الثورة – فادية مجد:
تُعدّ الكاتبة والإعلامية رشا النقري من الأصوات الأنثوية الصادقة التي حملت وجع الحرب وحولته إلى نصوص تنبض بالحياة، في عالم تتداخل فيه الحكايات الشخصية مع مآسي الوطن.
ابنة محافظة حمص والمقيمة في طرطوس، استطاعت أن تخلق لنفسها حضوراً متميزاً في فضاء الكتابة والإعلام.
صدر لها كتابان، هما نصوص ومقالات وخواطر، اتسم أسلوبها الأدبي فيهما بالبساطة العميقة، والصدق العاطفي، والقدرة على التقاط التفاصيل الصغيرة التي تشكل ملامح الحياة اليومية في سوريا.
أما حضورها الإعلامي، فهو امتداد طبيعي لروحها المتوثبة، حيث جمعت بين إعداد البرامج وتقديمها، لتثبت أن الإعلام ليس مجرد مهنة بل رسالة تحمل الوعي والموهبة والشغف، بالإضافة إلى الإيجابية والطاقة التي تنشرها في كل مكان.

بداياتها في الكتابة
تقول الكاتبة والإعلامية رشا النقري: “بدأت خطواتي في مجال الكتابة عام 2012 عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وكان أول نص كتبته: “أومت ليلى بوشاحها الأحمر، فتبعها الذئب لتنسج الحكاية.. أنا ليلى التي تبحث عن الذئب في الغابة”.
وتضيف: “ما دفعني للكتابة هو الواقع المرير للحرب وتبعاتها، فقدت خلالها أخي وخالي، وهنا كتبت وقلت: عندما لم أستطع البكاء، بدأت بالكتاب،. من منطلق أنه عندما يضيق علينا المكان ويهرب منا الزمن، وحدها الورقة تتسع لنا وبنا”.
وتشير إلى أنها كانت في عمر السادسة والعشرين عندما بدأت الكتابة، وكان البكاء دفعة واحدة من الحرب، والكورونا، ومن تفاصيل شخصية يعرفها كل إنسان عن نفسه، ومن هنا جاء عنوان كتابها “البكاء دفعة واحدة”، الصادر عن دار الأعراف، ليكون تعبيراً عن شعور عاشته وكتبت عنه.
إصداراتها ومشاريعها
يضم كتاب “البكاء دفعة واحدة” عدة مقالات ونصوص تعكس واقع البلاد في ظل الجائحة، وتداخلها مع كل ما يحيط بنا من ماضٍ وحاضر ومستقبل لا نعرف إن كنا سنكون فيه.
وتوضح أنها، مع وصول المقالات لعدد معين، قررت توثيق هذه المرحلة بما حملته من مشاعر قد لا تتكرر، كما كتبت أيضاً قصة بعنوان “ليلى تبحث عن الذئب في الغابة”، وهي قصة عن الحرب.
أما كتابها “رصاص وقيصر”، الصادر عن دار الأعراف أيضاً، فهو تتمة للواقع، حيث اعتادت على التدوين والنشر عن الواقع اليومي في سوريا، ونشرت في موقع “الياقوت السوري” للزميل حاتم موسى، الذي شجع خطواتها نحو الكتابة، وتدوّن الأحداث اليومية، خاصة المتعلقة بالغلاء وفقدان القدرة على تأمين مستلزمات الحياة.
كما تشير إلى أن رمزية “قيصر” لم تقتصر على الحرب، بل امتدت لتشمل كل ما يعترض طريق الإنسان الذي لا بد له من الاستمرار.
وبالنسبة لمشاريعها القادمة في مجال الكتابة، هناك ديوان “عتمة روح” قيد الطباعة، بالإضافة إلى مشروع كتابة مسلسل تلفزيوني.
من الكتابة إلى الإعلام
جاءت رحلة رشا النقري مع الإعلام من حبها للمجالات الإبداعية، فقد كانت في زيارة للمملكة العربية السعودية، حيث التقت بصديقة والدتها التي قالت لها: “وجهك تحبه الكاميرا”.
ورغم أنها كانت ترغب في دراسة التمثيل، لم تجد التشجيع الكافي من العائلة.
وفي عام 2009، درست دبلوم إعلام في الأكاديمية السورية للتدريب والتطوير في دمشق، وتخرجت عام 2011.
تتابع النقري قائلة: “رفضت أن أستسلم للواقع، وعلمت جيداً أن الكتابة هي اللبنة الأساسية في العمل الإعلامي، فأنشأت صفحة على فيسبوك، وبدأت أشارك الناس بعض الكلمات التي تطورت إلى جمل، ثم قصص، ثم روايات، كنت أكتب جملاً قصيرة، وأستيقظ على رسائل الأصدقاء: ‘تابعي، أكملي الحكاية ، فكتبت عدداً من القصص بشكل مباشر ومتقطع، وتزايدت المتابعة والتشجيع، ولكن توقف نشاطي عندما توظفت في المركز الإذاعي والتلفزيوني بطرطوس، ومع ذلك، فقد ساعدتني قدرتي على الكتابة واعتيادي على هذا النشاط في العمل الإعلامي”.
الدعم والطموح
الداعم الأول للكاتبة والإعلامية النقري هو والدتها ووالدها، فهي تنتمي إلى أسرة تحب العلم والتميز، كما تتلقى اليوم الدعم من زوجها، الذي يعمل في المجال الإعلامي نفسه، إضافة إلى دعم الأصدقاء والمتابعين.
وتختم الشاعرة رشا النقري بأن طموحها هو الاستمرارية، وتقول: “من تجربة، من يستمر يجد نفسه في أماكن أجمل مما كان يتوقع، الآن أجد نفسي بعد سنوات إعلامية وكاتبة، فالإعلام هو صورة الحياة، والكتابة هي حقيقتها”.