بين الاستعمال “الواعي” والاستهلاك “الأجوف”..

الثورة – لميس علي:

في الزمن الراهن، هل نحن من يستخدم الأشياء أم هي التي تستخدمنا وتستهلك وقتنا ومشاعرنا فتغيّب وعينا..؟
ثمة فرقٌ واضح بين الاستعمال والاستهلاك..
حتى الأشياء اللا مرئية، المعنوية، غير الملموسة يمكن أن تدخل ضمن هذا التمايز ما بين الاستعمال والاستهلاك..
كيف نقي مشاعرنا ورغباتنا وكل ما يغلف إنسانيتنا من دخولها في دائرة الاستهلاك التي تدور في عجلتها مختلفة تفاصيل الحياة اليومية المعاصرة..؟
في كتابها (الوضع البشري) حدّدت “حنا أرندت” وجود بعدين للوضع البشري، هما: الحياة التأملية والحياة النشطة، وهذه الأخيرة تتكوّن من ثلاثة أنشطة هي: (العمل، المنجز/الأثر، والفعل).
وبينما ينحصر العمل/الشغل في إنتاج أشياء نستهلكها، مصيرها الزوال.. يتولّى المنجز/الأثر إنتاج أشياء تدوم، هو ما ينتج الإنسان من خلاله الإنسانيات والثقافة، ويشتمل على إنتاج أشياء ترتبط بالعالم الاصطناعي أيضاً.. أما الفعل فهو ما يرتكز على علاقتنا بالآخرين.
لاحظت “أرندت” كيف أن الحداثة أثّرت بخصائص كل من (العمل والأثر) لأنها (غيّرت الأثر إلى عمل)..
وفي العمل تكون منتوجاته موجّهة للاستهلاك.. أمّا في الأثر فيحضر الإنسان بوصفه صانعاً ومنجِزاً..
والحاصل فعليّاً في العصر “الحالي” أن كل المنجزات تنحو لتدخل ضمن قاع (الاستهلاك)..
وعلامة الاستفهام التي تلد من غياب الحدود الفاصلة بين “الاستعمال والاستهلاك”، تدفع للتساؤل: كيف نحمي الجزء الأغلى من إنسانيتنا..؟
كيف نبعد المشاعر، الرغبات من الوقوع في فخ الإشباع اللحظي والاستهلاك المجّاني الذي يجرّدها من قيمتها وأهميتها..؟
ثم ما هي أدواتنا في الحفاظ على “القيمة” الحقيقية و”المعنى” الجوهري الوجودي..؟
وهل علينا أن نراهن على الفعل بوصفه الحيّز الذي يربطنا بالآخرين..؟
وكما لو أن الأفعال تأخذ دوراً وسطاً بين “الاستعمال” و”الاستهلاك” أو يجب أن تكون كذلك..
وكأننا ننقل بذلك “الفعل” ليغدو “الحيز” الذي يحمي استعمال الأشياء.. سواء أكانت حسية ملموسة أو معنوية غير ملموسة.
كل ما يحدث حالياً من نمو حضور تطبيقات ذكية وذكاء اصطناعي يقلص المسافة لصالح (الاستهلاك).. حتى العلاقات العاطفية والحب أصبحت أداة استهلاك فوري مستعجل.
(ندرة) المعنى تُفاقم من الاستهلاك ومن الإشباع العجول..
فكيف نُعيد ترتيب علاقتنا بالأشياء من حولنا على أساس الاستعمال الواعي وليس الاستهلاك الآني الأجوف..؟
(لا شيء أكثر من التفكير فيما نفعل) بحسب “أرندت”..
ويجوز أيضاً إعادة التفكير والكثير من التأمل، وصولاً لتحصيل التوازن المبتغى بين الحياة النشطة الفاعلة والحياة التأملية التي لا نتوصل إليها من دون (العمل والفعل).

آخر الأخبار
سوريا: التوغل الإسرائيلي في بيت جن انتهاك واضح للقانون الدولي محافظ درعا يحاور الإعلاميين حول الواقع الخدمي والاحتياجات الضرورية جامعة إدلب تحتفل بتخريج "دفعة التحرير" من كلية الاقتصاد وإدارة الأعمال وزارة الداخلية تُعلق على اقتحام الاحتلال لبيت جن: انتهاك للسيادة وتصعيد يهدد أمن المنطقة شريان طرطوس الحيوي.. بوابة سوريا الاستراتيجية عثمان لـ"الثورة": المزارع يقبض ثمن القمح وفق فاتورة تسعر بالدولار وتدفع بالليرة دور خدمي وعلاجي للعلوم الصحية يربط الجامعة بالمجتمع "التعليم العالي": جلسات تعويضية للطلاب للامتحانات العملية مكأفاة القمح.. ضمان للذهب الأصفر   مزارعون لـ"الثورة": تحفيز وتشجيع   وجاءت في الوقت المناسب ملايين السوريين في خطر..  نقص بالأمن الغذائي وارتفاع بتكاليف المعيشة وفجوة بين الدخول والاحتياجات من بوادر رفع العقوبات.. إبراهيم لـ"الثورة": انخفاض تكلفة الإنتاج الزراعي والحيواني وسط نمو مذهل للمصارف الإسلامية.. الكفة لمن ترجح..؟! استقطاب للزبائن وأريحية واسعة لجذب الودائع  إعادة افتتاح معبر البوكمال الحدودي مع العراق خلال أيام اجتماع تحضيري استعداداً للمؤتمر الدولي للاستثمار بدير الزور..  محور حيوي للتعافي وإعادة الإعمار الوط... حلم الأطفال ينهار تحت عبء أقساط التعليم بحلب  The New Arab : تنامي العلاقات الأمنية الخليجية الأميركية هل يؤثر على التفوق العسكري لإسرائيل؟ واشنطن تجلي بعض دبلوماسييها..هل تقود المفاوضات المتعثرة إلى حرب مع إيران؟ الدفاع التركية: هدفنا حماية وحدة أراضي سوريا والتعاون لمكافحة الإرهاب إيران.. بين التصعيد النووي والخوف من قبضة "كبح الزناد" وصول باخرة محملة بـ 8 آلاف طن قمح الى مرفأ طرطوس