تغيرت الكلمات وبقي التسول حاضراً!

الثورة – مريم إبراهيم:

في إطلاق الحملة الوطنية لمكافحة ظاهرة التسول بداية الشهر الجاري أصرت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل هند قبوات على استبدال كلمة مكافحة بمعالجة كوجهة نظر تراعي الظروف الإنسانية للمتسولين، مع استعدادات للحد من ظاهرة يجمع كثيرون على خطورتها التي تنال الفرد والمجتمع.

بين الكلام والواقع

وكجهة معنية بالظاهرة مع تشاركية جهات أخرى تؤكد الوزيرة قبوات ضرورة توجيه الجهود لرعاية الأطفال المتسولين، باعتبارهم الفئة الأكثر عرضة للاستغلال والانتهاك، مع تحديد احتياجات هذه الفئات بدقة وفق المعايير الدولية الخاصة بالطفل، ومن خلال دراسة مشتركة من جهات عدة تشمل الحالة النفسية والاجتماعية لكل طفل، وتعويض الفاقد التعليمي له أو تنفيذ برامج محو أمية وإخضاعه لتعليم مهني، لجعله فرداً منتجاً، إضافة لتأمين الاحتياجات الغذائية الأساسية وفق معايير تحدد مدة بقاء الطفل في مراكز الرعاية الاجتماعية، والتي تتراوح بين ستة أشهر وسنتين، ونشر التوعية وهي الحجر الأساس في نجاح أي خطة.

بالمقابل وحتى بعد فترة من إطلاق الحملة، بالتعاون مع محافظتي دمشق وريفها يعكس الواقع الميداني وعبر مشاهدات يومية أن الظاهرة بقيت واقعاً يلمسه الكثيرون ولا يمكن تجاهله بالمطلق.

الخبيرة التربوية والاجتماعية غيثاء عدرة بينت في حديثها لصحيفة الثورة أن التسول مشكلة خطيرة وقضية مجتمعية تحتاج تضافر جهود جميع الجهات، والاستنفار لوضع حلول مناسبة لمعالجتها، والحملة التي أطلقت مهمة ولكن يجب اتخاذ إجراءات أكثر شدة، وعبر الجهود والمتابعة يمكن أن تحقق نتائج أفضل ضمن خطة متكاملة لإعادة دمج الأطفال المتسولين في المجتمع، والعمل على توجيه طاقاتهم ومهاراتهم والاستثمار فيها، مضيفة: هؤلاء الأطفال المتسولون مكانهم المدارس وليس الشوارع، ومعالجة الظاهرة تتطلب وقتاً طويلاً ولن يكون الأمر مجرد كلام، بل التشديد في العلاج ضروري، خاصة مع وجود أشخاص يمتهنون التسول للكسب المادي فقط، وليس للعوز، إضافة إلى غياب القوانين التي تمنع التسرب من المدارس، وهذا يفاقم خطورة الوضع ويجب البحث في الأسباب، وقيام الجهات التربوية بدورها في هذا الشأن عبر متابعة تطبيق قوانين التعليم الإلزامي ومعالجة التسرب.

مشكلة تتفاقم كثيراً

وترى الخبيرة التربوية ندى محمد أن التسول مشكلة تتفاقم كثيراً، وزادت أعداد المتسولين خلال سنوات الحرب لتشكل هذه الظاهرة مشهداً مؤلماً في شوارع سوريا، يعكس عمق المشكلة الاجتماعية والاقتصادية المتراكمة وتنذر بالأخطار المحدقة، سيما الأطفال ممن هجروا المدارس نحو التسول والتعود على كسب مادي يومي لا يعوض، وهذا بحد ذاته يجب أن يعالج من قبل الجهات المعنية، ولا شك أن نتائج الحملة تحتاج لوقت طويل فمن الصعب جداً معالجتها بالكامل، كونها تأخذ أبعاداً وجوانب متشعبة، فمن تعود على الحصول على دخل دون عناء لن يقبل بالتخلي عن هذا الدخل بين ليلة وضحاها، سيما أن هناك أفراداً يستغلون الأطفال لممارسة هذه المهنة وكسب استحسان وعطف الآخرين.

فرض عقوبات على من يمتهنون التسول

ومع كل ما يثار حول التسول يبقى هناك جانب آخر ومهم في طرح تفاصيل الموضوع وهو العمل على التوعية المجتمعية بحسب ما يشير إليه الباحث الاقتصادي سمير محمود فالمتسول يستعطف الناس ويمد يده وكعرف اجتماعي متعارف عليه ومن منطلق الرحمة والرأفة بالآخر يتم إعطاء المتسول المال، مع عدم المعرفة والتيقن من أن هذا الشخص هو بحاجة إلى المال أم هو ممتهن للتسول، وهذا يتطلب حزماً وشدة في فرض عقوبات على من يمتهنون التسول، وهم كثيرون جداً ، فمنهم من يمتلك أموالاً كثيرة جمعها عبر التسول، وقد لا تفيد كلمة معالجة في الحد من الظاهرة بقدر ما نحتاج لمكافحة وإجراءات صارمة بحق ممتهني التسول، والبحث في أوضاع المحتاجين من المتسولين ورعايتهم وفق معايير إنسانية تحفظ حقوقهم وكرامتهم.

غياب أرقام بالعموم

تزايد ملحوظ في أعداد المتسولين من مختلف الشرائح العمرية ينتشرون في مختلف الشوارع والحارات، ولا توجد أرقام واضحة تحدد العدد الفعلي للمتسولين فهناك متسول حقيقي وآخر ممتهن، إلا أنه وحسب المركز السوري لبحوث السياسات، هناك أكثر من 93 في المئة يعيشون الفقر والحرمان، و60 في المئة يعانون الفقرالمدقع، ولا شك أن الأمر يحتاج تشبيكاً وتعاوناً بين الشؤون الاجتماعية والعمل وباقي الوزارات والجهات كالتربية والداخلية وغيرها من الجهات للحد من الظاهرة ما أمكن.

آخر الأخبار
"اللاعنف".. رؤية تربوية لبناء جيل متسامح انفتاح العراق على سوريا.. بين القرار الإيراني والتيار المناهض  تحدياً للدولة والإقليم.. "حزب الله" يعيد بناء قدراته العسكرية في جنوب لبنان سوريا بلا قيود.. حان الوقت لدخول المنظمات الدولية بقوة إلى سوريا قوات إسرائيلية تتوغّل في ريف القنيطرة الاقتصاد السوري يطرق أبواب المنظومة الدولية عبر "صندوق النقد" القطاع المصرفي عند مفترق طرق حاسم إسرائيل في حالة تأهب قصوى للقاء بن سلمان وترامب الآباء النرجسيون.. التأثير الخفي على الأطفال والأمهات بناء الثقة بالحكومة من بوابة التميز في خدمة المواطن مشروع الهوية التنموية.. تحديات وفرص رفع معدلات القبول يشعل جدلاً واسعاً بين طلاب المفاضلة الجامعية "تجارة وصناعة" دير الزور تسعى لإطلاق مشروع تأهيل السوق المقبي البحث العلمي في جامعة اللاذقية.. تطور نوعي وشراكات وطنية ودولية حين يختار الطبيب المطرقة بدل المعقم محادثات أميركية ألمانية حول مشروع توريد توربينات غاز لسوريا قطر والسعودية وتركيا.. تحالف إقليمي جديد ضمن البوصلة السورية  الرؤية الاستراتيجية بعد لقاء الشرع وترامب.. "الأمن أولاً ثم الرخاء" ترامب يعد السوريين بعد زيارة الشرع.. كيف سينتهي "قيصر"؟ تغيرت الكلمات وبقي التسول حاضراً!