الثورة – لينا إسماعيل:
إن الناظر في التاريخ يرى أن الناس بأحوالهم الطبيعية، في كل زمان ومكان، قد أجمعوا على التعاون والتكافل، واتفقوا على حماية الضعيف، ونصرة المظلوم وإغاثة الملهوف، وبالتالي التعاون الشامل في الصالح العام، وأكدت على ذلك الضمائر الإنسانية والأديان السماوية.
من هنا بدأ حوارنا مع الشيخ أحمد سليم اللوجي، حول أهمية استنهاض هذه المفاهيم الإنسانية والروحية في سبيل النهوض بالمجتمع وبالوطن.
كفالة الجماعة
أوضح الشيخ اللوجي أن شرعنا الحنيف جعل التكافل الاجتماعي مطلباً في مقاصد الإسلام، وانطلاقاً من قوله تعالى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ..} يعيش الفرد في مجتمعه عضواً فعالاً وإيجابياً لا أَشَلَّ، سلبياً في جسم الأمة.
فالإنسان الإيجابي يرى نفسه وقفاً خيرياً لكل فرد من مجتمعه، وبالتالي يصبح الواحد للمجموع والمجموع للواحد، يقف بجانب المعدوم، ويجود الموسر على المعسر، ويعيش الفرد في كفالة الجماعة، وتعيش الجماعة بمؤازرة الفرد، تساعد ضعيفهم ويتعلم جاهلهم وتحنو على صغيرهم.
كيف تعامل الإسلام مع تركيبة المجتمعات وبنيتها الطبقية من حيث المادة والروح؟
لقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن الفضل الكبير والثواب العظيم لمن يقف بجانب أخيه، فيقول الحديث الشريف: “المسلمُ أَخو المسلم، لا يَظلِمُه، ولا يُسْلِمُهُ، ومَنْ كَانَ فِي حاجةِ أَخِيهِ كانَ اللَّهُ فِي حاجتِهِ، ومَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسلمٍ كُرْبةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بها كُرْبةً مِنْ كُرَبِ يوم القيامةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلماً سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ الْقِيامَةِ” مُتَّفَقٌ عَلَيهِ”.
فأفضل الأعمال إدخال السرور على المؤمن تكسو عورته، وتشبع جوعته، وتقضي حاجته، بل وجعل ذلك سبباً من أسباب دخول الجنة، فقد سُئل أحد الصحابة ( تحب الجنة؟ قال: نعم، قال: فأحب لأخيك ما تحب لنفسك).
وذلك أن أعباء الدنيا جسام، والإنسان وحده أضعف من أن يقف وحيداً تجاهها، فمن حقه أن يشعر أن له إخوة، هم سند له، وأن قوة المجتمع تشد من أزره، ولا ينبغي أن يترك الضعيف وحده في معترك الحياة ومشاقها الصعبة.
الوقف الخيري باب للتكافل
ما أهمية الأوقاف الخيرية في تعزيز مفهوم التكافل الاجتماعي؟
إن مشروع الوقف الخيري يعتبر باباً من أبواب التكافل الاجتماعي، ومنها الوقف الذري ووقف البهائم المعطلة، ووقف الأواني المكسرة، والوقف الكوثري، ووقف قضاء ديون الميت، ووقف الفاكهة، ووقف العرائس، وغيرها من أنواع التكافل الاجتماعي التي حضّ عليها الإسلام لتكافل المجتمع.
لاشك أن مجتمعاً يطبق التكافل الاجتماعي كمنهاج حياة له، هو مجتمع حصين متين، لا تؤثر فيه معاول الهدم، ولا تزعزعه نكبات الأيام، وكم من مصيبة في رحمٍ غائبة أجهضها معروف بين الناس، وحين يخلو المجتمع من هذه الفضيلة يتعرّض لنتائج غير محمودة، تصيب المجتمع بنكسات أخلاقية واجتماعية، وتعرّضه للانهيار والدمار حينما تتمكن فيه الأثرة وحب الذات.
أخيراً سُئل حكيم عن أعظم المصائب.. فأجاب: أن تقدر على المعروف فلا تصنعه حتى يفوت.