الثورة – أسماء الفريح:
مع تواصل اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي السورية في انتهاك سافر لاتفاق فض الاشتباك لعام 1974 وقواعد القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، تحدث الموقعان الفرنسيان “ميديا بارت” و”أوريان 21″ عن قيام الكيان باحتلال غير قانوني للمنطقة العازلة وتزايد التوغلات الإسرائيلية داخل القرى جنوب سوريا وعما يتعرض له السكان من قتل واعتقال خارج أي إطار قانوني.
وانطلق الموقعان من إعلان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو انهيار اتفاق عام 1974 بعد سقوط النظام المخلوع وإصداره الأوامر بالسيطرة على مواقع النظام في الجولان السوري المحتل وما تلا ذلك من احتلال غير قانوني للمنطقة منزوعة السلاح.
وذكر موقع “ميديا بارت” في مقال بقلم مرلين فيري أن القوات الإسرائيلية أنشأت بعد سقوط النظام ما لا يقل عن 8 قواعد عسكرية جديدة في المنطقة، بما في ذلك في مواقع استراتيجية، مثل: جبل الشيخ لترسيخ وجود عسكري دائم وفرض أمر واقع، متذرعة بمخاوف أمنية، ورغبتها في التحكم فيما يسمى “ممر داوود”.
وأشار الكاتب إلى أن سكان القنيطرة، يواجهون تصاعداً في العنف والعسكرة مثل إطلاق النار والاغتيالات، حيث أصيب الشاب محمد مكية البالغ من العمر23 عاماً قرب جباتا الخشب برصاص قناص إسرائيلي عندما كان يجمع الحطب.
وقال عم الشاب خالد مكية: إن “إسرائيل” تتصرف كقوة احتلال، معتبراً أن مقاومتها عبثية بعد أن عاش حروباً سابقة ورأى ما فعلته بجيرانه، مشيراً إلى أنها بدأت تفرض حظر تجوال في الغابة بعد الظهر، في الوقت الذي يذهب فيه السكان عادة لجمع الحطب وبيعه.
وأشار تقرير ميديا بارت إلى منزل كبير لا يزال قائماً على مرتفعات طرنجة، رغم الأضرار التي لحقت به، بعد أن استهدفته مسيرة إسرائيلية قبل أسابيع، وقتلت رجلاً هناك.
وتحدث الموقع عن قيام قوات الاحتلال بطرد 30 عائلة من الحميدية في الـ 18 من كانون الأول 2024 وهدمها منازلهم بعد أسابيع، ونقل عن صبحة فرج، وهي من المهجرين قولها عن قوات الاحتلال: “كانوا يصرخون.. هذه أرضنا، لا يحق لكم البقاء هنا”.
ووفق الموقع فإن القوات الإسرائيلية تقوم بعمليات تفتيش ليلية متكررة، وتنصب حواجز مؤقتة وتطوّق القرى، وتفصل الرجال عن النساء للتحقيق في عمليات تستمر ساعتين، ويجبر خلالها الرجال على الجثو وأيديهم على رؤوسهم.

وفي تقرير موقع أوريان 21 بقلم بولين فاشيه وشارل كواو، يقول: إن القوات الإسرائيلية منعت المزارعين من الوصول إلى أراضيهم القريبة من الحدود، ما أثر على نحو 200 عائلة، مشيراً إلى أن المزارع ناصر أحمد خسر بالفعل 75 رأساً من مواشيه برصاص إسرائيلي، حيث قال: إن ذلك بمثابة “رسالة تهديد” من الاحتلال لمنع المزارعين من دخول المنطقة.
كما استولى الاحتلال على مصادر المياه بعد أن سيطرت القاعدة الإسرائيلية قرب القطنية على سد المنطرة، وهو أكبر خزان مياه جنوب سوريا.
وذكر التقرير أن السائد بين السكان هو الشعور بالخذلان والعزلة والعجز الدولي، إذ يعتبر كثيرون أن الحكومة السورية الجديدة عاجزة عن مواجهة الاحتلال، وقال حسن، وهو مقاتل سابق في الجيش السوري الحر: “نحن مع الحكومة الجديدة، لكننا نعلم أنها لا تستطيع فعل شيء ضد الاحتلال الإسرائيلي”.
وأما بالنسبة لقوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك الموجودة منذ عام 1974 فإن صلاحياتها محدودة جداً وفق موقع أوريان 21، موضحاً أن قدرتها على تسيير دورياتها تقلصت بسبب الحواجز التي أقامها الجيش الإسرائيلي على الطرق المؤدية إلى المناطق الجديدة التي احتلتها “إسرائيل” في الجولان.
وقال والد أحد المختطفين بعد اتصاله بقوة الأمم المتحدة، “قالوا لي إنهم لا يستطيعون التدخل، لكنهم سيحاولون تحديد موعد مع الإسرائيليين”.
وختم الموقع بالقول: “إن عاماً واحداً كان كافياً لتبدل المشهد في القنيطرة، التي تحولت من منطقة كانت رمزاً للهدوء النسبي إلى ساحة احتلال عسكري معلن، يحرم فيه المدنيون من أراضيهم، والمنظمات الدولية صامتة، والسلطات السورية عاجزة، وآمال الأهالي تتضاءل يوماً بعد يوم”.
وكان السيد الرئيس أحمد الشرع، قال في لقاء مع قناة الإخبارية السورية في أيلول الماضي: إن “إسرائيل” كان لديها مخطط تقسيم لسوريا، ولكنها تفاجأت بإسقاط النظام، كما أنها اعتادت أن تعالج مشاكلها الاستخباراتية وفشلها الأمني في بعض الأحيان بأن تستخدم عضلاتها، وهذه ليست سياسة صحية، لأن المبالغة في المخاوف تؤدي إلى الحرب.
وأضاف الرئيس الشرع: “نحن الآن في طور نقاش مع إسرائيل، التي اعتبرت أن سقوط النظام هو خروج لسوريا من اتفاق عام 1974، رغم أن سوريا أبدت من أول لحظة التزامها به، وراسلت الأمم المتحدة، وطلبت من قوات الأندوف أن تعود إلى ما كانت عليه”.