رسائل كثيرة حملها معرض الزهور الدولي في دورته الأربعين بين فعالياته الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والترفيهية، والعودة إلى المهن التراثية، والتأكيد على الهوية السورية، وما تتميز به من عمق الاصالة والتاريخ، كانت أحد العناوين البارزة التي ضمها المعرض بين أنشطته المتنوعة، فقد لفتنا وجود العديد من المشاركين بمهن وحرف تقليدية قديمة، وجدوا في المعرض فرصة لإحيائها والدعوة إلى تعلمها واستمرارها.
إحدى المشاركات التي التقينا بها كانت لنبيل علي سيف الدين من محافظة إدلب – منطقة أرمناز التي تشتهر بصناعة الفخار ـ الذي قدم مجموعة من الأباريق والشلالات و الصحون وأشكال عديدة مختلفة، مبيناً أن مشاركته تأتي للتعريف عن هذه المهنة التي تعتبر أقدم صناعة عرفها الإنسان عبر التاريخ، حيث تم توارثها أباً عن جد حتى وصلت إليه، مبيناً صعوبة العمل في هذه المهنة، حيث يتم تجميع الأتربة وخلطها بالماء ثم تنشيفه، ليتم «دعسه» بالإقدام، يضاف إلى ذلك عدة مراحل أخرى وصولاً إلى صناعة المنتجات الفخارية فيما بعد بالآت اليدوية التي تحتاج إلى جهد عضلي وكثيراً من الصبر والهدوء، الأمر الذي أبعد الكثيرين من الشباب على تعلم هذه المهنة و اختيار مهن أخرى.
وأضاف أن هذا الأمر بات من الماضي، حيث تم تطوير تلك الأدوات من خلال صنع آلة العجن بدلاً من «تدعيس» التراب بالأقدام، وتحويل آلة الدوار التي كانت تعمل بالدفش إلى الكهرباء، وصنع آلات مساعدة تخفف من صعوبتها ومنها مكنة ضغط وتفريغ العجين من الهواء، الأمر الذي لاقى استحساناً عند الكثيرين، مبيناً أن المعرض يسهم في تشجيع الشباب على تعلم هذه المهنة التراثية الرائعة في ظل هذا التطور وزيادة الإقبال على منتجاتها، ومنها صناعة الشلالات الفخارية، مؤكداً الأهمية الصحية لصناعة الفخار فهو يسحب البكتريا من المياه و يجعلها نقية، كما أنه صحي للطبخ.
من جهة أخرى دعا المشارك في هذه المهنة أيضاً محمد سالم الفاخوري من محافظة حمص إلى افتتاح معهد لتعلم هذه المهنة، أو فرع لها في كلية الفنون، فكما يقول أنه أصبح عدد العاملين في هذا القطاع معدودين، مؤكداً أن المعرض فرصة لاستقطاب الشباب وتعلم هذه المهنة، والتأكيد على استمرارها وعدم انقراضها، لافتاً إلى أن كلمة سيريا ميك يعود منشأها إلى سورية، و الفخار كما الزجاج بحسب دراسات اليونسكو لكونه الأكثر صحة للإنسان.
نشر ثقافة تربية النحل، والتعريف بأهمية منتجاته كانت محور مشاركة الدكتور عبدالله حاطوم المختص بتربية النحل في المعرض، فقد وجد في هذا الملتقى مكاناً للتعريف بفوائد العسل ومنتجاته الطبية و تركيبها.
مبيناً أنه يجتهد بالعمل في هذه المهنة منذ سنوات ويقوم بطرح منتجات غذائية وطبية جديدة سنويا في هذا المعرض، بالإضافة إلى إلقاء المحاضرات التي تتحدث عن أهمية النحل للطبيعية وللإنسان، مشيراً إلى الإقبال الجيد جداً على منتجات النحل غذائياً وطبياً، لان هناك علاج بمنتجات النحل والغذاء الملكي وحبوب الطلع، حتى سم النحل يستخدم في علاج لعدد من الأمراض، كالعلاج بالأعشاب والابر الصينية.
وأوضح أن هذه المعارض والمؤتمرات تساهم في نشر ثقافة الترابط بين الزهر والنحل، فلولا كل منها لا يوجد الآخر وأنواع العسل تكون تبعاً لنوع الزهر الذي يتغذى منه النحل، و هنالك 6 منتجات لخلية النحل.
نبيل خضور مدير تسويق إحدى شركة الغار الطبيعي من محافظة اللاذقية بين أن الهدف من مشاركته في المعرض هو الدخول إلى الأسواق المحلية، واستقطاب السوريين لمنتجات شركته التي تعتمد في تصنيعها على مواد أولية طبيعة 100 % مثل الزهور والبذور وزيت الزيتون وزيت الغار والصنوبر و اللوز، وإنتاج الغار السائل و الصابون، ومستحضرات طبيعية أكثر صحة من الكيميائية التي طغت في الآونة الأخيرة، مشيراً إلى أن شركته تصدر لعدة دول أوروبية كفرنسا وبريطانيا و الدانمارك وهولندا وكندا، وأن المعرض يساهم في التعريف عن هذه المنتجات، خاصة في ظل الأسعار المنافسة التي تصل إلى حد الكلفة.
هناك مشاركات في المعرض كانت لأول مرة منها مجموعة مشاتل بوابة دمشق المختصة بنباتات الزينة والحراجية، وتنسيق الحدائق وصيانتها وتمديدات شبكات الري الالكترونية، حيث بينت رغدة الكسيح من المجموعة أن المعرض يساهم في تشجيع تربية الأزهار والعناية بالحدائق وتنسيقها، خاصة في ظل المرحلة القادمة، التي تحتاج إلى إطفاء منتجات هذه المشاتل ومهنة تنسيق الحدائق، لتكون أكثر جمالية وإبداعاً، مشيرة إلى حجم الإقبال الذي يشهده المعرض من المهتمين بهذا الجانب.
دمشق – فارس تكروني
التاريخ: الخميس 11-7-2019
رقم العدد : 17021