الرياض.. دور محوري في سوريا من هذه البوابة

الثورة – راغب العطيه:
استعرض مجلس الوزراء السعودي، برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أمس الثلاثاء، تطورات الأحداث الراهنة ومستجداتها الإقليمية والدولية، وأكد مواقف المملكة الدائمة والداعمة للجهود الرامية إلى إرساء الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
فالمملكة العربية السعودية كدولة محورية وفاعلة في الإقليم من مصلحتها استقرار المنطقة بشكل عام، واستقرار الساحة السورية بشكل خاص، باعتبار أن الساحة السورية أو الأرض السورية هي عمق استراتيجي للمملكة السعودية القوة الناشئة، سواء على مستوى العالم الإسلامي أو على مستوى المنطقة العربية، أو ما يُعرف اصطلاحا بالشرق الأوسط.
وحول دور المملكة في إرساء الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، أكد المحامي والمستشار القانوني، حسن الحريري، لصحيفة “الثورة”، أن سياسة المملكة السعودية على الدوام تهدف إلى منع الفوضى والتطرف والإرهاب، وتعمل على خلق بيئة آمنة للاستثمار والتنمية، بما يساهم في الاستقرار، خصوصًا مع وصول الأمير محمد بن سلمان وإطلاقه لرؤية المملكة 2030، ولذلك، ساهمت المملكة بفاعلية في منع أو وضع حد للفوضى التي كانت دائرة في سوريا على مدار السنوات الماضية، ووضعت بكل ثقلها حتى تم وضع حد للنزاع السوري، الذي انتهى بإسقاط النظام البائد ووصول إدارة جديدة إلى سدة الحكم في سوريا.

تمتلك أدوات دبلوماسية قوية

وأضاف الحريري في تصريحات لـ”الثورة”، أن الرياض تمتلك أدوات دبلوماسية قوية، ولا شك أن نظام الحكم في المملكة مستقر منذ عشرات السنين، وهو يساهم بفاعلية في القضايا العالمية والقضايا الأممية، وهذا الأمر يجعل كل إدارة جديدة في “البيت الأبيض”، عند تنصيبها، تقوم بزيارة إلى السعودية، لافتاً إلى فاعلية الرياض في السياسة الدولية، وأنها يهمها الاستقرار في المنطقة، مما يفتح مجالات للاستثمار بدلاً من الصراعات، وهذا الأمر يصب في مصلحة المملكة بشكل واضح وكبير جدا.
وأشار المحامي والمستشار القانوني، إلى دعم الرياض للإدارة الجديدة في سوريا، وقال: هنا لابد من التذكير بأن السعودية، من خلال سياستها المتزنة والفاعلة على الصعيدين الإقليمي والدولي، قامت بفتح قنوات دبلوماسية وسياسية مع الإدارة السورية الجديدة، ما مكن هذه الإدارة من الدخول في النظام الدولي الحالي.
واستشهد الحريري بالزيارات المكثفة التي قام بها الرئيس أحمد الشرع، إلى واشنطن والعديد من الدول مثل السعودية وقطر والإمارات وتركيا وروسيا وغيرها، مؤكداً أن جزء كبير من هذه الزيارات يعود الفضل بها إلى السعودية التي فتحت هذه القنوات، في حين أن الجزء الآخر، وهو الأكبر، يعود إلى الدبلوماسية النشطة التي تقوم بها الإدارة السورية الجديدة.

أول الداعمين للإدارة الجديدة

ومنذ انطلاقة الثورة السورية منتصف مارس/آذار 2011، وقفت السعودية إلى جانب الشعب السوري الذي يطالب بحريته وكرامته.
وقد وجّه الملك السعودي الراحل، عبد الله بن عبد العزيز، في أغسطس/آب 2011، رسالة إلى الشعب السوري قال فيها: إن “المملكة لا تقبل ما يحدث في سوريا، ويمكن للقيادة السورية تفعيل إصلاحات شاملة وسريعة، ودعمت الرياض لاحقا الجهود العربية لحل الأزمة في سوريا”، وأرسلت مراقبين إلى دمشق قبل أن تسحب بعثتها من لجنة المراقبين العرب بداية 2012، وأعلن بعدها وزير الخارجية السعودي الراحل، سعود الفيصل، أن بلاده لن تكون شاهد زور، أو أن تستخدم لتبرير الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري.
وخلال السنوات اللاحقة من أعوام 2012 و2013 و2014 و2015 دعمت المملكة السعودية فصائل المعارضة السورية التي تمكنت من بسط نفوذها على مناطق واسعة من البلاد، واستمر الدعم السعودي للشعب السوري حتى سقوط النظام في 8 كانون الأول 2024.
وكانت الرياض من أول الداعمين للإدارة الجديد بقيادة الرئيس أحمد الشرع، وقد احتضنت في 12 يناير/كانون الثاني الماضي مؤتمر عربي – دولي موسع لدعم سوريا والسعي إلى رفع العقوبات عنها، وقال وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، في إحاطة صحفية بعد المؤتمر: إن “الاجتماع يأتي لتنسيق الجهود لدعم سوريا والسعي إلى رفع العقوبات عنها، مرحباً بقرار الولايات المتحدة إصدار الترخيص العام 24 في شأن الإعفاءات المتصلة بالعقوبات على سوريا، وطالب الأطراف الدولية برفع العقوبات الأحادية والأممية المفروضة عليها، والبدء عاجلاً بتقديم كافة أوجه الدعم الإنساني والاقتصادي، وفي مجال بناء قدرات الدولة السورية، مما يهيئ البيئة المناسبة لعودة اللاجئين السوريين”.

الرياض تدين

وجدد بن فرحان إدانة السعودية مع سوريا والمواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظة القنيطرة، معرباً عن رفض بلاده لهذه الخطوة باعتبارها احتلالاً وعدواناً ينتهك القانون الدولي واتفاق فض الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل عام 1974، وطالب بالانسحاب الفوري من الأراضي السورية المحتلة.

وكان الاجتماع عقد حينها على مرحلتين، الأولى فيه الوزراء العرب وتركيا، بينما حضر الثاني مسؤولون غربيون من فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وتركيا وإسبانيا، إلى جانب المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، وكايا كالاس المفوض الأعلى للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن وكيل وزارة الخارجية الأميركية، جون باس.
وشكل إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، رفع العقوبات عن سوريا، من العاصمة السعودية الرياض وبطلب مباشر من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لحظة فارقة في مسار البلاد وفرصة تاريخية لولادة “سوريا الجديدة”، وهي فرصة ما كانت لتتحقق لولا الجهود الدبلوماسية المكثفة التي قادتها المملكة العربية السعودية، بالشراكة مع كل من تركيا، قطر، والإمارات.
وأمام هذا المشهد التاريخي الذي جسدته الرياض، أثيرت تساؤلات عديدة عن أسباب مساعدة المملكة لسوريا الجديدة؟ وما الذي يدفع الرياض للاستثمار في إعادة بناء بلد عانى من دمار الحرب والانقسامات والصراعات الدولية؟

خيار استراتيجي يستند إلى التاريخ

ليأتي الجواب من الجانب السوري، حيث أن السياسة المتوازنة التي انتهجها الرئيس أحمد الشرع منذ توليه الحكم، وحرصه على تبني نهج عدم الانحياز لأي محور سياسي، وفتح خطوط التواصل مع جميع الأطراف الإقليمية، فكانت أولى خطواته الخارجية زيارة إلى الرياض، حملت في طياتها رسائل طمأنة إلى المملكة، وكسرت العزلة التي فرضها النظام السابق على سوريا لعقود، وقد ساهمت في إعادة الثقة وبناء جسور جديدة بين البلدين.
ومع تصاعد التحديات الداخلية في سوريا، بدءا من المطالبات بالتدخل الدولي، مرورا بمحاولات الاستقواء بالخارج، وانتهاءً بعودة هجمات الفلول والفوضى، وجدت المملكة نفسها أمام خيارين: إما الوقوف إلى جانب الإدارة الجديدة في سوريا ومساعدتها على تجاوز هذه المرحلة الحساسة، أو المخاطرة بترك سوريا فريسة لقوى معادية قد تعيد إشعال الحرب، وتحوّلها مجددا إلى مصدر اضطراب دائم في المنطقة.
وذلك لأن التجربة المريرة التي مرت فيها سوريا خلال الثورة، ودخول إيران بقوة إلى الساحة السورية، مع جميع أذرعها الإقليمية، حيث بقيت أكثر نحو 14 عاما، عبثت خلالها بأمن الإقليم، وشكلت تهديدا مباشرا للخليج العربي، سواء عبر تهريب المخدرات أو عبر الميليشيات المرتبطة بها.
إن دعم السعودية لسوريا اليوم لا يُقرأ فقط من زاوية إعادة الإعمار أو المصالح الاقتصادية، وذلك لأن استقرار سوريا هو جزء من استقرار الخليج والمنطقة بأسرها، وكذلك فرصة لإعادة تشكيل التوازنات في الشرق الأوسط، وبناء تحالفات جديدة مبنية على الاحترام والمصالح المشتركة، بعيداً عن التدخلات الخارجية والمشاريع الهدّامة.

آخر الأخبار
هدايا متبادلة في أول لقاء بين الرئيس الشرع وترامب بـ "البيت الأبيض" بعد تعليق العقوبات الأميركية.. "الامتثال" أبرز التحديات أمام المصارف السورية الرئيس اللبناني: الحديث عن "تلزيم" لبنان لسوريا غير مبرر الأردن يحبط عملية تهريب مخدرات عبر مقذوفات قادمة من سوريا انعكاسات "إيجابية" مرتقبة لتخفيض أسعار المشتقات النفطية قوات أممية ترفع الأعلام في القنيطرة بعد اجتماع وزارة الدفاع   تخفيض أسعار المحروقات.. هل ينقذ القطاع الزراعي؟ رفع العقوبات.. فرصة جديدة لقروض تنموية تدعم إعادة الإعمار اليابان تعلن شطب اسمي الرئيس الشرع والوزير خطّاب من قائمة الجزاءات وتجميد الأصول من واشنطن إلى الإعلام الدولي: الرئيس الشرع يرسم ملامح القوة الناعمة 550 طن دقيق يومياً إنتاج مطاحن حمص.. وتأهيل المتضرر منها  الرياض.. دور محوري في سوريا من هذه البوابة محاكمة الأسد.. الشرع يطرح قلق بوتين وتفاصيل الحل   الشيباني إلى لندن.. مرحلة جديدة في العلاقات السورية–البريطانية؟ سوريا فرصة استثمارية لا تعوض الواقع الزراعي بطرطوس متهالك ولا يمكن التنبؤ بمصيره مجلس مدينة حلب يوقّع العقد التنفيذي لمشروع "Mall of Aleppo " تحذيرات أممية من شتاء قاس يواجه اللاجئين السوريين.. والحكومة تتحرك القابون .. وعود إعمار تتقاطع مع مخاوف الإقصاء  180يوماً.. هل تكفي لتعزيز الاستثمار وجذب رؤوس الأموال؟