ثورة أون لاين- مصطفى المقداد
ما إن بدأت بدايات العدوان السعودي على اليمن الذي لم يعد سعيداً، حتى تسابقت الحكومات الإقليمية لإعلان استعدادها في المشاركة في العملية العسكرية وتقديم كل أشكال الدعم الناري،
دون أن نجد منها تلميحاً لضرورة البحث عن مخرج سياسي يجنب اليمن ويلات الحروب والدمار وخطر التقسيم المحتمل، فهذه باكستان تظهر عضلات طياريها، كما الأردن وصولاً إلى تركيا التي تمادت في توجيه الاتهامات للحكومة الإيرانية ودورها في دعم أنصار الله، الأمر الذي استدعى رداً من جواد ظريف وزير خارجية إيران يدعو فيه تركيا لاتخاذ مواقف مسؤولة بعد أن تمادت في أوهامها السياسية، وإعادة تقييم الأخطاء الاستراتيجية التي ارتكبتها، فأي مستقبل مظلم ينتظر اليمن؟ وأي أهداف حقيقية تحكم مواقف تلك البلدان؟
لا ينفصل الوضع في اليمن عن الأحداث والتطورات التي تشهدها المنطقة العربية كلها، وخاصة مؤامرة الربيع العربي التي تهدف إلى تدمير الكيانات العربية كلها، والقضاء على كل قوة يمكن أن تشكل عامل تهديد للكيان الصهيوني، فاليمن الذي يحتضن جزءاً مهماً من تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية يعيش مخاضاً في تمديد رؤيته السياسية وموقفه من الصراعات والخلافات في المنطقة، فكان ساحة للمواجهة ما بين الخط المؤيد للمقاومة والرافض للمد الاستعماري والصهيوني من جانب، وبين الحكومات والأنظمة والمشيخات السائرة في ركب المؤامرة المتصالحة مع العدو الصهيوني، وكان تحويل البوصلة باتجاه الخطر الإيراني الأسلوب الذي اتبعته السعودية ومن خلفها قطر اللتين وظفتا أموال النفط العربية في تخريب وتدمير المجتمعات العربية وإشغالها في مواجهات وحروب وخلافات داخلية إرضاءاً للمخطط الصهيوني الذي يخطط ليكون القوة الوحيدة في المنطقة كلها..
يأتي اليوم دور التصعيد في اليمن بعد أن عاش أكثر من أربع سنوات من التوتر الداخلي المصحوب باستهداف بعض الشخصيات الإرهابية وتأجيج الخلافات الداخلية، والوصول إلى اتفاق قضى برحيل الرئيس وضمان عدم مساءلته واشتراط مشاركة سياسية كاملة لم يقدر لها النجاح أبداً بقرار متخذ مسبقاً في كل من الرياض والدوحة تنفيذاً لتعليمات الأجهزة الاستخباراتية في واشنطن وتل أبيب ولندن وباريس، إذ إنها كلها لا تقبل بمشاركة سياسية لمجموعة ترى في الكيان الصهيوني عدواً مصيرياً، وتتخذ موقفاً مقاوماً له، الأمر الذي قد يحول دون ضمان المرور الإسرائيلي في مضيق باب المندب وسهولة تحرك سفنه في البحر الأحمر. فضلاً عن أن وجود حكومة في اليمن موالية للكيان العدوان تجعل طائرات وصواريخ إسرائيل أقرب إلى إيران في أي مغامرة إسرائيلية في قصف المواقع النووية الإيرانية بعد الخلاف مع إدارة أوباما الماضية قدماً نحو توقيع اتفاق تاريخي مع طهران لا يحظى بموافقة دول الخليج ولا بمباركة تل أبيب.
تجتمع مقومات العدوان كلها ضد اليمن، كما تجمعت ضد سورية وبقية المجتمعات العربية، فتضرب الطائرات السعودية المواقع العسكرية اليمنية لتسمح لقوات الإرهاب التي قد تأتي من البر والبحر وتفرض واقعاً جديداً على اليمن يسهل المهمة الصهيونية المنتظرة، الأمر الذي يفسر عدم وجود رغبة لدى كل الحكومات الإقليمية في البحث عن مخرج سياسي للأزمة بدلاً من الإسهام القاتل في تأجيج المواجهة وتوسيع دائرة الصراع في يمن لا يكاد يخرج من صراعات داخلية واسعة حتى يدخل في أخرى أشد فتكاً وتقتيلاً وإرهاباً!.
صحيفة الثورة