صناع الجلاء.. تاريخ مجيد وإرث عظيم من الوطنية

الثورة – رفيق الكفيري:

الجلاء الذي نحتفل اليوم بذكراه التاسعة والسبعين، خير دليل وشاهد على ضروب الشجاعة والبطولة والبسالة التي سطرها أبناء الجبل الأشم كغيرهم من أبناء سوريا العروبة في مواجهة الغزاة والمحتلين..

وبهذه المناسبة العظيمة نستنهض ذاكرة التاريخ لتروي لنا عن بطولات الأجداد الذين رسموا ملامح الجلاء الذي ننعم به، فمن جبل العرب الأشم انطلقت الثورة السورية الكبرى عام 1925 ضد المستعمر الفرنسي بقيادة المجاهد سلطان باشا الأطرش، وعمت أرجاء سوريا لتسطر ملحمة بطولية، قدمت أكثر من خمسة آلاف شهيد، وشكلت الأساس لكل النضالات التي جاءت، وحققت الجلاء في السابع عشر من نيسان عام 1946، والذي فتح أبواب سوريا نحو الحرية والتقدم.

قائد الثورة السورية الكبرى سلطان باشا الأطرش ولد في بلدة القريا 5 آذار عام 1888، وتربى في مدرسة الجبل على حب الوطن والذود عن حياضه, وعارض بقوة الانتداب الفرنسي، وثار في 21 تموز عام 1922 بسبب خرق الفرنسيين لحرمة الضيافة، وأخذهم لضيفه أدهم خنجر الذي جاء يحتمي بداره, ومنذ إعلان الثورة السورية الكبرى عام 1925 ومبايعة سلطان باشا الأطرش قائداً عاماً لها, وجه عدداً من البيانات شدد فيها على الوحدة الوطنية ومواصلة الكفاح ضد الاستعمار الفرنسي، وجاء بيانه الأول (إلى السلاح إلى السلاح يا أحفاد العرب الأمجاد، هذا يوم ينفع المجاهدين جهادهم. (أيها السوريون لقد أثبتت التجارب أن الحق يؤخذ ولا يعطى، فلنأخذ حقنا بحد السيف، ولنطلب الموت توهب لنا الحياة).

المجاهد عقلة القطامي

ولد المجاهد عقلة القطامي عام 1889 في قرية خربا, التحق بالثورة السورية الكبرى وخاض معاركها ضد الاستعمار الفرنسي وجحافله, تربى في جبل العرب وأصبح صورة حية لأخلاق بيئته, وكان مثلاً أعلى في الدفاع عن الحرية والاستقلال, خابت آمال الفرنسيين في هذا الثائر والوطني عندما حذر الجنرال غورو بقوله: (إن الدورة الدموية التي تسري في عروقنا ليست فرنسية، ولا بريطانية، إنها عربية المنبع), وبعد أن احتلت جيوش الفرنسيين الجبل نزح مع قائد الثورة والمجاهدين إلى صحراء شرق الأردن حيث مكث 12 عاماً وما انفك خلالها يطالب بالاستقلال والجلاء عن سورية وعندما قطفت الثمرة الأولى بمعاهدة عام 1936 عاد إلى الجبل مع المجاهدين عام 1937 وكافأته جماهير شعبنا في سوريا ليكون في مجلسها النيابي لأعوام 1943- 1947.

المجاهد صالح القضماني

ومن أبطال وصناع الجلاء الذين لا يمكن للزمن أن يطوي بطولاتهم.. المجاهد صالح القضماني- قاهر الدبابة الفرنسية، كان في العشرين من عمره إبان الثورة، اشترك مع رفاقه المقاتلين من قريته قنوات في معركة تل الخاروف عصر اليوم الأول، وفي فجر اليوم الثاني تقدم صفوف المقاتلين في معركة المزرعة، وخلال المعركة خرجت مصفحة للعدو من مكانها واندفعت إلى الأمام، وأخذت تطلق نيرانها على الجهة التي كان القضماني يقاتل فيها فأصابته بأربع إصابات, ولم تخذله هذه الرصاصات الأربع ولم يأبه للدماء النازفة, بل صمد وانتزع كوفيته وضمد بها جراحه ووثب إلى سنام المصفحة وبندقيته بيده وصوب بندقيته إلى رأس قائدها فقتله ولاذ بقية الجنود في جوانبها، فقفز عن ظهرها إلى الأرض، وانقلبت المصفحة، واشتعلت فيها النيران، واستمر يقارع العدو رغم جراحه النازفة، حمل ابن قريته إبراهيم الجرماني الذي أصيب بالمعركة بجرح بليغ على ظهره ونقله إلى مكان خارج ساحة المعركة, وبقي شامخاً كالصفصافة إلى أن رحل إلى ديار الخلد عام 1991.

الشهيد سليمان العقباني فارس معركة المزرعة

كان في الخامسة والثلاثين من عمره عند إعلان الثورة السورية عام 1925، وفي مقدمة الأبطال الذين خاضوا غمار معركة المزرعة, يصول ويجول على ظهر جواده بين الجنود الفرنسيين ويضرب بسيفه كل من يلقاه، ولم يستعمل بندقيته، كتب المجاهد الدكتور عبد الرحمن الشهبندر في مذكراته عن الثورة، ومن برز في هذه الملحمة وفاق الأقران المرحوم سليمان العقباني من بلدة السجن فكان ينفرد عن المقاتلين ويهز صارمه وينادي (اشهدوا اشهدوا- اقرؤوا اقرؤوا)، وأصيب فارس في معركة المزرعة في الساعة الأخيرة من يوم القتال عندما كان يتعقب الجنود الفارين على مسافة بعيدة من ساحة المعركة وبرصاصة غادرة أردته شهيداً.

آل علم الدين

وقع اختيار أهالي مدينة السويداء على أحد أفراد أسرة علم الدين المشهورة بالشجاعة وقوة الشكيمة ليكون حاملاً لبيرق السويداء، وهو البيرق الأول في الجبل وتوارث آل علم الدين هذا الشرف الرفيع منذ مئات السنين وحافظوا عليه بدمائهم وأرواحهم، ففي الثالث من آب عام 1925 كان مجاهدو السويداء يستحثون الخطا إلى ميدان المعركة في المزرعة لوقف زحف الجيش الفرنسي إلى السويداء، وكان البيرق يخفق فوق رؤوسهم وحامله سليمان علم الدين وإخوته الثلاثة، وأثناء المعركة أدرك قائد إحدى فصائل العدو أن المعركة تستعر من الذي يحمل البيرق ورفاقه الذين يحيطون به فصوب رصاص مدفعه الرشاش إلى حامل البيرق، فأصابت رصاصاته سليمان علم الدين ومع دفقة روحه الأخيرة صاح بأخيه خليل البيرق، فتقدم وحمل البيرق وهو يهتف لعينيك يا بيرق العلا، وسار خطوات إلى الأمام رافعاً البيرق، ولكنه أصيب بطلقة في صدره، وقبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة حمل البيرق أخوه حسين فأصيب كذلك بشظية قنبلة أردته شهيداً، فحمله بعده أخوه أسعد وهو يهتف لبيك يا بيرق الكرامة، ولكنه أصيب برصاصة من مدفع رشاش فاستشهد مثل إخوته الثلاثة، ليحمل البيرق من بعدهم ابن عمهم فرحان, البيرق المخضب بدماء الإخوة الأربعة بقي خفاقاً مطرزاً بالبقع الحمراء التي صبغته دماء حماته وفي يوم واحد احتضن الثرى أربعة إخوة من أبطال آل علم الدين كتبوا تاريخا نضاليا بأحرف من نور.

صناع الجلاء تركوا لنا تاريخاً مجيداً وإرثاً عظيماً من الوطنية يجب أن نحافظ عليه لتبقى سوريا الجديدة واحدة موحدة عصية على كل الأعداء.

فعقيدة مجاهدي الثورة السورية الكبرى سلطان باشا الأطرش، والشيخ صالح العلي، وإبراهيم هنانو، ويوسف العظمة، وحسن الخراط، وفوزي القاوقجي، وأحمد مريود، ومحمد الأشمر، الراسخة بالانتماء للوطن، هي التي استطاعت أن تدحر جيوش الاستعمار الفرنسي، وتحبط كل المخططات الاستعمارية التي كان غايتها تقسيم البلاد ليتسنى لها نهب خيراتنا.

آخر الأخبار
بقيمة 2.9مليون دولار.. اUNDP توقع اتفاقية مع 4 بنوك للتمويل الأصغر في سوريا حمص.. حملة شفاء مستمرة في تقديم خدماتها الطبية د. خلوف: نعاني نقصاً في الاختصاصات والأجهزة الطبية ا... إزالة مخالفات مياه في جبلة وصيانة محطات الضخ  الألغام تهدد عمال الإعمار والمدنيين في سوريا شهادة مروعة توثق إجرام النظام الأسدي  " حفار القبور " :  وحشية يفوق استيعابها طاقة البشر  تفقد واقع واحتياجات محطات المياه بريف دير الزور الشرقي درعا.. إنارة طرقات بالطاقة الشمسية اللاذقية.. تأهيل شبكات كهرباء وتركيب محولات تفعيل خدمة التنظير في مستشفى طرطوس الوطني طرطوس.. صيانة وإزالة إشغالات مخالفة ومتابعة الخدمات بيان خاص لحفظ الأمن في بصرى الشام سفير فلسطين لدى سوريا: عباس يزور دمشق غدا ويلتقي الشرع تأهيل المستشفى الجامعي في حماة درعا.. مكافحة حشرة "السونة" حمص.. تعزيز دور لجان الأحياء في خدمة أحيائهم "فني صيانة" يوفر 10 ملايين ليرة على مستشفى جاسم الوطني جاهزية صحة القنيطرة لحملة تعزيز اللقاح الروتيني للأطفال فيدان: الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا تزعزع الاستقرار الإقليمي الجنائية الدولية" تطالب المجر بتقديم توضيح حول فشلها باعتقال نتنياهو قبول طلبات التقدم إلى مفاضلة خريجي الكليات الطبية