَ بحُـضُوره وكلامِه وموقفِه ومُنتجِه الثقافيّ الإيجابيّ في تعزيز بناءِ دولةٍ عصريّة عادلة ونَشْر القيم الخيّرة فيها على أُسُسٍ من الحُرّيّة والديمقراطية والاحترام الـمُتبادَل بينِ جميع مُكوّنات الشعب السُّوريّ الأصيل.
الثقافة حريّة والتزام
في حين يرى الأديب القاص عبد الله نفاخ أن للمثقف الدور الأبرز في بناء سوريا الجديدة، قائلاً: لقد غيّب المثقّف في المراحل السابقة تغييباً رهيباً منعه من أداء أي دور حقيقي وفاعل في المجتمع، وحُصر عمله في المنتديات الخاصة والندوات المغلقة.
وإذا كان المثقّف ينبغي له أن يستعيد دوره المحوري في بناء الدولة وتوجيه الجماهير، فذلك سيحمّله مسؤوليّة كبرى، فلا يجوز له أن تجرفه الأهواء أو الغرائز فيما يدلي به من آراء أو ما يكتبه من أدب وفكر، بل عليه إدراك حساسيّة دوره الجديد ومحوريّته، كما ينبغي له الحرص على استعادة ذلك الدّور فلا يجوز بحال ترك ساحة المسؤوليّة لمن لا يحسنون أداء واجباتهم أو لايعون أدوارهم كما المثقّفون الحقيقيّون.
كما أنه من واجب المثقّف- وفقاً للأديب نفاخ، أن يتمثّل الخير في ظاهره وباطنه وقوله وعمله أينما حلَّ، لا في مجالسه العامة وحدها، لأن مسؤوليته التي عليه النهوض بها يلزم منها أن يكون قدوة لمن حوله، والالتزام الخلقي عندئذ واجب ضروري عليه لئلا يبدو منافقاً أو على الأقل متناقضاً.
ولأن التزامه كان محدوداً فيما سبق لافتقاره إلى الحريّة، فإن الحريّة المنجزة التي انفتحت أبوابها له اليوم تحتاج في المقابل ذلك الالتزام، ذلك أن حريّة الفكر تقتضي في المقابل مثاليّة الأخلاق.
خاتماً بالقول: لا ننسى التأكيد على فكرة التمييز بين الحريّة والفوضى التي قد يدعو إليها بعضهم، فالحريّة الملتزمة التي تنسجم مع قيمنا ومبادئنا هي ما ننشده ونسعى إليها.
صحيفة – الثورة

آخر الأخبار
عيون ترقب أولويات وضمانات الاستثمار ..هل تكون سوريا القبلة الأولى ؟ بمشاركة 100علامة تجارية.. مهرجان النصر ينطلق غداً في الكسوة    الأطفال أكثر إصابة.... موجة إسهال تجتاح مدينة حلب الامتحانات تطفئ الشبكة .. بين حماية النزاهة و" العقاب الرقمي الجماعي " ! خطر صامت يهدد المحاصيل والماشية.. حملة لمكافحة "الباذنجان البري" بحلب  التحول الرقمي ضرورة لزيادة إنتاجية المؤسسات  الدولار.. انخفاض طفيف وأونصة الذهب تسجل 42.5 مليون ليرة "مياه اللاذقية": ٢٠٠٠ ضبط مخالفة مائية وإنجاز خمسة مشاريع رئيسة سلام: تعاون مباشر مع سوريا لضبط الحدود ومكافحة التهريب مع عودة "سويفت" لسوريا.. هل يتم الوصول للخدمات المالية الدولية بسهولة وشفافية؟ ما وراء إيقاف استيراد السيارات المستعملة؟ قرار ترامب.. باب في سور العقوبات حول دمشق أم هدم له؟ تشغيل وإحداث 43 مخبزاً في حلب منذ التحرير منتدى تقني سوري ـ أردني في دمشق الشهر الجاري   توعية وترفيه للحد من عمل الأطفال بريف القنيطرة إزالة بسطات وأكشاك في جبلة بين أخذ ورد خطوة للأمام أم تراجع في الخدمات؟  السورية للمحروقات تلغي نظام "الدور الإلكتروني" للغاز   معامل الكونسروة بدرعا تشكو ارتفاع تكاليف الإنتاج..  المزارعون: نحن الحلقة الأضعف ونبيع بخسارة   مخاوف مشروعة من انعكاس زيادة الرواتب على الأسعار سوريا تطوي صفحة العزلة والعقوبات وتنطلق نحو بناء الثقة إقليمياً ودولياً