الثورة – رسام محمد:
يتميز الرخام السوري بتنوعه اللوني والجيولوجي الفريد، ما يجعله أحد الموارد الوطنية الواعدة التي يمكن أن تشكّل رافعة أساسية لقطاعي البناء والتصدير.
وعلى الرغم من المقومات التنافسية العالية التي يمتلكها الرخام السوري، تواجه هذه الصناعة الحيوية تحديات هيكلية وقانونية وتسويقية كبيرة، تجعلها في أمس الحاجة إلى خطّة إنقاذ استراتيجية لإطلاق العنان لإمكاناتها الكاملة في الأسواق العالمية.
أنواع فريدة
وأوضح مديرعام مؤسسة الجيولوجيا والثروة المعدنية الجيولوجي سراج الحريري أنّ سوريا تمتلك ثروة طبيعية كامنة في جبالها وسهولها، تتجلى في أنواع الرخام الفاخرة التي لا مثيل لها و الخارطة الجيولوجية السورية غنية بأنواع متعددة من الرخام، أبرزها رخام “البدروسي” المعروف بلونه الأبيض النقي وصلابته العالية.
وبحسب الحريري، هذا ما يجعله خياراً مثالياً للأرضيات والواجهات الفاخرة ورخام “الكسبي”، والذي يتميز بلونه البيج الفاتح وصلابته المتوسطة، ويكثراستخدامه في أعمال الديكور الداخلي، ويشتهر الرخام “التدمري” بلونه الرملي ومقاومته العالية للعوامل الجوية، وهو ما يجعله مناسباً للواجهات الخارجية.
وأشار الحريري إلى أن مناطق المحاجر الرئيسية تتركز في ريف دمشق، خاصة في الرحيبة والكسوة، كما تشتهر حمص وتدمر بالرخام الرملي والتدمري، بينما تحتوي اللاذقية وطرطوس على أنواع نادرة من الرخام البحري، وتُعد حلب مصدراً للحجر الكاشف عالي الجودة.

تحديات تعوق النمو
على الرغم من هذه الجودة العالية، أكد الحريري أن الصناعة تواجه تحديات رئيسية تعرقل تطورها، فمن الناحية التشريعية، تعاني الصناعة من ضعف قوانين الاستثماروقدم إجراءات التراخيص، مما ينفّر المستثمرين المحليين والأجانب،أما على صعيد البنية التحتية، فإن نقص الكهرباء وصعوبة المواصلات يؤثران سلباً على عمليات الإنتاج والنقل، ويرفعان التكاليف بشكل كبير كما إن التحديات التسويقية تبرز كعقبة كبرى.
ويقول: يغيب الترويج الخارجي المدروس للمنتج السوري، في وقت يغزو فيه الرخام التركي والإيطالي الأسواق العالمية، بفضل حملات تسويقية ضخمة ودعم حكومي قوي.
رؤية للإنقاذ
وأفاد إن النهوض بقطاع الرخام السوري يتطلب رؤية مستقبلية متكاملة، وترتكز هذه الرؤية على عدة محاور أساسية، أهمها تحديث المعدّات والتقنيات لزيادة الإنتاجية وتقليل نسبة الفاقد من المادة الخام أثناء عمليات الاستخراج والتصنيع وتطوير الكوادر البشرية عبر تدريب العمال والفنيين على أحدث تقنيات التصنيع والتسويق العالمية.
كما أنه من الضروري، بحسب الحريري، إطلاق علامة تجارية وطنية لإنشاء هوية موحّدة للرخام السوري تعزز قدرته التنافسية وتميزه في الأسواق الخارجية.
جذب الاستثمارات
وشدد على تقديم تسهيلات قانونية وجغرافية للمستثمرين، وتحسين بيئة الأعمال بشكل عام، فالرخام السوري ليس مجرد حجر، بل هو هوية ثقافية واقتصادية يمكن أن تساهم بفعّالية في إعادة بناء الاقتصاد الوطني.
وأخيراً.. لابدّ من تضافر الجهود بين القطاعين العام والخاص لتبني خطّة إنقاذ شاملة، تضمن لهذا الكنز الوطني مكانته التي يستحقها على خريطة الصناعة العالمية.