الثورة – وعد ديب
يسعى قطاع المال والمصارف في سوريا إلى الاستفادة من قرار الولايات المتحدة بتمديد تعليق “قانون قيصر” لمدة 180 يوماً إضافية، لكن الخبراء يحذرون من عقبات إضافية، أبرزها “الامتثال المفرط”، أي المبالغة في الالتزام بقواعد العقوبات من قبل الجهات الدولية بما يتجاوز ما هو مطلوب قانونياً.
وأوضح الخبير الاقتصادي يونس الكريم لصحيفة “الثورة”، أن قرار تعليق العقوبات سيكون له أثر إيجابي محدود على حركة الحوالات المالية، مضيفاً أن التعليق يمنح هامشاً أكبر للعمليات المالية قصيرة الأجل، مثل الحوالات التي ستبقى ضمن نطاق شركات الصرافة أكثر من المصارف، وذلك بسبب قصر مدة التعليق التي لا تتجاوز ستة أشهر.
ومع ذلك، أشار الكريم إلى أن التأثير على المدى الطويل سيظل محدوداً نتيجة استمرار الحذر لدى البنوك الدولية في التعامل مع سوريا. ومع التعليق ستبقى البنوك العالمية مترددة في التعاون مع البنوك السورية بسبب الالتزامات المتعلقة بالامتثال للمعايير الدولية، مثل مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
فرص محدودة
ويرى الباحث الاقتصادي أن التعليق قد يتيح بعض الفرص لتنمية العلاقات بين المصارف السورية ونظيرتها الدولية، لكنها ستظل محدودة، إذ ستواجه البنوك السورية تحديات كبيرة في بناء علاقات متينة مع البنوك العالمية، نتيجة المخاطر المرتبطة بالامتثال للعقوبات الدولية.
وأشار إلى أن القرار لا يُحدث تغييراً جذرياً في واقع التعاملات البنكية بين الطرفين، لكنه قد يفتح المجال أمام بعض العمليات المالية قصيرة الأجل، مثل شراء المحروقات أو سداد الالتزامات التجارية، بدافع إنساني من بعض الدول، خاصة العربية، إضافة إلى دعم الحكومة في تنفيذ التزاماتها الدولية والمضي قدماً نحو رفع العقوبات.
تسريع عمليات التحويل
واعتبر الكريم أن القرار بمثابة “إلغاء مرحلي” للعقوبات، ما قد يسهم في تسريع عمليات التحويل. كما أن إلغاء التراخيص يخفف من البيروقراطية، مما يسهل الوصول إلى الأموال بشكل أسرع، الأمر الذي تستفيد منه شركات الحوالات الدولية، بينما تبقى المصارف خارج هذا الإطار بسبب متطلبات إضافية لا يمكن تجاوزها إلا برفع العقوبات بشكل كامل.
وأكد أن هذا التخفيف وحده لا يكفي لبناء بنية نقدية قوية، إذ يظل استقرار سعر الصرف والظروف الاقتصادية العامة من العوامل الأساسية التي تحدد فعالية التحويلات المالية.
وأضاف أن الامتثال سيبقى أحد أبرز التحديات أمام المصارف السورية، فبعد هذا التعليق، ستكون البنوك تحت ضغط أكبر لتحسين إجراءاتها في مجال مكافحة تمويل الإرهاب والفساد.
الإصلاحات والشفافية
وشدد الكريم على ضرورة أن يعمل “البنك المركزي والمصارف المحلية على تطوير سياسات أكثر شفافية مع متابعة دقيقة للمعاملات المالية، وهو ما يتطلب إعادة هيكلة البنية المصرفية.
كما قد يؤدي هذا التعليق إلى زيادة التنسيق بين سوريا والدول الأخرى والانكشاف على قنواتها المصرفية ضمن إطار مكافحة تمويل الإرهاب، الأمر الذي قد يحسن صورة النظام المصرفي السوري في الخارج على المدى الطويل”.
ولفت الكريم إلى أن التعليق يوفر فرصة لتفعيل بعض السياسات النقدية والإصلاحات المالية، ومن الإيجابيات المحتملة أنه قد يساعد في تحسين الاقتصاد المحلي بشكل محدود عبر تقليص حجم الاقتصاد غير الرسمي وتعزيز الموارد المالية للقطاع الحكومي، لكن من الضروري التعامل بحذر، لأن الإخفاق في تنفيذ السياسات النقدية بشكل سريع وفعال قد يؤدي إلى ضياع هذه الفرصة.