قرأتْ تلك العناوين التي بحثتْ عنها عبر الإنترنت وطالعت مضامينها سريعاً، حين استوقفها كتاب “الهدوء” لسوزان كين.. و”صمت” لإيرلينغ كاغه.. وربطتْ هذين العنوانين بمضمون كتاب آخر “ما يمنعنا من النوم” للكاتب داريان ليدر.
لم يغب عنها خيطٌ رفيع يربط ما بين مواضيع تلك الكتب، وإن بدت متضاربة.. واستعادت تساؤلاتها: كيف يمكن أن نعيد اكتشاف الهدوء بما فيه من استرجاع لضبط ذواتنا من خلاله..؟، وكيف يمكن أن نتعرّف على أنفسنا بعيداً عن ضجيج مواقع التواصل الاجتماعي والاستهلاك الزائد للأجهزة الذكية والإنترنت سويةً..؟، تنبّهتْ لتلك المفارقة التي لحظتها وهي تطالع نتائج بحثها على “غوغل”.. فهل نستطيع حقاً أن نعيد ضبط عيشنا بتجريد يومياتنا من مبالغة التعامل مع أدوات الحياة المعاصرة المرتبطة بصخب كوننا “أونلاين” طوال الوقت..؟.
ندرك تماماً أننا مشغولون غالباً.. دون انشغال حقيقي مثمر.. وأن عقولنا يقظة معظم اليوم، لأننا بحالة ردة فعل لأي شيء نتلقاه على شبكات الإنترنت.. وكأننا في استنفار دائم واستنزاف لانتباهنا وحواسنا دون أي طائل.
وهي تقرأ أهم أفكار الكتب التي أعجبتها، أدركتْ أن موجه مبادراتها في التواصل مع “الآخر”، انحسرت وضبطتها لتصبح انشغالاتها لصالح ذاتها، معتقدةً أن هذا أفضل استثمار فعّال لوقتها.
للحظة.. فكّرتْ: هل تقلّصت دائرة حضور الآخرين غير الفعّالين في حياتها، أم أن ما حدث بالضبط هو اتساع رقعة “الضجيج الرقمي” في يومها..؟ بمعنى انزاح الحضور “الآدمي” لصالح الحضور “الرقمي”.. سواء أكان هذا الرقمي أي شيء أو أي آخر.. وما يميّزه هو القدرة على إنهائه أو تحييده بأي لحظة نريدها… أو هذا ما نتوهم أننا نستطيعه.
في ظل كل ما نحياه، يتآكل حضورنا الهادئ والصامت قبالة تفعيل حضور آخر نشيط ظاهرياً لكنه هش في العمق.. وكأننا في عصر “الهشاشة” المفرطة في القدرة على خلق هدوئنا وصمتنا.
في كتابه “الصمت” تحدث “إيرلينغ كاغه”عن أهمية الصمت فهو ليس ترفاً، بل ضرورة للبقاء متصلين بأنفسنا، وفي حقيقته هو نوع من التعبير عن أنفسنا.
في واقع الازدحام “المعلوماتي/الرقمي”الذي يسرقنا من الإنصات إلى أعماق ذواتنا، ما السبيل إلى خلق توازن بين عوالم “هدوئنا الداخلي” وبين واقع فائق يتمدد باستطالاته التكنولوجية غير المنضبطة؟.