حتى وإن كانت هناك نقاط تشير إلى ارتباكات ما في بعض المواقف الدولية، وغموض في التصريحات، ولاسيما لدى منظومة العدوان بهدف إطالة أمد الحرب على سورية، إلا أن تلك الحرب باتت في مرحلة الخلاص الأخيرة، وهو عكس ما يتم طرحه من جهات تعبر عن أحلامها وتمنياتها، لا قناعاتها، لأنها أيضاً تعلم يقيناً أنه حتى لو كان لأميركا بعض الغايات المبيتة، والتي تريد من خلالها ابتلاع المنطقة بما فيها، وخلق ساحات حروب جديدة، وتهيئة الأجواء لاعتداءات ضد سورية الدولة أو غيرها، فهي لم تعد قادرة على بلوغ الاستراتيجية التي كانت تمتلكها، وذلك نتيجة وجود قوى تقف بصرامة بوجهها، ومستعدة لكسر وتحطيم جدران الوهم و الدم التي أقامتهما واشنطن وأتباعها في المنطقة.
اليوم تتوجه الأنظار إلى قمة سوتشي الثلاثية المرتقبة منتصف الجاري، وذلك بهدف تعزيز ما تم الاتفاق عليه في القمة الماضية، وما تم تثبيته في لقاءات آستنة، حيث لم يبق هناك سوى عائق وحيد، وهو طريق المراوغة الذي يواصل النظام التركي السير فيه لقطع باقي السبل على الشريكين الروسي والإيراني اللذين يبذلا جهوداً مضاعفة لإنهاء الحرب، ودفع جهود الحل السياسي بالتوازي مع استكمال عمليات القضاء على ما تبقى من إرهاب، ولاسيما أن الدولة السورية على أبواب إعلان انتصارها النهائي على الإرهاب وداعميه.
تناقضات أميركا وتركيا في سورية تكشف حجم أطماع الطرفين في البقاء مبدئياً والاحتلال ثانياً، وإلا لما تمسكت واشنطن بالبقاء في منطقة التنف، وما استمر الوضع على حاله طوال الفترة الماضية، ولاسيما أن أي قرار يتم اتخاذه ليس بحاجة إلى كل هذا الوقت للتنفيذ، لكن إدارة ترامب حائرة اليوم بين التخلي عن حلفائها وأصدقائها وشركائها، بهذه السرعة طالما تستثمر في إرهابها الممول من خزائنهم والموجود على أراضيهم، وبين القناعة بأن الطمع قد يضر بصاحبه، ولن يحقق لها غاياتها المرجوة، في وقت تقتنع فيه تماماً أن البقاء في المنطقة بحجة الحماية وما إلى هنالك من ذرائع واهية لن ينطلي على أحد، لأن تلك الدول والجهات ليست بحاجة لهذا الأمر، وهي من ينفذ تلك الاعتداءات ويمول وينشر الإرهاب في المنطقة ويثير الفوضى والصراعات، وبالتالي عن أي حماية تتحدث ومن هو بحاجة لذلك؟! ولذا من المؤكد أن الأمر بالنسبة لواشنطن اقتناص المزيد من المكاسب.
أما تركيا فباتت ضائعة وتتخبط في خياراتها، وحائرة بين الاستمرار في تحسين العلاقة مع موسكو وطهران، وتحصيل ما تستطيعه من وراء السير في طريقهما، وبين الحصول على تفاهمات مع واشنطن حفاظاً على المستقبل، في وقت تدعم فيه عصابات إرهابية سوف يتم القضاء عليها عاجلاً أم آجلاً، سواء استقدمت المزيد منهم إلى إدلب أم لم تستقدم، لذا فطريق المراوغة الذي تحاول المضي فيه آيل للانقطاع.
كتب حسين صقر
التاريخ: الجمعة 8-2-2019
الرقم: 16905