“أنا عربي حر”: حلم يُجابه بالقتل

الثورة – محمد الحريري:

في محاولة لشرح واقع المجتمع العربي، يأتي العرض المسرحي “أنا عربي حر” ليملأ الفراغ الذي خلفه تآكل الحرية في قلب كل عربي، ويستعرض واقعاً مأساوياً وسط أنظمة الظلم والاستبداد.

تجسد المسرحية صورة الشعب العربي بشكل عام، والانتهاكات اليومية لحقوقه وحرياته في ظل الحروب والأزمات، مشيرة إلى أن الصوت قد يُكتم، لكنه لا يموت.

أوضح الكاتب ومخرج العرض، حسن سمرة، في لقاء مع صحيفة “الثورة”، أن عنوان “أنا عربي حر” لم يكن عشوائياً، بل تم اختياره ليكون رمزاً لكل عربي يعيش القمع، من خلال هذا العنوان، يسعى سمرة لإبراز المعاناة التي عاشتها شعوب المنطقة، من سوريا إلى غزة، قائلاً: “العنوان لم يقتصر على سوريا فقط، بل يحاكي المعاناة العربية بشكل عام”.

في محاولة لتصوير أن الوجع العربي واحد، تاركاً رسالة مفادها: “الأمل في الأجيال القادمة، فالظلم لا يدوم”.

الحرية في وجه القمع

تُعرض المسرحية في دار الأوبرا بدمشق، ابتداءً من العاشر وحتى الثاني عشر من تشرين الثاني، وتدور حول كاتب يبدأ في كتابة رواية في زمن الحرب، محاولاً توثيق معاناة وطنه والتعبير عن صوت الحرية، إلا أن هذا الصوت يواجه القمع مباشرة عندما تقتحم دورية أمنية منزل الكاتب بعد معرفتها باسم الرواية.

يتصاعد الصراع بين الشخصيات ليترجم المسرحية واقع الهيمنة وكبح الحرية.

ومع تصاعد الأحداث، يُقتل الكاتب على يد أجهزة الأمن، ليصبح صمت القمع أقوى من صوته، ولكن قبل مغادرته الحياة، يوصي ابنه بمواصلة كتابة الرواية، لتستمر رحلة الحرية في جيل جديد.

المسرحية لا تقتصر على رواية القمع الفردي، بل تتسع دائرة الألم لتشمل العائلة والمجتمع.

بعد مقتل الأب، يرتفع صوت الطفل الذي يواصل المسير ليُقتل هو الآخر، في رمزية أن الصوت عندما يعلو لا يفرق بين صغير وكبير، فكلها أصوات تنادي بالحرية.

وعلى الوتيرة نفسها، تتعرض الأم للقصف حتى تموت، لتختتم المسرحية بمشهد رمزي يعبر عن المعاناة المركبة للأمة.

إن صوت الحرية قد يُقتل ويُكمم، لكن الأمل لا يموت تماماً بل يتجذر في الأجيال القادمة.

رمزية المسرح

اعتمد سمرة على قوة الفكرة في عرضه، فديكور المسرح البسيط والمؤثرات الصوتية كانت مجرد أدوات مساعدة لطرح الفكرة. وأضاف: “حاولنا أن نجسد تفاصيل الظلم والاستبداد، لأن هناك أجيالاً لم تشهد هذه المظاهر، وتفهم أن الأمل موجود”.

فقد شدد على أن الأجيال القادمة هي من يجب أن تحمل شعلة الأمل، فهم وحدهم القادرون على كتابة التاريخ من جديد.

معاناة من قلب الواقع

الكاتب يشير إلى أن فكرة العمل مستوحاة من صميم الوجع السوري وتجارب شعوب عربية، مثل غزة.

وقال سمرة: “الواقع أكبر مصدر للإلهام”، فهو يرى أن المسرح أداة ثقافية وفنية قادرة على معالجة مختلف القضايا، فهي وسيلة مباشرة في التأثير بالمتلقي.

هذا الارتباط بالواقع يعطي المسرحية مصداقية إنسانية تجعل كل مشهد تجربة حية للمشاهد.

العرض من بطولة نخبة من الممثلين، منهم: أحمد الخطيب، عبدالسلام بدوي، عبدالرحمن سمرة، غوشناف ظاظا، ومادونا حنا، كل ممثل حمل على عاتقه نقل الألم والأمل في آن واحد، ليصبح المشهد الرمزي أكثر وضوحاً وتأثيراً.

رسالة من الصميم

لم يغفل حسن سمرة عن توجيه رسالة محبة للسوريين والعرب، حيث قال: “إن الحرية حق لكل إنسان، والصوت الذي ينادي بالعدل لا يمكن إسكاته بالكامل، حتى وإن حاول القمع والظلم إنهاءه”.

ووجه سمرة دعوة لدعم الفن والثقافة، ليظل صوت الحرية حياً في كل قلم، فهو يرى أن المسرح وسيلة لنقل الواقع ومعالجة قضاياه.

العرض يقدم صورة مؤثرة عن مأساة الأمة العربية، لكنه لا ينسى أن يمنح الأمل.

“أنا عربي حر” ليس مجرد عنوان، بل هو شعار للحياة والحرية، دعوة للأجيال الجديدة لاستكمال مسيرة الكبار الذين قاوموا الظلم، لتبقى رسالة الحرية مستمرة مهما حاول القمع كتمها.

آخر الأخبار
تعليق "قيصر".. اختبار لجديّة الإصلاح الاقتصادي والقدرة على استعادة التوازن النقدي من "البيت الأبيض" إلى "الداوننغ ستريت".. الشيباني يحمل الحقيبة "الأثقل" إلى بريطانيا زيارة الشرع للولايات المتّحدة تمثّل بداية جديدة للسوريين عندما يتوقف التاريخ في استثمار البيئة الجبلية والبحرية.. وتهجر الكوادر رئيس غرفة الملاحة البحرية للثورة: الساحل عقدة تلاقٍ بريّ- بحريّ نحو اقتصادٍ أزرق وتنمية متوازنة: اللاذقية وطرطوس.. بوابتان لنهضةٍ بحرية رؤساء في العلاقات الخارجية بالشيوخ الأميركي يدعمون رفع العقوبات عن سوريا طلاب "المهني" في حلب يجهزون مقاعد مدارسهم بين الدولار والتجار.. كيف يواجه المواطن تحديات المعيشة؟ زيارة إلى المملكة المتحدة.. الشيباني يحمل حقيبة ثقيلة في اللقاء السوري-البريطاني المطالعة.. بين الحاجة والرفاهية أصوات الباعة الجوالين بحلب.. بين الحاجة والإزعاج المتقاعدون ورحلة البحث عن عمل بازار الشتاء.. منصة تمكين اقتصادي واجتماعي للمرأة السورية عندما يختفي اللقب الوظيفي.. رحلة البحث عن الهوية بعد التقاعد رياضة المتقاعدين في حلب.. صداقات وشفاء من الوحدة والاكتئاب بين " قيصر" والعملة الجديدة.. خطوة سياسية أولاً.. وفرصة اقتصادية ثانياً اكتمال مشهد الدور الثاني من مونديال الناشئين الجمعة.. البطولة الكروية حلب (ست الكل) الصمت العنوان الأبرز لنادي الكرامة ؟!