الثورة – جاك وهبه:
تتطلع سوريا إلى تدفق التمويل الدولي لدعم المشاريع التنموية وإعادة الإعمار، لا سيما بعد صدور قرارات أميركية ودولية متتالية بتعليق أو رفع العقوبات المفروضة على البلاد.
ويعد التمويل التنموي أحد الأدوات الرئيسة لعملية إعادة الإعمار، ويشمل قروضاً مخصصة لدعم مشاريع البنية التحتية، وتحسين الخدمات الأساسية، وتعزيز القطاعات الاقتصادية الحيوية.

تدفق التمويل
ورأى الخبير في الشؤون الاقتصادية فاخر قربي، أن تعليق العقوبات أو تخفيفها جزئياً يزيد فرص تقوية الثقة بالاقتصاد السوري، لكنه لا يشكل تحولاً جذرياً بعد.
وأوضح قربي لصحيفة “الثورة” أن زيادة تدفق التمويل ستقتصر في البداية على بعض القطاعات، مثل البنية التحتية والطاقة، لكن القروض التنموية ستكون بحاجة إلى بيئة سياسية مستقرة وتوافقات مع المؤسسات المالية الدولية.
وأضاف: “إذا نجحت سوريا في تلبية شروط المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، فقد تتمكن من إعادة التفاوض بشأن قروض تنموية تساهم بشكل ملموس في إعادة الإعمار”.
وأشار إلى أن رفع العقوبات جزئياً يتيح إعادة التفاوض حول القروض التنموية مع المؤسسات الدولية، مع الحاجة إلى إصلاحات اقتصادية وهيكلية وسياسية.
قروض مشروطة
ولفت قربي إلى أن القروض التنموية مخصصة لمشاريع إعادة الإعمار والتنمية المستدامة، مثل بناء المدارس والمستشفيات وشبكات المياه والكهرباء، ودعم القطاعات الإنتاجية. وغالباً ما تكون مشروطة بإصلاحات اقتصادية، مما يستدعي من الحكومة اتخاذ خطوات عملية لتقديم ضمانات لاستقرار السياسات الاقتصادية.
وتابع : “تحسين بيئة الأعمال، وتعزيز حوكمة المؤسسات الاقتصادية، وتقديم ضمانات استثمارية، يجعل المؤسسات الدولية أكثر استعداداً لتقديم قروض تنموية، ما يسهم في تنفيذ خطّة إعادة الإعمار بشكل ملموس”.
ونبّه إلى أن المؤسسات مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي قد تشترط آليات لضمان استخدام هذه القروض بشكل فعّال، للحدّ من الفساد وتحقيق التنمية المستدامة.
التصنيف الائتماني
وحول تأثير رفع أو تعليق العقوبات على التصنيف الائتماني لسوريا، أي تقييم جدارتها الائتمانية ومدى قدرتها على سداد ديونها، أوضح قربي أن البنوك الدولية ومؤسسات التصنيف تأخذ في اعتبارها مجموعة عوامل اقتصادية وسياسية قبل تعديل التصنيف.
وقال: “حتى مع رفع العقوبات، قد يحتاج التصنيف الائتماني لسوريا إلى وقت طويل للتحسن، خاصة في ظلّ الحاجة إلى إصلاحات اقتصادية ومؤسساتية واضحة”.
ولا يوجد تصنيف ائتماني حديث لسوريا، لكن وكالة “آي اتش إس غلوبال إنسايت” خفضت تصنيف سوريا في عام 2011 إلى درجة عالية جداً من المخاطر.
أشهر حاسمة
وأعرب قربي عن اعتقاده بأن الشركات الأجنبية قد تكون أكثر استعداداً لدخول السوق السوري بمجرد تحسن الوضع السياسي والاقتصادي، لكنها ستظل مترددة ما لم تتوفر آليات قانونية واضحة وشفافة تحمي حقوقها، إضافة إلى استقرار السوق النقدي والمالي.
واعتبر أن الأشهر القادمة ستكون حاسمة، وإذا استغلت الحكومة السورية هذا التحول في البيئة السياسية والاقتصادية بشكل استراتيجي، فإنها قد تحقق تقدماً كبيراً في عملية إعادة الإعمار وفتح قنوات تمويلية جديدة، لكن تبقى الثقة بين جميع الأطراف هي المفتاح الحقيقي لجذب التمويل التنموي ودفع عجلة إعادة الإعمار.