الثورة أون لاين – ناصر منذر:
تعتبر عودة اللاجئين قضية إنسانية ووطنية، وهي على رأس أولوية الدولة السورية خلال المرحلة القادمة، خاصة بعد تحرير غالبية المناطق التي كانت محتلة من قبل الإرهاب، حيث تبذل الحكومة كل ما بوسعها لتسهيل عودة المهجرين واللاجئين بعد تهيئتها الظروف المناسبة لذلك، وتأتي فعاليات الاجتماع السوري الروسي المشترك لمتابعة أعمال المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين والمهجرين السوريين لتصب في إطار الجهود السورية الروسية المشتركة للإسراع بعودة اللاجئين، والعمل على تذليل المعوقات التي يفرضها الحصار الاقتصادي الغربي المفروض على سورية.
المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين السوريين الذي عقد في تشرين الثاني عام 2020، شكل اللبنة الأولى لعودة كل المهجرين وتوفير العيش الكريم لهم، وقد عكس هذا المؤتمر السياسة السورية الهادفة إلى إعادة المهجرين واللاجئين وتسليط الضوء على قضيتهم الإنسانية والوطنية ووضع حد لمعاناتهم خارج وطنهم، حيث تسليط الضوء على معاناتهم في الخارج، هي مسألة مهمة، فكثيرة هي الدول – الغربية منها على وجه الخصوص- التي تتاجر بمعاناتهم، وتمارس بحقهم شتى أنواع الابتزاز، وتصر على منع عودتهم وتفرض عليهم البقاء على أراضيها عبر الإغراء حيناً، والضغوط و التخويف أحياناً أخرى، بما يتناقض مع كلّ مفاهيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان التي تتشدق بها تلك الدول.
الاجتماعات السورية الروسية المشتركة بشأن عودة اللاجئين لم تتوقف، بهدف العمل على تذليل كل المعوقات التي تحول دون عودتهم، وفي مقدمة تلك المعوقات الحصار الغربي الجائر، واستمرار الدول الغربية وبعض الأطراف الإقليمية وعلى رأسها النظام التركي والكيان الصهيوني بسياستها الداعمة للإرهاب، حيث تشكل هذه السياسة العدوانية العائق الأساس أمام الجهود التي تبذلها سورية مع روسيا، فتلك الأطراف لا تريد عودة الأمن والاستقرار إلى كامل ربوع الأراضي السورية لأن ذلك يتعارض مع أجنداتها الاستعمارية وأطماعها التوسعية.
الحكومة السورية، وعلى مدار السنوات الماضية لم تدخر جهداً لإعادة المهجرين وسبق لها وأن شكلت هيئة تنسيق خاصة لعودتهم إلى مدنهم وقراهم التي هجروا منها بفعل الإرهاب، واتخذت كل الإجراءات اللازمة لذلك، وبتوجيه من السيد الرئيس بشار الأسد، تواصل جهودها الحثيثة لتأمين عودة كريمة للاجئين بعد انتصارات الجيش العربي السوري على الإرهاب وعودة الأمن والأمان إلى أغلب المناطق، وهي ماضية في تقديم كل الخدمات اللازمة التي تدعم عودتهم رغم الإجراءات القسرية أحادية الجانب ولا سيما ما يسمى “قانون قيصر” ومنع وصول الأدوية والأجهزة الطبية في ظل جائحة كوفيد19 واستمرار انتهاكات وجرائم الاحتلالين التركي والأميركي إضافة للاعتداءات الإسرائيلية.
وقد بادرت الحكومة إلى تنظيم العمل لتخديم المواطنين بمختلف المجالات وفى كل المراحل لتمكينهم من الصمود، وتسريع عودة المهجرين واللاجئين من خلال التركيز على إعادة إعمار البنية التحتية، وتنفيذ العمليات الإنسانية وتقديم المساعدة الطبية للسكان، وإزالة الألغام، إضافة إلى تقديم المساعدات للمهجرين وإعادة الخدمات الأساسية للمناطق التي يحررها الجيش العربي السوري من الإرهاب.
ولا بد من التذكير بمراسيم العفو السابقة، التي تسهم في تشجيع اللاجئين على العودة وتحفزهم على إقامة مستدامة في وطنهم ومنازلهم، فضلاً عن إنجاز المئات من المشاريع الخدمية في مختلف المحافظات، رغم الإجراءات القسرية أحادية الجانب التي تفرضها الولايات المتحدة وحلفاؤها، حيث تم إعادة مئات المنشآت الصناعية للعمل، فيما العمل ما زال جارياً لترميم العديد من المنشآت الأخرى، بما يؤمن آلاف فرص العمل، وكل ذلك يصب في سياق تأمين الظروف الملائمة لعودة المهجرين، ومساهمتهم في عملية إعادة البناء والإعمار الجارية اليوم رغم الإمكانيات المحدودة التي يفرضها الحصار الغربي.
وكذلك لا بد من التذكير باستقبال الدولة السورية للمهجرين المحتجزين في مخيم الركبان ممن سمحت لهم العصابات الإرهابية بمغادرة المخيم والبالغ عدده أكثر من عشرين ألف شخص، فأمنت لهم كل ما يلزم من الإيواء المؤقت والرعاية الصحية والغذاء والتدفئة واللباس والوثائق الشخصية والسماح لمن يرغب بالمغادرة إلى المكان الذي يريد.
الجهود الحثيثة التي تبذلها الدولة السورية، وإلى جانبها روسيا، والأصدقاء والحلفاء، لا بد وأن تثمر بعودة كل المهجرين قريباً، لا سيما أن الجزء الأكبر منهم يرغب بقوة في العودة، خاصة بعدما قامت الدولة السورية بتقديم عدد كبير من التسهيلات، وهي ما زالت تقدم المزيد، ولا تنفك عن توجيه الدعوة لجميع المهجرين دون استثناء، انطلاقاً من حرصها الدائم على أبناء الوطن، أينما كانوا، وأينما وجدوا.