بناء الثقة بالحكومة من بوابة التميز في خدمة المواطن

الثورة – هنادة سمير:

في الوقت الذي تسعى فيه الدولة إلى ترسيخ الثقة بين المواطن ومؤسساتها، تتجه الأنظار إلى موقع التماس الأول بين الطرفين: نوافذ خدمة المواطن، فالثقة لا تُبنى بالتصريحات، بل تبدأ من لحظة دخول المواطن إلى الدائرة الحكومية، حين يجد موظفا يستقبله باحترام، ويؤدي واجبه بكفاءة، دون تأخير أو ابتزاز أو الحاجة إلى “واسطة”.

من هنا، تبرز أهمية تطوير الأداء الحكومي في المواقع التي تتعامل مباشرة مع الناس، باعتبارها حجر الأساس في بناء علاقة جديدة قوامها الاحترام، والشفافية، والكفاءة.

إرث ثقيل خلفه النظام البائد

على مدى ستة عقود، كرّس النظام السابق ثقافة إدارية مشوّهة، جعلت الموظف في موقع السلطة والمواطن في موقع الضعف، حيث كانت المعاملة البسيطة تتطلب جهدا ومعارف ورشاوى، حتى أصبح المواطن يخشى الدخول إلى أي مؤسسة حكومية، مما خلق فجوة عميقة بين المواطن والإدارة، وجعل المواطن يفقد ثقته بكل ما هو حكومي.

وبالرغم من التحسن الذي شهدته المؤسسات بعد التحرير، إلا أن تلك الذهنية القديمة ما زالت حاضرة في سلوكيات بعض الموظفين، ما جعل الحاجة ملحّة لتغيير جذري في ثقافة الخدمة العامة.

انطلاقا من هذا الواقع، أطلقت وزارة التنمية الإدارية برنامج ” التميز في خدمة المواطن، نحو بناء الثقة الحكومية” وفق ما أوضح مدير بناء القدرات في الوزارة حسام أبو عمر في حديثه لجريدة “الثورة” مبينا أن: البرنامج جاء استجابة لحاجة ماسة بعد رصد فجوة في مستوى التعامل غير اللائق مع المواطنين في نوافذ الخدمة، وهو ما دفع الوزارة إلى تصميم خطة تدريبية متكاملة تستهدف العاملين الذين لديهم تماس مباشر مع المواطنين.

يتألف البرنامج من تسع تدريبات، خمس منها في دمشق، والباقي في محافظات حلب، إدلب، اللاذقية، وحمص، تم تنفيذ ثلاث منها حتى الآن، ومن المقرر استكمال البقية قبل نهاية الشهر الجاري وهي تهدف إلى رفع مستوى الثقافة الوظيفية والسلوك المهني للعاملين، ليكون التعامل مع المواطن لائقا، حضاريا، ومبنيا على مبدأ الوظيفة لخدمة المواطن.

بناء الثقة يبدأ من الخدمة

يرى أبو عمر أن الثقة بالحكومة تُبنى من لحظة إنجاز الخدمة، عندما يحصل المواطن على معاملته بسرعة، دون رشوة أو تعقيد.

ويضيف: الغاية من البرنامج ليست فقط تحسين الأداء، بل تأسيس علاقة جديدة بين الدولة والمواطن، تقوم على الثقة المتبادلة.

فعندما يشعر المواطن بأن الحكومة تحترمه وتنجز خدمته بسهولة، سيتحوّل من متذمّر إلى داعم ومؤمن بمؤسساتها.

ويبين أنه ضمن استراتيجية وزارة التنمية الإدارية، تقوم إدارة بناء القدرات بتنفيذ تدريبات في مختلف الوزارات والجهات العامة، تشمل الجوانب الإدارية والتقنية، مثل تحليل البيانات، الإدارة الحديثة، واستخدام التقانات الرقمية المساندة وبغية قياس الأثر تعمل الوزارة على بناء نموذج لقياس أثر التدريب لمعرفة مدى التحسن في أداء الموظفين، ومدى انعكاسه على رضا المواطنين.

تحديات… وثقافة متجذّرة

ولا يخفي مدير بناء القدرات أن أكبر التحديات تكمن في الثقافة الوظيفية الموروثة من النظام البائد، حيث كان الفساد والرشاوى جزءا من بيئة العمل، مشيرا إلى أن ضعف الرواتب يشكّل تحديا إضافيا يؤثر على الأداء، إلا أن الحكومة تعمل على تحسينه تدريجيا بالتوازي مع تطوير بيئة العمل وتحفيز الموظفين.

وأكد أن التحول الرقمي من أهم الروافع التي تؤدي الى تقديم خدمة مميزة وفعالة للمواطن تحقق رضاه عن الخدمة والتي يتم من خلالها بناء الثقة بالعمل الحكومي، فعلى سبيل المثال معاملة استخراج جواز سفر يمكن إنجازها عبر منصة رقمية احترافية بسرعة وسهولة دون مراجعة الجهة الحكومية إلا عند استلام الجواز وكذلك فيما يتعلق بكافة المعاملات الأخرى التي يتم من خلالها توفير الوقت والمال على المواطن والموارد البشرية على الحكومة حيث يقتصر العمل حينها على المتابعة فقط.

تحفيز الموظفين على الالتزام بمعايير التميز

وعن آليات تحفيز الموظفين، أوضح أن الوزارة تعمل على تعزيز الوازع الأخلاقي والوطني، وترسيخ فكرة أن حسن التعامل مع المواطن هو تجسيد للانتماء للوطن، كما سيتم قريبا تفعيل نظام تقييم الأداء الوظيفي بموجب القانون الجديد، بحيث يُعتبر سوء التعامل مع المراجعين مخالفة جوهرية قد تؤدي إلى فقدان المنصب أو التسريح من العمل تأكيدا على أن خدمة المواطن هي المعيار الأول لقياس كفاءة الموظف العام.

آخر الأخبار
"اللاعنف".. رؤية تربوية لبناء جيل متسامح انفتاح العراق على سوريا.. بين القرار الإيراني والتيار المناهض  تحدياً للدولة والإقليم.. "حزب الله" يعيد بناء قدراته العسكرية في جنوب لبنان سوريا بلا قيود.. حان الوقت لدخول المنظمات الدولية بقوة إلى سوريا قوات إسرائيلية تتوغّل في ريف القنيطرة الاقتصاد السوري يطرق أبواب المنظومة الدولية عبر "صندوق النقد" القطاع المصرفي عند مفترق طرق حاسم إسرائيل في حالة تأهب قصوى للقاء بن سلمان وترامب الآباء النرجسيون.. التأثير الخفي على الأطفال والأمهات بناء الثقة بالحكومة من بوابة التميز في خدمة المواطن مشروع الهوية التنموية.. تحديات وفرص رفع معدلات القبول يشعل جدلاً واسعاً بين طلاب المفاضلة الجامعية "تجارة وصناعة" دير الزور تسعى لإطلاق مشروع تأهيل السوق المقبي البحث العلمي في جامعة اللاذقية.. تطور نوعي وشراكات وطنية ودولية حين يختار الطبيب المطرقة بدل المعقم محادثات أميركية ألمانية حول مشروع توريد توربينات غاز لسوريا قطر والسعودية وتركيا.. تحالف إقليمي جديد ضمن البوصلة السورية  الرؤية الاستراتيجية بعد لقاء الشرع وترامب.. "الأمن أولاً ثم الرخاء" ترامب يعد السوريين بعد زيارة الشرع.. كيف سينتهي "قيصر"؟ تغيرت الكلمات وبقي التسول حاضراً!