الثورة – منهل إبراهيم:
بالتوازي مع التحولات السياسية الإيجابية التي تشهدها سوريا، يواصل الاحتلال الإسرائيلي اعتداءاته داخل الأراضي السورية، ويصعد انتهاكاته بحق المدنيين وأراضيهم الزراعية، بشكل خطير وغير مسبوق، في انتهاك فظ لكل الشرائع والقوانين الدولية.
يترافق ذلك مع استمرار الكيان بالضغط عبر المنظمات المؤيدة له في واشنطن للإبقاء على العقوبات المفروضة على الشعب السوري، تحت ذرائع واتهامات واهية وتهديدات مزعومة.
هذه التوغلات والانتهاكات الخطيرة لحرمة الأراضي السورية، ترافقها سلوكيات تهدد أمن وسلامة المدنيين في قرى وبلدات الجنوب، عبر نصب الحواجز وتفتيش المارة، واعتقال البعض منهم، ناهيك عن استخدام الآليات العسكرية والدبابات التي باتت تشكل مصادر خوف وقلق للسكان المدنيين، حيث تزايدت في الآونة الأخيرة عدد التوغلات الإسرائيلية التي وقعت في ريف القنيطرة، باستخدام الدبابات والآليات العسكرية.
وبينما تتحرك واشنطن في اتجاه رفع العقوبات بشكل كامل عن سوريا، شهدت الجبهة الجنوبية تصعيداً ميدانياً جديداً، حيث توغلت قوات إسرائيلية، أمس (السبت)، في محيط قرية أوفانيا بريف القنيطرة الشمالي، مستخدمةً 12 عربة عسكرية وناقلات جند، وصلت إلى التل الأحمر، في خطوة تشكل انتهاكاً صارخاً وصريحاً لاتفاقية فصل القوات المبرمة عام 1974″.
وفي وقت سابق أكد محللون عسكريون لشبكة الأخبار البريطانية “بي بي سي” أن ما يجري في المنطقة العازلة هو “فرض أمر واقع جديد على الأرض” تهدف إسرائيل من خلاله إلى “منع دخول الآليات العسكرية من الجانب السوري مستقبلاً كخطوة عسكرية استباقية، لأن نواياهم هي قضم المزيد من الأراضي السورية”.
إلى ذلك أشارت “بي بي سي” أيضا إلى أن “إسرائيل” جرفت حرش كودنة في ريف القنيطرة الأوسط بمساحة تقارب 1,860,000 متر مربع من أشجار الصنوبر الثمري، بالإضافة إلى مساحة 150,000 متر مربع من محمية جباتا الخشب، المزروعة بأشجار السنديان المعمرة، و50,000 متر مربع في حرج الشحار بريف القنيطرة الشمالي وهي غابات صنوبر ثمري، إضافة إلى 50,000 متر مربع من الحراج على طول الطريق باتجاه القنيطرة.
وأضافت “بي بي سي” أن إسرائيل “تمنع المدنيين من الاقتراب من محيط القواعد العسكرية وأماكن الحفر والتوغلات، ما حول آلاف الهكتارات الزراعية إلى مناطق محظورة، وحرم المزارعين والرعاة والمدنيين من مصادر رزقهم، وتحركاتهم الطبيعية في مناطقهم”.
وتؤكد الوقائع على الأرض أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى للاستمرار بالتوغلات في الأراضي السورية، ويهدف إلى الإبقاء على الأوضاع في سوريا تراوح مكانها، لإضعاف الدولة السورية وكسب المزيد من الوقت لتمرير المشاريع الإسرائيلية في تفتيت البلاد، لما فيه مصلحة الاحتلال في قضم المزيد من الأراضي السورية ذات الأهمية الاستراتيجية والزراعية.
ومنذ سقوط نظام الأسد المخلوع أواخر 2024، كثّف جيش الاحتلال الإسرائيلي غاراته وتوغلاته داخل الأراضي السورية، متجاوزاً المناطق المحتلة من هضبة الجولان إلى عمق القنيطرة ودرعا وريف دمشق، تحت ذرائع واتهامات واهية وتهديدات وافتعالات تشعل فتيل الفوضى.
وتؤكد السلوكيات الإسرائيلية أن الاحتلال يسعى إلى استغلال الأزمات الإنسانية في سوريا وتحويلها إلى مدخل للنفوذ الأمني والسياسي داخل الأراضي السورية، في وقت يرى فيه مراقبون أن هذا السيناريو إذا تحقق، فإن البنية الوطنية ستتعرض لخطر تفتيت جديد، غير أن هذا الخطر قد يشكل في الوقت ذاته حافزا أمام السوريين لإدراك حجم التهديدات الإسرائيلية، والعمل على إجهاضها، وتعرية المحاولات الصهيونية للتدخل تحت ستار “المساعدات الإنسانية”، فالأمر مقلق ويثير مخاوف واسعة من استغلال الاحتلال للتوترات الداخلية لاختراق المجتمع السوري.
من جهتها ذكرت شبكة “سكاي نيوز” في وقت سابق أن مصادر مطلعة على جهود الضغط، أفادت أن مسؤولين إسرائيليين كبارا، بمن فيهم رون ديرمر، المساعد المقرب لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، شاركوا في التواصل مع المشرعين الأميركيين لإبقاء قانون قيصر ساري المفعول، في وقت يضغط فيه البيت الأبيض بشدة على الكونغرس لإلغاء عقوباته المتبقية على سوريا، والتي تعتبر الأشد قسوة بموجب قانون قيصر لحماية المدنيين.