الثورة – ابتسام هيفا:
يبحث المتقاعدون عن العمل نظراً لازدياد تكاليف الحياة، ولدعم دخلهم المادي، فالراتب التقاعدي لا يكفي مصاريف الغذاء والدواء لمدة شهر واحد.
والمتقاعد الذي لا يملك مصدر رزق إضافي غير المعاش التقاعدي، يصبح مضطراً للبحث عن فرص عمل جديدة تؤمن له مصادر إضافية للدخل، وتغنيه عن ضيق ذات الحال، “الثورة” التقت مع بعض المتقاعدين للحديث عن معاناتهم المعيشية واضطرارهم للبحث عن عمل العمل لتحسين الدخل.
عماد زيدان يقول.. التقاعد نقلة حياتية للمرء من حال إلى حال مختلفة تماماً عما سبقها، حال جديدة يتوقف فيها المتقاعد عن عمل وروتين حياتي متكامل اعتاده سنين طويلة.. ويضيف، بدأت البحث عن عمل لملء وقت الفراغ ولتحسين الدخل، فوجدت وظيفة محاسب في شركة خاصة، وهو نفس اختصاصي قبل التقاعد، وبحصولي على هذا العمل قضيت على وقت الفراغ وتحسن وضعي المادي ما اعطاني شعوراً بالرضا والاستقرار.
بينما أشار محمد سليمان، كيف تغيرت حياته وأصبحت مملة بعد التقاعد فلجأ الى صديقه الذي يملك مكتب تكسي وعمل كسائق عمومي، موضحاً، إنني فضلت العمل كسائق خير لي من الجلوس في المنزل، ما يؤمن لي زيادة في الدخل وأُعين أولادي في دراستهم الجامعية، ناهيك عن الأدوية الشهرية ومتطلبات الصحة.
بدوره معتز عليا، أكد أن التقاعد يفاجئ الكثير ويربك حياتهم.. وشعور مباغت بالفراغ، بعد التقاعد بقيت عدة أشهر أبحث عن عمل فلم أجد، فقررت النزوح إلى قريتي في الريف والاعتناء بأرضي وزراعتها بالخضار والأشجار المثمرة، وأشعر أن حياتي تغيرت وامتلأ وقتي بالعمل والمتعة والفائدة.
في نفس السياق تشير سميرة سلطان أن التقاعد ليس النهاية، بل ربما يكون بداية جديدة، وتقول كنت أعمل مدرسة لغة عربية وبعد التقاعد عملت في معهد خاص لمتابعة الطلاب وإعطاء دروس خصوصية، والتقاعد بالنسبة لي كان إيجابياً لأنّي وجدت عملاً أحبه مع طلابي.

مشروع مدر للدخل
وتشير مي رضوان إلى أنها بعد التقاعد قررت العمل وفتحت مشروعها الخاص بصنع المأكولات والحلويات في المنزل بمساعدة زوجها، وتضيف.. نقوم أنا وزوجي بصنع المأكولات التي تحتاج الى جهد كالفطائر وجميع أنواع الكبب، وورق العنب، ومناسف الأرز، ونعد الاطباق الخاصة بالحفلات وأعياد الميلاد وصنع الحلويات الخاصة بالأعياد مثل المعمول والبيتيفور، وذكرت أنهم يعملون في تحضير المؤونة مثل المربيات والمجففات.
متطلبات الحياة وخيار العمل
من جهته أعرب المتقاعد محمد حربا عن أمله في أن تتاح له الفرصة في خوض تجارب العمل في القطاع الخاص، لا سيما أنه معيل لأسرته ويحتاج إلى تحسين دخله والتمكن من تغطية مصروف الجامعة لأبنائه.
ونوه المتقاعد حربا بأن لديه رغبة كبيرة في العمل والإنتاج، ويملك طاقة لهذا العمل، كما أن متطلبات الحياة المتزايدة أصبحت تفرض عليه هذا الخيار.
أما المعلمة المتقاعدة رائدة خزام، تشير إلى أنها تتمنى أن يعامل المتقاعد أسوة بالدول الأخرى بأن يحظى بالضمان الصحي، لأنه مع بلوغه عمر الستين تظهر لديه الكثير من الأمراض وبحاجة إلى رعاية صحية.
رأي علم النفس
يخبرنا المختصون في علم النفس أن التقاعد في معنى الحياة ينبغي ألا يغيب أو تغرب شمسه بالتوقف عن العمل النظامي عند بلوغ السن القانونية لنهاية الخدمة، ولكنهم يذكرون حقيقة مهمة في هذا السياق، من أن الحياة في أي مرحلة منها لا يأتي صدفة، بل هو ثمرة لبحث دؤوب وتجارب وجهد وعمل، وإن القدرات الإبداعية الفردية للمتقاعد لم تنته أو تنضب، بل هي في أوجها، ولكن التحدي الذي يواجهه المتقاعد هو البحث المرن عن منفذ وفرصة جديدة للعمل.