الثورة:
أكدت وزارة الأوقاف في بيان رسمي على حرمة المساجد وقدسيتها، وضرورة تجنيبها أي خلافات داخلية بين أبناء الشعب السوري، مشددة على وجوب احترام العلماء والمشايخ وطلاب العلم وصون مكانتهم الدينية والاجتماعية، في وقت تشهد فيه الساحة الدينية نقاشات واسعة على خلفية الجدل المتعلق بالشيخ محمد خير الشعّال.
وقال المتحدث الرسمي باسم الوزارة أحمد الحلاق في بيان صدر الأحد: إن المساجد بيوت الله ومواطن السكينة والإيمان والهدى، داعياً إلى الحفاظ على مكانتها وعدم تحويلها إلى منابر للانقسام أو الخلاف، وفق ما نقلت وكالة “سانا”.
وأشار الحلاق إلى ضرورة تنسيق العلماء والمشايخ المسبق مع إدارة شؤون المساجد قبل إقامة أي دروس أو أنشطة دعوية، بما يضمن حسن التنظيم والتكامل بين العمل الدعوي والإداري، مشدداً على أن الوزارة هي الجهة الرسمية الوحيدة المخوّلة بمتابعة شؤون الدعاة وطلاب العلم.
وأوضح البيان أن العلماء وطلاب العلم لهم مكانة رفيعة في الدين والدولة، ولا يجوز المساس بهم أو الاعتداء عليهم، مؤكداً أن أبواب الوزارة مفتوحة لتلقي الملاحظات والشكاوى بروح من المسؤولية والاحترام.
كما دعا البيان إلى تأليف القلوب وتوحيد الجهود ونبذ الفرقة، وفتح صفحة جديدة في تاريخ سوريا يشارك فيها الجميع في البناء والعطاء، ضمن مناخ يسوده الاحترام والمسؤولية المشتركة، انسجاماً مع مرحلة البناء والتمكين بعد التحرير.
ولفت الحلاق إلى أن الوزارة تعمل وفق رؤية الدولة وتوجيهات الرئيس السوري أحمد الشرع في جمع الكلمة وتوحيد الصف الوطني، وتجنيب المساجد أي خلاف داخلي حفاظاً على وحدة البلاد واستقرارها الاجتماعي والفكري، مؤكداً أن رسالة الأوقاف في عهد سوريا الجديدة هي رسالة الإسلام الرحيمة التي تقوم على التسامح والأخلاق ونشر الخير في ربوع الوطن.
وفي السياق ذاته، أصدر الشيخ محمد خير الشعّال بياناً عبر صفحته على منصة “فيسبوك”، قدّم فيه اعتذاراً علنياً عقب احتجاجات شهدتها بلدات عدة في ريف دمشق رفضاً لمحاضراته، واتهامات له باتخاذ مواقف رمادية خلال فترة حكم نظام الأسد المخلوع.
وقال الشعّال في بيانه: “عذراً لكل مكلومٍ ثائر ومرابط صابر آلمه يوماً قولي أو فعلي، فما أردت إيلامهم، وهم إخواننا على العين والرأس، ولهم علينا يدٌ لا تُنسى”.
وأضاف: “لقد كنا نُخْرِس النظام المخلوع – تحت الضغط والتهديد – بما لا نرتضيه من كلمات معدودة، وما كنا في ذلك إلا كالمضطر لأكل لحم الميتة.”
وكشف الشعّال أن الدعاة في مناطق النظام المخلوع واجهوا تهديدات واعتقالات، موضحاً أن شقيقه اعتُقل، وعدداً من أقاربه قُتلوا في أقبية المخابرات، كما فُخخت سيارته وصدر بحقه قرار اعتقال من فرع فلسطين.
وأضاف أنه فقد طلاباً من أنصار الثورة بين شهيد ومعتقل، وساعد من استطاع على الهرب لتجنب التجنيد الإجباري في جيش النظام المخلوع.
وبيّن أن الجمعية التي أسسها خدمت آلاف الأسر المتضررة، لا سيما من عائلات الثوار والمرابطين، وأن برامجه لتأهيل الشباب للزواج استفاد منها الآلاف، مؤكداً أنه لم يُفصح عن هذه التفاصيل إلا اضطراراً بعد تصاعد الجدل، قائلاً: “أستغفر الله من هذا البوح الذي كتمته سنوات، ولكن الضرورة ونصيحة الإخوان دفعتني إليه”.
واختتم بيانه بالقول: “إن أصبت فمن الله وحده، وإن أخطأت فأستغفر الله وأتوب إليه.
أبرأ إلى الله من كل جريمة ارتكبها النظام المجرم، وحاشا لله أن أكون ظهيراً للمجرمين.
والشام موعودة بخير كبير، تحتاج منا لمّ الشمل ورص الصف وتآلف القلوب، أليست هي شام الرسول صلى الله عليه وسلم؟.
ويُذكر أن بيان الشعّال جاء بعد أيام من احتجاجات متكررة في مدينتي حرستا وقارة بريف دمشق، حيث تم منعه من إلقاء محاضرات دينية في ظل رفض شعبي لظهور شخصيات دينية ارتبطت بمرحلة النظام المخلوع، وهو ما رآه مراقبون اختباراً جديداً لمدى قدرة الخطاب الديني في سوريا على تجاوز الانقسامات وإعادة بناء الثقة المجتمعية في مرحلة ما بعد الحرب.