الثورة – منهل إبراهيم:
في كانون الثاني 2025، اتخذت نشرة علماء الذرة قراراً تاريخياً بإبقاء عقارب “ساعة القيامة” عند 89 ثانية فقط قبل منتصف الليل، ووصفت النشرة هذا القياس في بيانها الرسمي بأنه “يمثل أخطر لحظة في تاريخ البشرية النووي”، مشيرة إلى أن “تفاقم التهديدات الوجودية المترابطة يضع العالم على حافة الهاوية”، وقد أكد البيان أن “الحرب في أوكرانيا، وانهيار التعاون النووي الدولي يشكلان المحرك الرئيسي لهذا التقييم الكارثي”.
وتؤكد قنوات إعلام غربية من بينها “رويترز” و”بي بي سي” و “سي إن إن” وغيرها أن الأدلة المجتمعة تشير إلى أن العالم يقف عند مفترق طرق تاريخي، فقد حذرت نشرة علماء الذرة في تقريرها الأخير من أن “استمرار الاتجاهات الحالية قد يؤدي إلى تقدم ساعة القيامة تلك النقطة التي لا عودة منها”، وأكد التقرير أن “طريقة إدارة المرحلة الانتقالية الحالية ستحدد مصير الأمن العالمي لعقود مقبلة “، ودعت النشرة إلى “تطوير أطر جديدة للتعاون الدولي تأخذ في الاعتبار تعقيدات النظام المتعدد الأقطاب”.
وفي وسط التحولات الجيوسياسية العميقة التي يشهدها النظام الدولي، تبرز استراتيجيتان متمايزتان للردع النووي تعكسان رؤى متباينة للأمن الدولي “نموذج “القياصرة” الروسي القائم على المرونة والتدرج في التصعيد، مقابل “نموذج “الكابوي” الأميركي المرتكز على التفوق التقني والقدرة على الإطلاق السريع.
وكشفت بيانات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) في تقريره السنوي الصادر في حزيران 2025 عن تحول جذري في هيكل الأمن النووي العالمي، وأوضح التقرير أن “النظام النووي الدولي يشهد تحولا تاريخيا من نموذج القطبية الثنائية الذي ساد منذ الحرب الباردة إلى نظام متعدد الأقطاب أكثر تعقيدا وخطورة”، مضيفا أن “هذا التحول يمثل نهاية لعصر الثنائية النووية وبداية مرحلة جديدة من عدم الاستقرار الاستراتيجي”.
وقال لورانس كراوس مدير نشرة علماء الذرة في عام 2017 إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحملان نصيبا كبيرا من اللوم في هذا المسار.
واستشهدت النشرة في ذلك التاريخ بعدم الاستقرار النووي وخاصة مع سعي الولايات المتحدة وروسيا لتحديث ترسانتيهما النوويتين وبقائهما على طرفي نقيض في بلدان مزقتها الصراعات مثل سوريا وأوكرانيا.
وأضافت النشرة في بيانها أن دعم الصين لباكستان في مجال الأسلحة النووية إضافة إلى توسع ترسانتي الهند وباكستان النوويتين من العوامل المقلقة أيضا.
وفي ذلك التاريخ لمح ترامب إلى أن كوريا الجنوبية واليابان قد تسعيان لامتلاك أسلحة نووية في مواجهة كوريا الشمالية التي أجرت تجارب نووية، كما أثار شكوكا في مستقبل الاتفاق النووي مع إيران، وهذا ما حصل في الآونة الأخيرة من تعثر المفاوضات النووية مع طهران، وعودتها إلى نقطة الصفر، وتفعيل آلية الزناد العقابية تجاه إيران.
وتتعلق “ساعة يوم القيامة” برمزية مجازية وليس بتوقيت نووي فعلي، وقد تم تعديلها إلى 100 ثانية قبل منتصف الليل في يناير 2022، وتم اتخاذ هذا القرار بعد الحرب الروسية على أوكرانيا عام 2022، والتي زادت من المخاوف من احتمالية استخدام الأسلحة النووية وسببت تغيير الساعة إلى أقرب وقت لها على الإطلاق، وبما أن الحرب في أوكرانيا مستمرة، تم تعديل الساعة في 2023 لتبقى عند 90 ثانية قبل منتصف الليل.
ويشير ضبط الساعة إلى مدى قرب العالم من كارثة وجودية، بما في ذلك المخاطر النووية، والتغير المناخي، وغيرها من التهديدات الكبيرة.