بين القرار والصدى ..المواطن يشد أحزمة التقشف الكهربائي

الثورة – مريم إبراهيم:

بعد قرار رفع أسعار الكهرباء، مواطنون يلغون الاشتراك نحو استخدام الطاقة البديلة، و إغلاق عدة معامل و منشآت صناعية ومحلات تجارية ، وتسريح مئات العمال بسبب قرار الحكومة رفع  أسعار الكهرباء.
مزيد ومزيد  من الأخبار والتعليقات وردود الأفعال بشأن قرار رفع أسعار الكهرباء مؤخراً والذي عكس كماً كبيراً من عدم الرضى والقبول ، ولاسيما المواطن بدخله المحدود وقدرته الشرائية الضعيفة، حيث التعرفة الجديدة ستزيد الأعباء وترهقه أكثر ، وهو بالكاد يحافظ على النفس الأخير .
وفي صدى القرار عبر مواطنون عن عدم مراعاة التعرفة الجديدة لدخل المواطن الذي بات يضرب الأخماس بالأسداس لتدبير أموره.
عبدو الحمود وسومر علي أكدا أن القرار أضاف هموماً جديدة لم تكن بالحسبان ، ومنذ اليوم الأول تم تنسيق عدد من الأجهزة الكهربائية واتخاذ قرار عدم استخدامها كونها تسبب استهلاكاً كبيراً ، رغم الحاجة كالمكنسة الكهربائية والطباخ والفريزر والمدفأة وغيرها، والاكتفاء بالضروريات جداً.
ويعقب حسين محمد و مصطفى دعبول وبشير الحمد أنهم عمدوا إلى اتخاذ إجراءات صارمة في المنزل وتبديل اللمبات ووضع تعليمات بتحديد الأجهزة التي تستخدم، وساعات الاستخدام كسخان الماء والغسالة وغيرها، وعدم الهدر في الاستهلاك والتقنين والترشيد قدر الإمكان ، إذ بات المواطن يحسب أدق التفاصيل ويشد أحزمة التقشف لتجنب تجاوز الشريحة الأولى.
وتمنى مواطنون أن يتم الأخذ بعين الاعتبار سلبيات القرار وإلغاؤه ، أو حتى تعديله بما يلحظ المواطن واحتياجاته ، وألا يكون تحسن واقع الكهرباء على حسابه .

غير مستدامة

خبير تحليل نظم الكهرباء وسياسات التزود المهندس السموءل مصطفى بين  لصحيفة الثورة أنه في محاولة منها لإطلاق برنامج إصلاحي لقطاع الكهرباء يحقق الاستدامة المالية ويحسن الخدمة ويحول قطاع الكهرباء إلى قطاع أعمال ناجح وجاذب للاستثمار، أصدرت وزارة الطاقة قبل أيام تعرفة جديدة للطاقة الكهربائية المستهلكة في القطر ، وشكلت التعرفة صدمة لمختلف القطاعات وخصوصاً المستهلكين المنزليين، الأمر الذي يعكس غياباً في التنسيق والتشاور مع أصحاب المصلحة، على الرغم من موافقة الجميع على ضرورة تعديل التعرفة، وخصوصاً للقطاع المنزلي وأن سياسة الدعم كما كانت سائدة هي سياسة عقيمة غير مستدامة تمنع عمليات تحديد التكاليف الحقيقية للخدمة، وتشكل تغطية للفساد وعائقاً أمام تطبيق الإصلاحات المنشودة وسياسات الترشيد وحفظ الطاقة ورفع كفاءة الإنتاج.

جاذب استثمار

ولفت المهندس مصطفى إلى أنه لابد من التأكيد على أن مسألة تحديد التعرفة يجب أن تكون قادرة على تغطية  تكاليف التوليد والنقل والتوزيع التشغيلية مع الصيانات الدورية والطارئة، وتأمين هامش من الأرباح يمكن المؤسسات من تغطية عمليات التوسيع المستقبلية ، فالتعرفة العادلة هي عملية تدور بين المسؤولية والرحمة ومهم  أن تراعي مجموعة من العوامل، أولها استرداد التكلفة، ولو كان ذلك بدون أرباح ، هذا الأمر يساعد المؤسسات على تحقيق الاستدامة المالية والثاني قدرة المستهلك على الدفع والثالث عدم الإضرار بالنشاط الاقتصادي بحيث تنعكس زيادة في تكلفة الإنتاج تحد من قدرة المنتج السوري على المنافسة، والرابع هو ضمان القدرة على تغطية عمليات التوسع أي جعل قطاع توليد الكهرباء وتغذية المستهلكين مجالاً جاذباً للاستثمار، والتحدي الكبير يكمن في طرح هيكلية تعرفة تجمع بين هذه الأبعاد واختيار التوقيت، وهي مسألة تحتاج إلى خبرة كبيرة واسعة في الأفق وإشراك أكثر من جهة في اتخاذ القرار النهائي.

الاعتراض والتوقيت

وأوضح المهندس مصطفى أن الواقع السوري يزيد من هذه التحديات بسبب انخفاض دخل الفرد وقدرته الشرائية نظراً للانهيار الشديد الذي شهدته الليرة حيث يقدر متوسط الأجور عند حدود 90دولاراً من جهة، والتشوه الكبير في التعرفة التي كانت سائدة و مدعومة بمستويات عالية جداً خصوصاً للشرائح المنزلية، لدرجة تعجز فيها الشبكة عن تغطية النفقات التشغيلية، حيث إن مقدار ما يتم تحصيله كان بالكاد يغطي 10-15بالمئة من تكاليف التشغيل (ثمن وقود وغاز وعمليات الصيانة الدورية ورواتب وأجور وغيرها) وولدت عجزاً يقارب المليار دولار بحسب التصريحات الصادرة عن وزارة الطاقة ، مضيفاً: هذه النقطة تعتبر حاجزاً كبيراً من وجهة نظر الوزارة أمام القدرة على زيادة ساعات التغذية وتحسين مستويات الخدمة، وهي التي حاولت جاهدة منذ أول أيام النصر إلى الارتقاء بهذه الخدمة قدر المستطاع، ولكن كما يقول المثل فإن العطار لا يصلح ما أفسده الدهر، ويمكن القول إن مسألة رفع سعر خدمة الكهرباء كان متوقعاً وهو ينسجم مع توجهات المرحلة والرؤية التي تتبناها القيادة في بناء سوريا الجديدة،  والاعتراض الكبير كان على التوقيت، مع دخول فصل الشتاء حيث تغيب بدائل التبديل المتاحة والتي يستطيع المواطن تحمل نفقتها مع وصول سعر ليتر المازوت إلى 12 ألف ليرة وحاجة التدفئة اليومية تتراوح بين 3 إلى 5 ليترات.
ولفت المهندس مصطفى إلى أن الصدمة وعدم الرضى جاء في طريقة التسعير وتقدير الشريحة التي تستحق الدعم عند 300 كيلوواط ساعي في الدورة الواحدة، مع تغييب حقيقة مفادها أن التقنين الطويل يفرض نمطاً من الاستهلاك يصعب معه القيام بإجراءات واسعة لضبط الاستهلاك، والمنازل هناك على الأغلب فيها طاقة شمسية، و الأكثرية الساحقة من الأسر السورية لا تعتمد الطاقة الشمسية وليست من مشتركي الأمبيرات ، ولسبب بسيط هو أنها صادقة في معاناتها وعدم قدرتها على تأمين ثمن الطاقة الشمسية او الاشتراك، وبالتالي خرجت التعرفة بزيادة مقدارها 60 مرة في الشريحة المدعومة (ثمنها 180000 ليرة مقابل 3000 ليرة سابقاً) و حوالي 100 مرة في مجمل فاتورة استهلاك الأسرة السورية التي تقدر عند 600 كيلو واط ساعي في الدورة، حيث ازداد سعرها من 6000 ليرة سورية إلى600000 ليرة سورية ، وهي نسب تعتبر صادمة في أي دولة في العالم، فما بالك في دولة خرجت للتو من حرب وهو ما دفع الأسر إلى إعلان حالة من التقشف الكهربائي تجلت في التخلي عن حالة “الرفاهية” التي كانت تعيشها، فتم تجريم استخدام مكنسة الكهرباء والضرب بيد من حديد على من يستخدم الكهرباء لتسخين الماء لأكثر من مرة في الأسبوع على الرغم من شبه انعدام للبدائل، و حصر عدد المراوح بواحدة والعودة إلى الغسالة العادية أو الغسيل اليدوي إن اضطره الأمر، ومنع الطهو الكهربائي إلا للضرورات القصوى وحظر شبه تام للميكروويف والفرن الكهربائي، وتحذير من استخدام المكواة إلا مرة واحدة وغيرها من الإجراءات.

تساؤلات

ويتساءل مصطفى ماهو متوسط دخل الأسرة اذا كان الأب موظفاً والأم كذلك فالراتب في المتوسط  2.5 مليون ليرة، ماهو وسطي الاستهلاك؟ طبعاً متوسط يكفي للاستحمام وكي الملابس والغسيل و الاستهلاك اليومي المعتاد، لمواطن عادي ، وهو بالتأكيد ليس ١٥٠ كيلو بالشهر، لنقل إنه ٦٠٠ في الدورة وبالتالي فاتورة الكهرباء تساوي ٦٠٠ ألف يعني ٣٠٠ ألف ليرة في الشهر، وزن فاتورة الكهرباء من ميزان الدخل للأسرة يتجاوز وفق السعر المعلن ١١بالمئة للكهرباء فقط وليس على مجمل الطاقة، وهذا مع 6-8 ساعات وصل فقط، و هذه النسبة يجب ألا تزيد عن 5بالمئة للكهرباء، مع مراعاة حجم الأسرة ومستواها الاقتصادي وحجم المنزل وموقعه وغير ذلك، و من الممكن الوصول إلى تصور يصب في مصلحة الطرفين،  وأقترح مثلاً أن يتم سحب القرار لمزيد من النقاش لاسيما للوصول إلى صيغة مقبولة تضمن الاستمرار في قدرة المنتج السوري على المنافسة لاسيما في الصناعات والمنتجات كثيفة الاستهلاك للكهرباء.

ونصح بتحويل الفاتورة المنزلية الى فاتورة شهرية مع العودة الى نظام الشرائح المتعددة، وأن يبدأ تطبيق تعرفة جديدة للقطاع المنزلي مع بداية العام 2026 تعدل كل ٣ أو٤  أشهر وتمتد لمدة عام واحد تنتهي بالصورة التي اقترحتها الوزارة مع إعادة النظر في الحد الأدنى للشريحة المدعومة وتواكب زيادة الأجور القادمة ولا تسبقها، مدعومة بمجموعة إجراءات اقتصادية واجتماعية بالتشاور مع الوزارات الأخرى وخصوصاً  الشؤون الاجتماعية لتحديد الفئات الأكثر هشاشة وتقديم حزم دعم عاجلة ممولة من الوكالات الداعمة،  في نهايتها يمكن الوصول لتعرفة من شريحتين فقط.
يتم رفع الدعم فيها عن الشريحة الثانية، يعني مثلاً نبدأ بشريحة ٣٠٠ ك وس بتعرفة ٢٠٠ ليرة سورية للكيلو واط ساعي ثم شريحة حتى ٥٠٠ ب ٤٠٠ ليرة سورية ثم شريحة حتى ٧٠٠ بسعر ٦٠٠ ليرة سورية إذا زاد الاستهلاك على ٧٠٠ تصيح التعرفة ١٠٠٠ ليرة، (4-5 شرائح بسعر مناسب) تعدل بشكل ربعي كل 4 أشهر مثلاً فترة العام تسمح للوزارة بصياغة استراتيجية مستدامة وطرحها على الجمهور بحيث تتضمن إلى جانب التعرفة إجراءات رفع كفاءة التوليد وتقليل الضياعات الفنية في الشبكة بما يسمح بتخفيض مستقبلي في تكاليف الإنتاج، وتعزيز إجراءات رفع كفاءة الاستهلاك في مختلف القطاعات ودعم انتشار الطاقة المتجددة وحفظ الطاقة، بالإضافة إلى تحريك أسعار بقية حوامل الطاقة ، مثلاً المازوت والبنزين الذي يتجاوز هامش الربح فيهما ٢٥بالمئة من سعر المبيع ، وتسمح بمعالجة التأثيرات السلبية والخلل في منظومة التعرفة وتطويرها،والتشاور مع أصحاب المصلحة.

ترشيد استهلاك

وينصح المهندس مصطفى لتقليل استهلاك الكهرباء وتوفير المال،  تبني مجموعة من العادات اليومية الذكية، والتي لا تتطلب التخلي عن الراحة بل ترشيد الاستخدام ، وتركز على الكفاءة في استخدام الإضاءة والأجهزة الكهربائية، وتحسين أنظمة التدفئة والتبريد وتسخين المياه، وذلك عبر ترشيد استهلاك الإضاءة، والاعتماد على الضوء الطبيعي والاستفادة القصوى من ضوء الشمس، و إطفاء المصابيح في الغرف غير المستخدمة أو عند مغادرة المكان ، واستبدال المصابيح التقليدية بمصابيح LED أو الفلورسنت الموفرة للطاقة، والتي تستهلك طاقة أقل وتدوم لفترة أطول، و إزالة الغبار المتراكم على المصابيح لضمان أقصى إضاءة، و استخدام ألوان فاتحة لطلاء الجدران والأثاث يعكس الضوء بشكل أفضل، ما يقلل الحاجة إلى إضاءة قوية، و الاستخدام الفعال للأجهزة الكهربائية، و فصل الأجهزة والإلكترونيات غير المستخدمة، بما في ذلك شواحن الهواتف، من القابس لمنع “الاستهلاك الخفي” ، و تشغيل الغسالة بأقصى حمولة وتجميع الغسيل في يوم محدد بدلاً من تشغيلها لعدد قليل من القطع يمكن أيضاً استخدام الماء البارد  لتقليل استهلاك الطاقة، والاستغناء عن المجفف باستخدام أشعة الشمس أو الهواء الطبيعي لتجفيف الملابس بدلاً من المجفف الكهربائي و تجنب فتح الثلاجة بشكل متكرر لمنع تسرب الهواء البارد وزيادة استهلاك الطاقة لتبريدها مرة أخرى والتأكد من سلامة موانع التسرب المطاطية وترك مسافة كافية خلف الثلاجة للتهوية ،و تقليل الاعتماد على الفرن الكهربائي والميكروويف واستبدالهما بالفرن العادي، و ملء غسالة الصحون بالكامل قبل تشغيلها لتقليل عدد الدورات، وتجميع الملابس التي تحتاج للكي وكيها دفعة واحدة، وضبط مكيف الهواء على درجة حرارة معتدلة (24-25 درجة مئوية)، و إغلاق النوافذ والأبواب أثناء تشغيل أجهزة التدفئة أو التبريد لمنع تسرب الهواء، وإجراء صيانة دورية لأجهزة التكييف لضمان كفاءتها، وترشيد استخدام سخان المياه والاعتماد على السخان الشمسي لتسخين المياه، إضافة إلى تقليل استخدام الأجهزة الكهربائية خلال ساعات الذروة لتخفيف الضغط على الشبكة الكهربائية وتقليل التكاليف، وتتبع قراءة عداد الكهرباء بشكل دوري (أسبوعياً مثلاً) لمراقبة الاستهلاك واتخاذ الإجراءات اللازمة قبل نهاية الشهر ، وعند شراء أجهزة جديدة، اختيار تلك التي تحمل تصنيف “نجمة الطاقة” أو المخصصة للاستهلاك المنخفض ، وعمل صيانة دورية للأجهزة الكهربائية لاكتشاف أي خلل قد يؤدي إلى زيادة استهلاك الطاقة وإطالة عمر الأجهزة.

آخر الأخبار
243 طالباً وطالبة من اللاذقية يخوضون منافسات الأولمبياد العلمي السوري مهرجان الوفاء الأول بدرعا يكرم المتفوقين من أبناء الأطباء الشهداء  وزير العدل ينفي التصريحات المنسوبة إليه ويحث على التوثق من المصادر الرسمية وزير المالية يشارك في المنتدى العربي للمالية العامة ويؤكد أهمية الاستدامة المالية المجلات المفهرسة تهدد النشر الخارجي.. وجامعة دمشق تحذر المباشرة بتوسيع فرن قدسيا لزيادة إنتاج الخبز "المركزي" والإعلام .. تنسيق لتعزيز الثقة بالعملة الجديدة أهالي طرطوس بانتظار انعكاس تخفيض سعر المشتقات النفطية على السلع التعافي الاقتصادي.. عقبات تتطلب حلولاً جذرية  تمكين الصحفيات من مواجهة العنف الرقمي القائم على النوع الاجتماعي   قريباً  تعرفة جديدة للنقل بطرطوس تواكب انخفاض أسعار المحروقات   اعتداء إرهابي على حي المزة .. "الدفاع" تكشف تفاصيل جديدة وتشدد على ملاحقة الجناة   ماذا يعني بدء موانئ دبي العالمية عملياتها في ميناء طرطوس السوري؟ تراجع إنتاج الزيتون بحمص    العملة الجديدة.. الإعلام شريك النجاح قرارات جديدة وغرامات صارمة.. هل سنشهد نهاية أزمة السرافيس بحلب؟ نائب وزير الاقتصاد يبحث احتياجات "عدرا الصناعية" لتسريع الإنتاج تصريحات ضبابية تثير مخاوف اللاجئين السوريين في ألمانيا   "اللاعنف".. رؤية تربوية لبناء جيل متسامح انفتاح العراق على سوريا.. بين القرار الإيراني والتيار المناهض