الثورة – رولا عيسى:
معادلة جديدة تُكتب اليوم فصولها الجديدة في الرياض، التي لم تعد مجرد عاصمة دبلوماسية، بل تحولت إلى “غرفة عمليات” اقتصادية إقليمية، وعلى الطاولة اليوم، ملف “سوريا”، لكن ليس من بوابة الحرب، بل من نافذة الاستثمار.
وفي خطوة تعكس تحولاً استراتيجياً عميقاً في المشهد الجيوسياسي والاقتصادي للمنطقة، تتجه الآمال، حيث ينعقد “مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار” في يومه الثاني.
ولا يقتصر هذا الحدث العالمي، الذي يُلقب بـ”دافوس الصحراء”، على كونه ملتقى لقادة المال والأعمال العالميين، بل أصبح مسرحاً لتطورات دبلوماسية كبرى.
وتأتي المشاركة السورية رفيعة المستوى في قلب هذا الحدث، لتعلن عن مرحلة جديدة من التعاون مع المملكة العربية السعودية، وتفتح صفحة طموحة لإعادة الإعمار وجذب الاستثمارات.

تقول الخبيرة الاقتصادية والتنموية الدكتورة زبيدة القبلان: يشهد المؤتمر حضوراً سورياً بارزاً، تمثل في وفد وزاري شمل المالية والاقتصاد والصناعة والطاقة.
وتضيف: هذه الخطوات الدبلوماسية لا تشير فقط إلى عودة الدفء للعلاقات الثنائية، بل تضع أساساً متيناً لشراكة اقتصادية تهدف إلى إعادة دمج سوريا في محيطها العربي عبر بوابة الاستثمار.
كيف تستفيد سوريا؟
هنا تشير الدكتورة القبلان إلى أن الفائدة السورية تتجاوز مجرد الحضور الدبلوماسي، لتشمل مكاسب استراتيجية وملموسة يمكن أن تضع الاقتصاد على مسار التعافي.
وترى الخبيرة الاقتصادية أن الاستفادة الفعلية تتمثل في عدة محاور رئيسة:
– تمويل مباشر لمشاريع البنية التحتية، من خلال تحويل الاتفاقيات البالغة 6.4 مليارات دولار إلى مشاريع قيد التنفيذ، يمكن لسوريا البدء فعلياً في إعادة بناء وتأهيل شبكات الكهرباء، والمياه، والطرق، والمستشفيات، والمدارس، وهي الأساس لأي نهضة اقتصادية.
– خلق فرص عمل، من خلال مشاريع إعادة الإعمار والاستثمارات في قطاعات الصناعة والزراعة والسياحة ستؤدي حتماً إلى خلق آلاف فرص العمل للشباب السوري، ما يساهم في خفض معدلات البطالة وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين.. نقل المعرفة والتكنولوجيا عبر الشراكة مع الشركات السعودية والعالمية المشاركة في المؤتمر تتيح لسوريا الوصول إلى أحدث التقنيات والخبرات الإدارية، خاصة في مجالات الطاقة المتجددة، والتحول الرقمي، والزراعة الحديثة، وهو ما يعزز الإنتاجية والكفاءة على المدى الطويل.
– كسر العزلة الاقتصادية، وذلك من خلال الدعم السعودي النشط لرفع العقوبات وإنشاء صناديق استثمارية متخصصة مثل “إيلاف” يفتح الباب أمام تدفقات مالية دولية كانت محجوبة سابقاً، ويعيد ربط البنوك والمؤسسات السورية بالنظام المالي العالمي..
– تحفيز القطاع الخاص المحلي عبر دخول استثمارات أجنبية كبيرة يشجع القطاع الخاص السوري على المشاركة في المشاريع كشريك محلي، ما ينشط السوق الداخلية ويعيد بناء الثقة لدى المستثمرين المحليين.
وتتابع: وفقاً للترقبات يتميز اليومان الثاني والثالث من المؤتمر بجدول أعمال حافل بالجلسات الحوارية التي تجمع قادة حكومات، وخبراء اقتصاديين، ورجال أعمال من مختلف أنحاء العالم.
تركزت النقاشات على قضايا مصيرية تشكل مستقبل الاقتصاد العالمي، مثل تأثير الذكاء الاصطناعي، والأبعاد الجيواقتصادية لندرة الموارد، والتحولات الديموغرافية.
وتختم الدكتورة القبلان حديثها بالقول: يقف اليوم الثاني من مؤتمر مستقبل الاستثمار كشاهد على فصل جديد يُكتب في تاريخ المنطقة، فبينما تتواصل الحوارات العالمية حول مستقبل الاقتصاد، ترسم الرياض ودمشق معاً ملامح شراكة استراتيجية قد تعيد تشكيل خريطة الاستثمار في الشرق الأوسط، وتمنح سوريا أملاً حقيقياً في مستقبل أكثر ازدهاراً واستقراراً.