نبيل محمد سعيد:
بعد أن أسقطت الولايات المتحدة الأميركية قنبلة ذرية على اليابان خلال الحرب العالمية الثانية، كانت اليابان تعاني من الانكسار والدمار.
في ذلك الوقت، كان من السهل على المراقبين أن يفترضوا أن اليابان لن تقوم لها قائمة مرة أخرى، ومع ذلك، مع مرور الوقت، تمكن الشعب الياباني من لملمة الدمار، وبدأ في التفكير بإعادة بناء الوطن.
لم يلقِ اليابانيون اللوم على الحكومة أو ينشغلوا بمن هو في السلطة، بل التحم الشعب بأكمله لبناء ما تهدم من الحرب، وكانت هذه النقطة هي العماد الأساسي والمتين لما تراه اليوم في اليابان.
تماشت الحكومة اليابانية مع رغبة الشعب، وأصبح الحاكم جزءاً من عملية البناء وليس طرفاً معارضاً.
لم ينقسم الشعب بين مؤيد للحكومة ومعارض لها، بل اتفق الجميع على البناء رغم صعوبة التواصل بينهم.
بدأ كل شخص يعمل من موقعه، وباع كل فرد ما يملك ليسهم في إعادة البناء ولو بطوبة.
اليوم، تبدو سوريا وكأنها تقف على حافة طريق مشابه لما حدث في اليابان من حيث الدمار والخراب، لكن الفرق بين الحالتين شاسع، إذ يعاني الشعب السوري من الانقسام بين مؤيد ومعارض للحكومة، متجاهلين الدمار الذي يحيط بهم، وبدلًا من التركيز على البناء، انشغل البعض في صنع حروبهم الخاصة ضد أو مع الحكومة، دون اكتراث لحالة البلد.
المؤيدون للحكومة يلقون اللوم على الحكومات السابقة، بينما يعزو المعارضون الفشل للحكومة الحالية، وفي الوقت نفسه، ينتظر اللاجئون والمقيمون في المخيمات أن يخرج عاقل يدعو إلى إعادة بناء الوطن بدلًا من تبادل اللوم والتهرب من المسؤولية.
هؤلاء الملايين من الأشخاص الذين يعيشون خارج البلاد أو في ظروف صعبة بحاجة إلى عقلية بناء، وليس عقلية طفولية تلقي اللوم على الآخرين.
نحن الآن أمام لحظة تاريخية، إما أن ندخل التاريخ من بابه الأوسع ونسطر رسالة للأجيال القادمة عن معنى تحمل المسؤولية تجاه إخوتنا في الوطن والإنسانية، أو أن نسجل مهزلة وسخرية تتناقلها الأجيال كنموذج للتنصل من المسؤولية العامة.
التحام الشعب اليوم هو الأهم، فالحكومة ليست مهمة بقدر ما نحن مهمون.
يجب أن نترك خلافاتنا التي دمرت الوطن وجعلته من أسوأ البلدان في العالم، في حين أنه من أفضل البلدان من حيث الأجواء والماء وخصوبة الأرض.
إذا لم تتغير أفكارنا، سنكون السيناريو الأسوأ من كل البلدان التي تعاني من الفوضى، أو يمكننا خلق واقع جديد يميزنا عن الآخرين.