الثورة – منال السماك:
بعد تزايد أعداد الأشخاص ذوي الإعاقة بفعل الحرب على سورية، وما يعانيه هؤلاء الأشخاص من ضغوطات نفسية، وتحديات تجعلهم يعيشون في الظل مهمشين، كان من واجب الجهات المعنية من حكومية وأهلية تعنى بهذه الفئة، أن يتم سن قوانين وتشريعات تسهم في خلق بيئة دامجة اجتماعياً، وداعمة نفسياً لهم، فالشخص ذي الإعاقة إلى الآن يعيش ضمن الصورة النمطية، رغم كل الجهود الحكومية السابقة، وذلك لعدم توفر البيئة المجتمعية الداعمة لهم، فما زال عدم التقبل والشفقة والخجل الأسري من إظهار شخص ذي إعاقة لديها، هي سلوكيات تتعثر بها خطوات ومحاولات الدمج، ولكن الآن ينتظر ذوو الإعاقة إنصافهم وتفعيل دورهم كجزء لا يتجزأ من المجتمع.
بيئة دامجة وداعمة..
للحديث عن مشروع هذا القانون التقت “الثورة” رئيس مجلس أمناء مؤسسة العنقاء رفيف العاني، والتي أشارت إلى أن قانون الأشخاص ذوي الإعاقة الذي تمت مناقشته تحت قبة مجلس الشعب، وتمت مناقشته سابقاً مع مجلس الوزراء والجمعيات الأهلية والخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة، وفي حال المصادقة عليه وإقراره قريباً، سيكون أول قانون شامل لجميع مناحي الحياة الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة، فقد تم التعاون والتشبيك مع جميع المؤسسات والوزارات تحت مظلة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وذلك من أجل خلق بيئة مناسبة لدمج هؤلاء الأشخاص بالمجتمع، وكل هذه الوزارات مجتمعة ستكون في خدمة الأشخاص ذوي الإعاقة لمساواتهم مع غيرهم.
الحق بالحياة..
وعن أهداف هذا القانون أكدت العاني أن هذا القانون يركز على حق الأشخاص ذوي الإعاقة بالحياة، وكذلك احترام سلامته الجسدية والعقلية، إضافة لحقه بأن يعيش بالمجتمع بخيارات مساوية لغيره، وحقه بالتعبير عن رأيه وتكوين شخصيته، وحقه بالتنقل وحرية اختيار مكان إقامته، والحق بالتعليم والحماية، كما أن من حقه المشاركة بالحياة الثقافية والسياسية، والأهم أن هذا القانون أعطاه الحق أن يقاضي بنفسه أو من يمثله قانونياً أي شخص يتعدى عليه سواء بالإساءة الجسدية أم اللفظية أم بالإهمال أم بالتنمر أم الاستغلال، وهذه أول مرة يتم إصدار عقوبات بالحبس لأي شخص يتعرض لشخص من ذوي الإعاقة، وكذلك فرض غرامات مالية، سواء أكان بالتقليل من شأنه أم حرمانه من حقوقه.
بطاقة المعوق..
وعن موضوع بطاقة المعوق، تحدثت العاني: إن القانون لحظ هذا الموضوع لأهميته، ففي حال إساءة استخدام بطاقة المعوق الخاصة والتمتع بميزاتها، فيحق للشخص ذوي الإعاقة مقاضاته وفرض غرامة مالية عليه، وحصر استخدام هذه البطاقة بالشخص المعوق بذاته، حيث كانت فيما سبق شعارات فقط أما الآن فستنفذ على أرض الواقع.
معرفة حقوقهم..
وتابعت.. اليوم الشخص المعوق ينبغي أن يعرف حقوقه كي يطالب بها، فالإنسان الذي لا يعرف حقوقه هو غير قادر على المطالبة بها، وهنا يأتي دور المؤسسات التربوية ووسائل الإعلام لتسليط الضوء بشكل مكثف على الحقوق التي ينبغي أن يتمتع بها الأشخاص ذوي الإعاقة، والعمل على تغيير النظرة المجتمعية الرافضة لتواجدهم في الحياة العامة، فدمج الأشخاص ذوي الإعاقة بالمجتمع يواكب التوجه العالمي ليكون هؤلاء الأشخاص جزءاً من المجتمع فاعلين ومؤثرين بكل مناحي الحياة.
إن التأكيد على الدمج يؤكد دور كل منا في هذه العملية، فتقبل ذوي الإعاقة مهم جداً في عملية الدمج، وما أعاق دمجهم سابقاً هو رفض المجتمع لهم وعدم تقبلهم، وتغيير هذا الوضع ربما يحتاج لسنوات، ولكن إطلاق هذا القانون هو خطوة أولى نحو التطبيق الفعلي، فالتغيير المجتمعي لخلق بيئة دامجة لا يتم بين ليلة وضحاها، ولكننا الآن نسير بخطوات واثقة تحميها القوانين الخاصة بهذه الفئة من المجتمع، وعلينا أن نبدأ خطوة بخطوة لنمسك بيد الشخص ذي الإعاقة لنكون البيئة الحاضنة له بأي مؤسسة تعليمية أو أي مكان يتواجد فيه.
تقبلهم اجتماعياً..
وعن الآليات المتبعة لتغيير النظرة المجتمعية تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة، أشارت الأستاذة العاني إلى أنه ينبغي بداية التوجه للأسرة لتعديل نظرتهم، وتهيئة أطفالهم لتقبل الأشخاص ذوي الإعاقة بينهم في المدرسة، وبث البرامج التوعوية وإقامة جلسات ونقاشات تسلط الضوء، وكذلك توجيه الطلاب من قبل المدرسين والمعلمين.
ودورنا كمؤسسات وهيئات ومجتمع أن نساعد في تطبيق هذا القانون لأننا جزء مهم في نجاحه على أرض الواقع، ومسار الدمج الذي نسير به اليوم مهم جداً ومن الطبيعي أن نواجه صعوبات وتحديات، ولكن الأهم أن يعرف الأشخاص ذوي الإعاقة حقوقهم التي نص عليها القانون الجديد لتنير دربهم في حياتهم الجديدة التي سيحميها القانون لينصفهم ويساويهم بغيرهم من الأصحاء.