كان موقفاً بارزاً ذلك الذي اتخذه عدد من خبرات كرة القدم السورية، وعلى رأسهم الكابتن عبد القادر كردغلي بمغادرتهم قاعة اجتماعات الجمعية العمومية الاستثنائية لكرة القدم، بعد أن صوَّت أعضاء الجمعية بالإجماع على بند إسقاط شرط الشهادة العلمية عمّن يرغب بالترشح لمجلس إدارة الاتحاد كرئيس أو كنائبٍ له أو كعضو.
البارز في المسألة لا يتعلق بالموقف من مسألة إسقاط الشهادة العلمية، ولكن لأن مغادرة القاعة جاءت بعدما كان البعض من حملة شهادات الماجستير والدكتوراة يستنكرون مقترح إسقاط الشهادة العلمية، وعند التصويت عليه وافقوا بلا تردد في مشهد يُجسِّد ما يمكن وصفه بالمراءاة الرياضي كرمى الحفاظ على منصب مُعيَّن على رأس إدارة هذا النادي أو ذاك.
لسنا هنا في معرض انتقاد إسقاط شرط الشهادة، فهذا الأمر بات خلفنا رغم أنه يعطي انطباعاً سلبياً عن توجهات أسرة كرة القدم السورية، ولكنَّا ننتقد حالة المراءاة والتلوُّن واللعب على أكثر من حبل، وعدم ثبات المواقف التي كانت سمة معظم أعضاء الجمعية العمومية، وهي حالة تؤكد أن كرتنا ليست في إيدٍ أمينة أبداً، لطالما أن السواد الأعظم من أبناء الوسط الكروي يفكر بالمنصب والمكسب قبل أن يفكر بالمستقبل الذي تترتب عليه مسألة استسهال الأمانة التي كانت في أعناق كل أعضاء الجمعية العمومية، التي كان يجب أن تتحمل مسؤولية رسم مستقبل مشرق لكرتنا بكل ضمير ومهنية.
طبعاً ومن دون أدنى شك لا يمكن استباق الأحكام بفشل من لا يحمل شهادة علمية بقيادة كرتنا، ولاسيما أن معظم حملة الشهادات ممن تولوا قيادة كرتنا على مدى العقود الماضية لم يحققوا أشياءً استثنائية، ولكن من أكبر مشكلات إسقاط شرط الشهادة أنه استُبدِل بشرط فضفاض إلى حد بعيد وهو شرط الخبرة لمدة خمس سنوات خلال عشرين عام!.
إذاً المشكلة ليست في القرار فحسب.. وإنما ببديله أيضاً، وليست في المواقف العلنية، ولكن فيما قيل في الكواليس، لأن كل ما سبق يكرّس حالة النفاق التي تعيشها أجواء الكرة السورية في كل جمعية عمومية من دون أن تكون الجمعية الأخيرة استثناءً عما سبقها.