الثورة – بسام مهدي:
في زمن تتحول فيه تطبيقات الذكاء الاصطناعي إلى جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية، من الكتابة والترجمة إلى التخطيط الشخصي وحتى الدعم النفسي، يغفل كثيرون عن حقيقة مهمة هي أن هذه الأدوات الذكية ليست مساحات خاصة بالكامل، وقد تكون معلوماتك والمحادثات التي تخوضها عرضة للوصول من جهات متعددة، إذا اقتضى الأمر.
ما قاله رئيس OpenAI: الشفافية تحت القانون
مؤخرا، صرّح الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، بأن الشركة تحتفظ ببيانات الاستخدام بشكل مؤقت لأغراض التحسين والتدريب، وأنه يمكن تسليم هذه البيانات إلى جهات حكومية في حال صدور أمر قضائي بذلك.
هذا التصريح يأتي ضمن سياسة الخصوصية المعلنة بوضوح من قبل الشركة، لكنه غالبا ما يُتجاهل من قِبل المستخدمين العاديين، الذين يتعاملون مع ChatGPT وكأنه دفتر ملاحظات خاص أو صديق موثوق.
“لسنا منصة مشفرة من طرف إلى طرف مثل واتساب، ما تكتبه قد يُخزّن مؤقتا، وقد يُستخدم لتحسين النموذج أو يُسلّم في حال طلب قانوني رسمي”، تقول وثائق OpenAI الرسمية.
المحادثة ليست سريّة تماماً
المستخدم العادي قد يظن أن محادثاته مع ChatGPT محمية أو مجهولة، لكن الواقع مغاير، فالمحتوى الذي يُدخل في التطبيق – سواء كان أفكارا شخصية، خططا مهنية، أو حتى انتقادات سياسية – قد يُخزّن على خوادم الشركة الأمريكية لفترة معينة، وإذا طلبت السلطات القضائية هذا المحتوى، فبإمكان OpenAI قانونا تسليمه.
هذا يعني أن أي استخدام ينطوي على أسرار شخصية، معلومات مالية، تفاصيل سياسية حساسة، أو بيانات قد تُستخدم ضدك – ينبغي التفكير فيه مرتين قبل كتابته داخل التطبيق.
مع الانتشار الواسع للتطبيق في سوريا والعالم العربي، وخصوصا في الدول التي تفرض رقابة أو تتابع النشاطات الرقمية، يصبح فهم هذا الجانب القانوني أمرا حاسما.
فحتى إن لم تكن شركة OpenAI نفسها تتجسس على المستخدمين، فهي ملزمة بالتعاون مع حكومات، لا سيما تلك التي تربطها اتفاقيات قانونية مع الولايات المتحدة.
ما الذي ينبغي على المستخدم فعله؟
أولا، لا تكتب ما لا يمكنك الدفاع عنه قانونيا.
ثانيا، تجنّب مشاركة أي بيانات حساسة أو معلومات مالية.
ثالثا، لا تستخدم التطبيق كوسيلة للاعتراف أو الإفضاء بأمور شخصية خطيرة.
رابعا، افهم أن المحتوى قد يُستخدم لتدريب النموذج أو لتحليلات داخلية.
خامسا، تابع دائما سياسة الخصوصية المحدّثة لتعرف حقوقك وحدودك.
التكنولوجيا قوية، لكن الوعي أقوى
يقول المثل الرقمي: ” البيانات التي تدخلها على الإنترنت قد لا تُمحى أبدا “، وهذه القاعدة تنطبق بشكل صارخ على ChatGPT وغيره من تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي.
نحن أمام ثورة معرفية لا شك، لكنها أيضًا تتطلب يقظة قانونية وأمنية، فكما تُستخدم هذه الأدوات لصالح الأفراد، قد تُستخدم أيضا ضدهم إن لم يُحسنوا استخدامها، فكن حذرا وذكيا كما هو ChatGpt الذي تخاطبه.