وسائل التواصل الاجتماعي وحالة التوحش

فراس اللباد – باريس:

أظهرت دراسة حديثة أن حوالي 59% من الشباب يعتقدون أن وسائل التواصل الاجتماعي تؤثر سلباً في تقديرهم لذاتهم”.
مع ظهور الإنترنت، تناول العديد من الباحثين التوقعات المتعلقة بمسار تطور هذه الشبكة العنكبوتية، وكيف ستحول العالم بأسره إلى قرية صغيرة مرتبطة ببعضها البعض، كما حدث سابقاً مع التلفاز والراديو، وهما وسيلتان من وسائل الاتصال الجماهيري، حيث أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي أيضاً من أهم وسائل الاتصال الجماهيري وأكثرها تأثيراً، حيث أتاحت للجميع التواصل بفعالية وقوة، وقد شهدت هذه الخدمة تطوراً سريعاً وملحوظاً مقارنة ببداياتها، حيث كانت تقتصر على تطبيقات محدودة وبسيطة جدًا.

ولكن بعد فترة وجيزة، انتشرت الخدمة كالنار في الهشيم، لتشمل كل منزل وشركة ومركز، بل وتجاوزت ذلك لتصل إلى الشوارع في بعض الدول المتقدمة حول العالم، كل ذلك بهدف التخفيف من أعباء البشر في العمل والتواصل، واختصار المسافات في جميع الجوانب، لكن هذا التوحش الذي حصل غير منطقي ومبرر، إلا أننا نرغب في ذلك وننفذه عن قصد، ليس بهدف النقد وإنما بدافع الانتقام فيما بيننا، هذا هو التساؤل الأهم الذي يشغل بال الجميع.
لقد تجاوزت وسائل التواصل الاجتماعي دورها التقليدي كأدوات للتفاعل وتبادل المعلومات، لتصبح قوى مؤثرة تشكل الرأي العام، وتعيد تعريف الوعي المجتمعي، وتؤثر في السلوك البشري بطرق غير مسبوقة، حيث تحولت من مجرد منصات للتواصل إلى أدوات للمراقبة والتوجيه وتسليع الجوانب الإنسانية.
لقد شهدت هذه المنصات، التي أصبحت مألوفة لدينا جميعاً مثل فيسبوك وتويتر (المعروف حالياً بـ X) وواتساب وغيرها الكثير من مواقع التواصل الاجتماعي، تطوراً كبيراً وتنوعاً ملحوظاً، ما سهل العديد من جوانب الحياة وقرب الأفراد من بعضهم البعض، بمن في ذلك الأسر وأبناؤها.
إن حالة التوحش التي نشهدها عبر هذه المنصات غير منطقية ومثيرة للقلق للغاية، وأصبحت محط اهتمام للعديد من المهتمين في هذا الشأن يتم دراسة هذه الحالة المتطورة بعناية فائقة من قبل الأكاديميين والباحثين والصحفيين حتى، وكأنها مسرح يعبر فيه الجميع عما يدور في أذهانهم من عبارات وصور وغيرها الكثير والكثير.

ومع ذلك، فقد وصل الأمر إلى مرحلة مخيفة للغاية، وكأننا عبر هذه الوسائل ننتظر بعضنا بعضاً ليس من أجل المديح أو اكتساب المعرفة والمعلومات، بل من أجل ممارسة الكراهية بجميع أنواعها والمعارضة لمجرد المعارضة، وليس من أجل التصحيح أو البناء.

وبطبيعة الحال، لا يقتصر البناء هنا على البلدان والحجر فقط، بل يشمل بناء العقل والإنسان.

فدعونا يا كرام ألا نكون، كما قال الكاتب المصري يوسف السباعي: “نحن شعب يحب الموتى، ولا يرى مزايا الأحياء حتى يستقروا في باطن الأرض”.
بكل تأكيد، لا يرغب أحد منا أن يلجأ أي فرد إلى استخدام أسلوب عدائي في النقاشات عبر الإنترنت، حيث يتوارى خلف شاشات لا تُظهر أي اعتبار أو احترام للآخرين، بغض النظر عن هويتهم أو مكانتهم.

إن الكلمات الجارحة قد تكون مؤذية كحد السيف، وإذا كان كاتب هذه العبارات المدمرة والهجومية يمتلك القدرة على إلحاق الأذى بخصمه عبر الشاشة، فمن المؤكد أنه لن يتردد في ذلك.
بهذا التوحش أصبحنا نقتل بعضنا من خلف الشاشات الزرقاء، لا رحمة بيننا، فقط “أكون أو لا أكون” هكذا حالنا في هذا العالم الافتراضي.

دعونا نفكر ولو قليلاً قبل أن نكتب ونوبخ كل شيء، وأنا معكم لا أستثني نفسي لأنني على هذا المسرح أكتب وأجرح، ولكنْ كل منا له سيف يجرح به ويداوي، من دون أن يتسبب بقتل الآخرين أياً كان ذلك الآخر.

قالها الفيلسوف الألماني إريك فروم:” الخطر ليس في أن تمتلك الآلة، بل في أن يفقد الإنسان وعيه أمامها”.
لذا، دعونا نعمل جميعاً من أجل بناء الوطن والمساهمة في تقدمه، لا من أجل إعاقة جهود العاملين فيه.

لا تجعلونا نترحم على أيام ماضية اتسمت بالبساطة وغياب التطور التكنولوجي، بل دعونا نتكاتف من أجل الحب والتسامح والعمل البناء، ودمتم بخير.

آخر الأخبار
وفد  "كوفيكس" الصينية يبحث سبل التعاون مع غرفة تجارة وصناعة درعا استراتيجيات القطاعات الاقتصادية في عهدة هيئة التخطيط والإحصاء  خبير قانوني : الاعتداءات الإسرائيلية خرق للقانون الدولي المهارة تنمي شخصية الأطفال وترتقي بهم  في تطورات تعرفة الكهرباء.. مقترحات لجمعية حماية المستهلك تراعي القدرة الشرائية ما أسباب التحول الخطير في النظام النووي الدولي؟ اعتراف سوريا بـ كوسوفو... بين الرد الصربي وحق تقرير المصير الشتاء أفضل من أي وقت آخر لمعالجة الأشجار المثمرة الشيباني: الشرع يزور واشنطن وسوريا ماضية بخطا واثقة نحو ترسيخ الاستقرار تلميحات أميركية لاتفاق نووي سلمي سعودي-أميركي بلاغات الاختطاف في سوريا.. الواقع يدحض الشائعات "الداخلية" تستعرض ما توصلت إليه لجنة التحقيق عن حالات خطف في الساحل "الزراعة" تزرع الأمل.. مشروع الغراس المثمرة يدعم التنمية الريفية "دير الزور 2040" خطة طموحة لتنمية المحافظة وتحقيق الاستدامة الاقتصادية الشيباني يبحث مع نظيره البحريني تعزيز العلاقات وآفاق التعاون المتسول من الحاجة إلى الإنتاج جلسة خاصة حول إعادة إعمار سوريا ضمن أعمال "الكومسيك" في إسطنبول  الدواء والمستشفيات محور شراكة سورية ليبية مرتقبة التحولات الإيجابية في سوريا تقلق الاحتلال وتدفعه للتوغل في أراضيها الأسباب والتحديات وراء الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا