من واشنطن إلى الإعلام الدولي: الرئيس الشرع يرسم ملامح القوة الناعمة

الثورة – نيفين أحمد;

لقاء مفصلي استطاع إعادة موازين القوى في الشرق الأوسط، حيث بدأت سوريا تخطو اليوم خطواتها الأولى نحو ولادة حقبة جديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع، فلم تعد مقولة “ما قبل الأسد ليس كما بعده” مجرد شعار سياسي بل أصبحت واقع استراتيجي بدأت معالمه تتشكل على الأرض، ففي غضون أشهر قليلة تحولت دمشق من عاصمة معزولة واقعة تحت وطأة العقوبات، إلى لاعب دبلوماسي نشط وثابت يعيد صياغة علاقاته الدولية بلغة المصالح المشتركة والبراغماتية المدروسة.

مقابلة الرئيس الشرع مع قناة “فوكس نيوز” الأميركية في 11 نوفمبر/تشرين الثاني، كانت بمثابة الإعلان الرسمي عن هذه الولادة الجديدة، لم تكن مجرد حوار شكلي بل كانت محطة مفصلية أشبه برؤى سياسية ورسالة غير مباشرة، أعاد الرئيس الشرع من خلالها تعريف صورة سوريا أمام الرأي العام الغربي.

من خلال هذا الحوار قدم الرئيس الشرع، أجوبة متزنة وهادئة ورصينة، كما استطاع إدارة الحوار بمهارة وذكاء ملفت مستخدماً لغة منفتحة وواعية، وهو ما رسّخ مكانة القيادة السورية الجديدة كصوت سياسي مسؤول يسعى للحوار لا للمواجهة.

إعادة ترميم الصورة..

سوريا كدولة مسؤولة تزامنا مع الحراك الدبلوماسي غير المسبوق لزيارة الشرع ومشاركته في قمة المناخ بالبرازيل. جرت المقابلة على قناة “فوكس” الأميركية وهو ما جعل من آلية الحوار اختبار لقدرة الكلمة السورية على اختراق جدار الإعلام الغربي بعد عقود من القطيعة التي شهدتها سوريا، لكن انقلبت الموازين واستطاعت من خلاله القيادة الجديدة في استثمار هذا الزخم لتقديم رؤية جديدة، وهي أن سوريا لم تعد بؤرة أزمة بل دولة فاعلة ومنفتحة تسعى بحزم لاستعادة مكانتها الطبيعية.

الأرقام التي كشف عنها تقرير حصلت عليه “صحيفة الثورة” حول مقابلة الرئيس الشرع على قناة “فوكس نيوز”، حيث تدعم هذه القراءة وصول المقابلة إلى أكثر من 25.2 مليون متابع ليس هو الإنجاز بحد ذاته، بل طبيعة التفاعل هي الأهم أن يحظى الخطاب بنسبة محتوى إيجابي تصل إلى 78 بالمئة هو مؤشر قوي على أن الرسائل التي حملها قد اقتربت من الوتر الحساس لدى الجمهور والمحللين الدوليين.

نجحت المقابلة في إقناع شريحة كبيرة حول أهمية وجدية هذا التحول السوري، وبالتالي أعطت انطباع بأن العالم كان ينتظر بالفعل سماع صوت سوري مختلف صوت يتحدث بلغة العصر لغة يفهمها الجميع.

بين الحزم السياسي واللمسة الإنسانية

شخصية الرئيس الشرع نفسه هي السبب الرئيسي في نجاح المقابلة، حيث استطاع أن يمزج ببراعة بين الحزم في القضايا السيادية وعدم التهاون فيها بطريقة مرنة وهادئة والعمق الإنساني، فمن جهة وضع خطوط حمراء واضحة فيما يتعلق بالسيادة الوطنية ورفض التبعية التي كانت متبعة في السابق ،وقدم سوريا كشريك أساسي في محاربة الإرهاب وتحقيق الاستقرار لا كمصدر للتهديد.

كانت هذه أولى الرسائل الموجهة للعواصم الغربية والتي تتلخص بأن قواعد اللعبة قد تغيرت. ومن جانب آخر حاول الشرع عزل الصورة النمطية للقائد الشرق أوسطي الصارم، فحين تحدث عن ملف المفقودين وكان لكشفه عن تواصله الشخصي من خلال تواصل والدته شخصياً مع والدة الصحفي الأميركي أوستن تايس وتعهده بالتعاون لكشف مصيره.

ذلك كان له وقع عاطفي خاص لامس الإنسانية، فهذا الدمج الدقيق بين لغة الدولة الصارمة ولغة الإنسان المتعاطف هو ما منح الخطاب مصداقيته وقوته وعزز الثقة بالقيادة الجديدة على المستويين الشعبي والدولي، وهو ما انعكس من خلال التفاعل الرقمي الواسع مع المقابلة. حظيت المقابلة بتغطية إيجابية لافتة من منصات إعلامية كبرى عربية ودولية. لم تكتفي بالنقل بل قدمت تحليلات أبرزت هدوء الرئيس وثقته وقدرته على تفكيك القضايا المعقدة، لكن في المقابل حاولت بعض المنصات المعارضة التشويش والخروج عن مسار وجوهر الحدث من خلال التركيز على تفاصيل شكلية كالعلم وغيره، لكنها لم تفلح في تغيير الرأي العام الإيجابي.

فمجرد إجراء حوار مفتوح مع إعلام غربي بكل ما يحمله من احتمالات لأسئلة محرجة، وهو ما عكس ثقة متزايدة بالنفس ورغبة حقيقية في بناء جسور التواصل حتى مع من يختلفون معك.

العمق الاستراتيجي

لم تكن المقابلة مجرد استعراض وتهويل إعلامي، بل كانت جسراً لتمرير رسائل استراتيجية عميقة للولايات المتحدة والغرب، إذ شكلت تصريحات الرئيس حول السيادة والشراكة والعدالة الانتقالية ومكافحة الإرهاب خطاباً سياسياً متوازناً ورصيناً، حيث أوضح من خلاله أن سوريا الجديدة تبحث عن علاقات قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة لا على الإملاءات.

خلف الكواليس

قالت المذيعة التي أجرت اللقاء مع الرئيس الشرع، أن الرئيس قال بأن الزيارة استمرت لمدة ساعتين وكانت مثمرة جداً وكشف أنه تلقى من الرئيس ترامب قبعة خاصة “MAGA cap” (اجعلوا أميركا عظيمة مجدداً)، وأكد أنه سيأخذها معه إلى سوريا كتذكار من هذه الزيارة التي وصفها بأنها “لحظة فارقة في تاريخ العلاقات بين البلدين”.

وهذه لها دلالات رمزية كبيرة، كإشارة إلى أن ترامب رمز القوة الأميركية الشعبوية قد منح الشرع رمز النظام السوري الجديد رمزاً للتحالف والسيادة ،وترمز إلى منح واشنطن غطاء أو شرعية سياسية للرئيس الشرع.

وأشارت المذيعة، إلى أنه “رحب بك الرئيس ترامب زعيم العالم الحر في المكتب البيضاوي وهذا يُعد من أعلى أشكال التكريم التي يمكن أن ينالها شخص في الولايات المتحدة”.

هذا ينقلنا الى تغير جذري في أسلوب التواصل الدولي لسوريا من لغة المواجهة إلى لغة الحوار البراغماتي، وهو ما يفتح الباب على مصراعيه لإعادة صياغة العلاقات مع القوى الكبرى” كأميركا” على أسس جديدة.

والنجاح في تحقيق اختراقات دبلوماسية ملموسة مثل تعليق أجزاء من “قانون قيصر”، هو رهان عملي على أن هذه الرسائل لم تذهب سدى بل وجدت آذاناً صاغية في واشنطن وغيرها.

يمكننا القول أن مقابلة “فوكس نيوز” تعتبر خطوة تأسيسية استخدمت فيها القيادة السورية “القوة الناعمة” للإعلام بذكاء وحنكة لترسم بداية لصورة مغايرة و جديدة ومقنعة لسوريا في أذهان العالم، حيث أثبت الشرع من خلالها وبين سطورها أن الدبلوماسية الهادئة والخطاب العقلاني الرصين يمكن أن يحققا ما عجزت عنه لغة السلاح والمواجهة، وبهذا التحول استطاع فُتح الباب.

والمهمة الآن هي البناء على هذا التحول فسوريا اليوم تقف على عتبة مرحلة مستقبلية مزدهرة تكتب فيها فصول قوتها بلغة السياسة والمصالح لا بلغة الحرب والاصطفافات.
خلف الكواليس قالت المذيعة التي أجرت اللقاء مع الرئيس الشرع، أن الرئيس قال بأن الزيارة استمرت لمدة ساعتين وكانت مثمرة جداً وكشف أنه تلقى من الرئيس ترامب قبعة خاصة “MAGA cap” (اجعلوا أميركا عظيمة مجدداً)، وأكد أنه سيأخذها معه إلى سوريا كتذكار من هذه الزيارة التي وصفها بأنها “لحظة فارقة في تاريخ العلاقات بين البلدين”.
وهذه لها دلالات رمزية كبيرة، كإشارة إلى أن ترامب رمز القوة الأميركية الشعبوية قد منح الشرع رمز النظام السوري الجديد رمزاً للتحالف والسيادة ،وترمز إلى منح واشنطن غطاء أو شرعية سياسية للرئيس الشرع.
وأشارت المذيعة، إلى أنه “رحب بك الرئيس ترامب زعيم العالم الحر في المكتب البيضاوي وهذا يُعد من أعلى أشكال التكريم التي يمكن أن ينالها شخص في الولايات المتحدة”.
هذا ينقلنا الى تغير جذري في أسلوب التواصل الدولي لسوريا من لغة المواجهة إلى لغة الحوار البراغماتي، وهو ما يفتح الباب على مصراعيه لإعادة صياغة العلاقات مع القوى الكبرى” كأميركا” على أسس جديدة.
والنجاح في تحقيق اختراقات دبلوماسية ملموسة مثل تعليق أجزاء من “قانون قيصر”، هو رهان عملي على أن هذه الرسائل لم تذهب سدى بل وجدت آذاناً صاغية في واشنطن وغيرها.
يمكننا القول أن مقابلة “فوكس نيوز” تعتبر خطوة تأسيسية استخدمت فيها القيادة السورية “القوة الناعمة” للإعلام بذكاء وحنكة لترسم بداية لصورة مغايرة و جديدة ومقنعة لسوريا في أذهان العالم، حيث أثبت الشرع من خلالها وبين سطورها أن الدبلوماسية الهادئة والخطاب العقلاني الرصين يمكن أن يحققا ما عجزت عنه لغة السلاح والمواجهة، وبهذا التحول استطاع فُتح الباب. والمهمة الآن هي البناء على هذا التحول فسوريا اليوم تقف على عتبة مرحلة مستقبلية مزدهرة تكتب فيها فصول قوتها بلغة السياسة والمصالح لا بلغة الحرب والاصطفافات.

 

آخر الأخبار
سوريا تعزي تركيا في ضحايا تحطّم طائرة قرب الحدود الجورجية هدايا متبادلة في أول لقاء بين الرئيس الشرع وترامب بـ "البيت الأبيض" بعد تعليق العقوبات الأميركية.. "الامتثال" أبرز التحديات أمام المصارف السورية الرئيس اللبناني: الحديث عن "تلزيم" لبنان لسوريا غير مبرر الأردن يحبط عملية تهريب مخدرات عبر مقذوفات قادمة من سوريا انعكاسات "إيجابية" مرتقبة لتخفيض أسعار المشتقات النفطية قوات أممية ترفع الأعلام في القنيطرة بعد اجتماع وزارة الدفاع   تخفيض أسعار المحروقات.. هل ينقذ القطاع الزراعي؟ رفع العقوبات.. فرصة جديدة لقروض تنموية تدعم إعادة الإعمار اليابان تعلن شطب اسمي الرئيس الشرع والوزير خطّاب من قائمة الجزاءات وتجميد الأصول من واشنطن إلى الإعلام الدولي: الرئيس الشرع يرسم ملامح القوة الناعمة 550 طن دقيق يومياً إنتاج مطاحن حمص.. وتأهيل المتضرر منها  الرياض.. دور محوري في سوريا من هذه البوابة محاكمة الأسد.. الشرع يطرح قلق بوتين وتفاصيل الحل   الشيباني إلى لندن.. مرحلة جديدة في العلاقات السورية–البريطانية؟ سوريا فرصة استثمارية لا تعوض الواقع الزراعي بطرطوس متهالك ولا يمكن التنبؤ بمصيره مجلس مدينة حلب يوقّع العقد التنفيذي لمشروع "Mall of Aleppo " تحذيرات أممية من شتاء قاس يواجه اللاجئين السوريين.. والحكومة تتحرك القابون .. وعود إعمار تتقاطع مع مخاوف الإقصاء