الثورة – منذر عيد:
بكثير من التسارع، الممزوج بكم هائل من الحكمة والقراءة الدقيقة لمتغيرات الأحداث في المنطقة، اتخذت العلاقات السورية- العراقية منحى جديداً وفق مبدأ “علاقة إستراتيجية جديدة”.. ليبقى السؤال هل انتقلت بغداد من سياسة “الأبواب المواربة” مع دمشق عقب سقوط نظام بشار الأسد، إلى سياسة “الأمر الواقع”، المبنية على كم هائل من المصالح المشتركة بين البلدين الشقيقين؟.
صفحة جديدة
رغم الخطا السياسية العراقية المتثاقلة باتجاه دمشق، إلا أن رغبة الطرفين في فتح صفحة جديدة بدا جلياً عبر الخمسة أشهر من عمر الإدارة السورية الجديدة، حيث شكلت زيارة رئيس المخابرات العراقية، حميد الشطري، على رأس وفد أمني عراقي إلى دمشق ولقائه السيد الرئيس أحمد الشرع، في 26 كانون الأول الماضي، أولى خطوات التقارب السوري العراقي، حيث حملت المواضيع التي تم مناقشتها هواجس الطرفين، وفي مقدمتها الوضع الأمني وضبط الحدود، لتعزز زيارة الشطري الثانية إلى دمشق قبل يومين ما أسست له الزيارة الأولى، ولتوسع مروحة الحوار، والبحث في نقاط التقارب، لجهة تشجيع الاستثمارات، لاسيما في قطاعات النفط والحبوب، وتوسعة فرص التبادل التجاري ومناقشة إمكانية تأهيل الأنبوب العراقي لنقل النفط عبر الأراضي السورية إلى موانئ البحر الأبيض المتوسط ، حسب ما ذكرت الوكالة العراقية الرسمية.
بعيداً عن التجاذبات السياسية
العلاقات التاريخية بين الشعب السوري والعراقي، كثيراً ما كانت بعيدة عن التجاذبات السياسية، وهو ما ظهر دائماً في مواقف البيئة الاجتماعية على طرفي الحدود إزاء أي مصاب يتعرض له أحدهما، ومسارعة كل طرف إلى تقديم يد العون والمساعدة للطرف الآخر، ليتجلى ذلك في تقديم الشعب العراقي أول من أمس 220 ألف طن من القمح كمساعدة للشعب السوري، لمواجهة ما يعانيه من أوضاع اقتصادية جراء العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه، ولترى الحكومة العراقية في شحنة المساعدات تلك بداية لعلاقة استراتيجية جديدة تأخذ في الاعتبار دور هذين البلدين بتعميق أواصر الأخوة العربية، وتعميق أواصر المحبة العربية، حسب ما ذكرت “واع”.
تعزيز المصالح المتبادلة
لا شك أن الخطوات العراقية نحو دمشق، لم تكن من طرف واحد، بل إن دمشق أبدت ذات الرغبة، وتأكيد سعيها الدائم إلى بناء علاقات متمايزة عن عهد نظام الأسد، من خلال تعزيز المصالح المتبادلة ووضع آليات قابلة للتطبيق على الأرض، خصوصاً في الملفات الأمنية والاقتصادية، الأمر الذي أكده وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني خلال زيارته بغداد منتصف آذار الماضي، إذ قال حينها في مؤتمر مع نظيره العراقي فؤاد حسين بحسب ما نقلته وكالة “سانا”: “نزور بغداد ضمن جهودنا لتأكيد وحدة الصف بين العراق وسوريا، وبلدنا جاد في تعزيز روابطنا”، مشيراً إلى أن “الشراكة القوية مع العراق ستجعلنا أكثر مناعة في مواجهة التدخلات الخارجية(…) مصائرنا مشتركة والبلدان يجب أن يقفا ضد التهديدات وضد التدخلات الخارجية التي يتعرضان لها، كما أننا مستعدون للتعاون مع العراق في محاربة داعش فأمن سوريا من أمن العراق”.
ملامح العلاقات السورية- العراقية الجديدة رسمت بشكل واضح خلال لقاء الرئيس الشرع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في العاصمة القطرية الدوحة بحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، حيث أكدت الرئاسة السورية في بيان أن اللقاء خطوة مهمة على طريق بناء علاقات متوازنة ويمثل انطلاقة جديدة نحو تعزيز العمل العربي المشترك”.