نحو اقتصادٍ أزرق وتنمية متوازنة: اللاذقية وطرطوس.. بوابتان لنهضةٍ بحرية

الثورة – مرشد ملوك:

تتجه سوريا اليوم بخطاً واثقة نحو مرحلةٍ اقتصادية جديدة، تتجاوز فيها إرث الانكماش والحصار، لتستعيد موقعها الطبيعي كدولةٍ متوسطية بحرية، وكمركز عبورٍ وتجاذبٍ اقتصادي بين الشرق والغرب.

فالموقع الجغرافي الفريد على ساحل البحر الأبيض المتوسط لم يعد مجرد امتدادٍ جغرافي، بل فرصة استراتيجية لبناء اقتصادٍ أزرق متكامل، يربط بين التنمية الساحلية، والسياحة، والطاقة، والنقل، والبيئة المستدامة.

– من البحر نحو الداخل: المرافئ والنقل المتعدد الوسائط

يوصف الدكتور والمستثمر في القطاع البحري سلمان ريا “بأن البحر يمثل بوابة سوريا نحو التكامل الاقتصادي الإقليمي والدولي، فيما تُعدّ مرافئ اللاذقية وطرطوس ركيزةً أساسية في هذا التحول، من خلال تحديث البنى التحتية في الموانئ، وربطها بشبكات النقل السككي والبري، وإنشاء مرافئ جافة في نقاط استراتيجية كحمص وعدرا وحلب والمناطق الحدودية مع دول الجوار، وهذا ما سيجعل سوريا محوراً للنقل المتعدد الوسائط، وممراً تجارياً بين آسيا وأوروبا.

بهذه الرؤية، تتحول المرافئ السورية من مرافئ نهاية إلى مرافئ عبور وتكامل، ما يعزز دورها في سلاسل التوريد الإقليمية ويخلق فرصاً تنموية في الداخل.”

-الأمان أولاً: الاستثمار لا يزدهر في بيئةٍ مضطربة

يفرض الدكتور ريا “بأنّ أي تنمية اقتصادية مستدامة لا يمكن أن تقوم دون بيئة آمنة تحفّز المستثمرين على الدخول بثقةٍ واستقرار، فالأمان المطلوب هنا لا يعني فقط الأمن العسكري، بل أمان الثقة القانونية والمؤسسية، الذي يضمن وضوح التشريعات وعدالة المنافسة وشفافية التراخيص والعقود.

وفي هذا السياق، تبرز أهمية استكمال الإطار القانوني للقطاع البحري، إذ لا تزال سوريا بحاجة إلى إصدار الصكوك التشريعية الداخلية الخاصة بالاتفاقيات الدولية التي وقّعت عليها، تمهيداً لتحقيق متطلبات التدقيق الإلزامي في القطاع البحري، والانتقال إلى منظومة أكثر انفتاحاً وكفاءة في إدارة الموانئ والأنشطة البحرية.”

-إشارات سياسية واتجاه جديد

وفي هذا الإطار يقول الدكتور سلمان ريا: قد حمل تصريح الرئيس السوري أحمد الشرع من واشنطن دلالاتٍ واضحة على تحولٍ نوعي في الرؤية التنموية الرسمية، إذ قال الرئيس في حديثه حول الاستثمار في الساحل السوري:

“كانت هناك في السابق مشكلة واضحة، تمثّلت في أن النظام السابق حارب أبناء الساحل في أرزاقهم… أما اليوم فنحن نعمل على تغيير هذا الواقع.

هناك وعيٌ جديد يتشكّل لدى الناس، ترافقه رؤية استثمارية واضحة، تهدف إلى إعادة الحياة الاقتصادية إلى الساحل السوري”.

ويضيف الرئيس الشرع مؤكداً على العدالة التنموية بين اللاذقية وطرطوس:

“نحرص على أن تكون الاستثمارات موزّعة بالتوازي بين المحافظتين، بحيث تتحقق التنمية بشكل متوازن، وتُفتح الفرص أمام الجميع.. ونعمل على خطةٍ عمرانية شاملة للمدن الاقتصادية والسياحية في الساحل، بهدف استثمار الموقع الجغرافي المتميّز وتحويلهما إلى مركزين حيويين للنشاط السياحي والبحري”.

وبرأي الدكتور ريا “إنّ هذا الخطاب الجديد يعبّر عن إرادة سياسية واضحة لكسر المركزية القديمة، وفتح المجال أمام المبادرات المحلية والقطاع الخاص، في إطارٍ من الثقة المتبادلة والشفافية، وهو ما يتقاطع تماماً مع رؤية الاقتصاد الأزرق والتنمية الساحلية المستدامة، التي تجعل من الساحل محرّكاً للتنمية الوطنية لا مجرد منطقة ترفيهية أو حدودية.

-نحو عقدٍ اقتصادي جديد

ويمتد تحليل الدكتور ريا لصحيفة الثورة، بأن الوقت قد حان لأن تُعاد صياغة العلاقة بين البحر والدولة، بين المرفأ والمجتمع، في معادلةٍ جديدة تُوازن بين التنمية والاستدامة، وبين الانفتاح والسيادة، ولتحقيق ذلك، لا بد من:

تحديث التشريعات البحرية والاستثمارية وفق المعايير الدولية، وتأسيس هيئة وطنية للاقتصاد الأزرق تُنسّق بين النقل، والطاقة، والبيئة، والسياحة، والعمل على دمج المرافئ الجافة والمراكز الحدودية ضمن منظومة النقل المتعدد الوسائط، ومن المهم جدا تعزيز الدبلوماسية البحرية والانضمام الفعّال إلى مبادرات الاتحاد من أجل المتوسط، وضمان الحوكمة البيئية للساحل السوري ليكون الاستثمار متوافقاً مع حماية البيئة والموارد الطبيعية.

-انسجام مع رؤية سوريا

وفي الختام إنّ هذا التوجّه لا ينفصل عن رؤية سوريا التي تسعى إلى إعادة بناء الدولة على أسس التنمية المستدامة والاقتصاد المنتج، فالمحور البحري الساحلي يشكّل ركيزةً استراتيجية ضمن هذه الرؤية، بوصفه البوابة التي ستقود التحول نحو الاقتصاد المعرفي والبيئي المتوازن، وتؤمّن اندماج سوريا في الاقتصاد الإقليمي والعالمي كدولةٍ متوسطية فاعلة ومؤثرة.

آخر الأخبار
تعليق "قيصر".. اختبار لجديّة الإصلاح الاقتصادي والقدرة على استعادة التوازن النقدي من "البيت الأبيض" إلى "الداوننغ ستريت".. الشيباني يحمل الحقيبة "الأثقل" إلى بريطانيا زيارة الشرع للولايات المتّحدة تمثّل بداية جديدة للسوريين عندما يتوقف التاريخ في استثمار البيئة الجبلية والبحرية.. وتهجر الكوادر رئيس غرفة الملاحة البحرية للثورة: الساحل عقدة تلاقٍ بريّ- بحريّ نحو اقتصادٍ أزرق وتنمية متوازنة: اللاذقية وطرطوس.. بوابتان لنهضةٍ بحرية رؤساء في العلاقات الخارجية بالشيوخ الأميركي يدعمون رفع العقوبات عن سوريا طلاب "المهني" في حلب يجهزون مقاعد مدارسهم بين الدولار والتجار.. كيف يواجه المواطن تحديات المعيشة؟ زيارة إلى المملكة المتحدة.. الشيباني يحمل حقيبة ثقيلة في اللقاء السوري-البريطاني المطالعة.. بين الحاجة والرفاهية أصوات الباعة الجوالين بحلب.. بين الحاجة والإزعاج المتقاعدون ورحلة البحث عن عمل بازار الشتاء.. منصة تمكين اقتصادي واجتماعي للمرأة السورية عندما يختفي اللقب الوظيفي.. رحلة البحث عن الهوية بعد التقاعد رياضة المتقاعدين في حلب.. صداقات وشفاء من الوحدة والاكتئاب بين " قيصر" والعملة الجديدة.. خطوة سياسية أولاً.. وفرصة اقتصادية ثانياً اكتمال مشهد الدور الثاني من مونديال الناشئين الجمعة.. البطولة الكروية حلب (ست الكل) الصمت العنوان الأبرز لنادي الكرامة ؟!