الثورة – حلب – فؤاد العجيلي:
تشكل العلاقات بين سوريا وتركيا ميداناً خصباً لإنعاش القطاع الاقتصادي في كلا البلدين ، وانطلاقاً لاقتصاديات العالم والمنطقة ، وذلك بسبب عوامل عدة مشتركة تربط بين البلدين الجارين منها ماهو إجتماعي ومنها ماهو ثقافي، وفوق هذا وذاك المناحي الاقتصادية خاصة الصناعية منها.
– مشاريع مشتركة:
وبالعودة إلى الوراء قليلاً تم انطلاق برنامج التعاون الإقليمي السوري – التركي المشترك عام 2006 بالتعاون بين هيئة تخطيط الدولة السورية ونظيرتها التركية، وبميزانية قدرها 20 مليون دولار أمريكي مناصفة، وذلك بهدف إقامة مشاريع مشتركة في كل من محافظة حلب وولايتي كلس وغازي عنتاب، وذلك من خلال تطوير الإمكانيات والأعمال التقنية ودعم المشاريع السياحية.
– خطوات من الجانبين:
ومنذ البدء بالبرنامج ولغاية انطلاق الثورة السورية عام 2011، خطا برنامج التعاون الإقليمي السوري – التركي المشترك خطوات جادة في إقامة مشروعات مشتركة في كل من محافظة حلب وولايتي كلس وغازي عينتاب التركيتين، حيث تم تنفيذ العديد من المشاريع من كلا الجانبين، وعمل الجانب السوري على تجهيز مركز السلامة الحدودي وتجهيز نقطة طبية إسعافية على طريق حلب غازي عنتاب، وإصدار منشورات عن الأوابد والآثار في كلا المدينتين وإقامة مركز المعلومات السوري – التركي وتأسيس مركز للوثائق والمخطوطات وإنتاج ” ميسيليوم ” الفطر الزراعي في مؤسسة إكثار البذار بحلب، وتأهيل كوادر مجلس مدينة حلب بالتعاون مع مجلس مدينة غازي عنتاب.
يضاف إلى ذلك مشروع ترميم الحمام الأثري في منبج والتوسع في زراعة شجرتي الفستق الحلبي والزيتون وإقامة حاضنة الأعمال الخيرية المشتركة وإقامة متحف ذاكرة حلب إضافة لمشروع دراسة التنوع الحيوي للنباتات الطبية والمأكولة وأصولها الوراثية في كل من حلب وغازي عنتاب.
– المهن والصناعة لها نصيب:
كما تم تنفيذ نحو 41 مشروعاً من الجانب التركي شمل إنتاج الفولاذ والتطوير المهني والصناعة اليدوية وإقامة مركز لتعليم اللغة العربية ومركز للارتباط التجاري التركي بحلب، ومشروع إحياء فن الموزاييك ومشروع قاعدة البيانات بين حلب وغازي عنتاب وتطوير البيئة الثقافية بينهما، ومشروع زيادة الطاقة والتجديد التقني.
– اليوم مرحلة متجددة:
اليوم وبعد انتصار الثورة السورية وعودة العلاقات بين سوريا وجارتها تركيا، يتطلع الشعب عامة ورجال الاقتصاد بشكل خاص في كلا البلدين إلى ضرورة إعادة إحياء هذا البرنامج والتوسع في إقامة مشاريع جديدة تسهم في نهضة كل من سوريا وتركيا، وما تبادل الزيارات بين الجهات الرسمية عالية المستوى والفعاليات الاقتصادية، إلا دليل واضح على مدى الشغف الذي تتطلع إليه الجارتان لبناء مستقبل يليق بمكانتهما في المنطقة والعالم.
– “قواعد متينة”:٠
وللوقوف على المنعكسات الإيجابية لإعادة إحياء هذا البرنامج أوضح الاقتصادي الدكتور عبد الحميد الحلبي أنه اليوم بعد تحرير سوريا من النظام البائد بحاجة إلى إعادة اللُحمة بين الشعبين الجارين، ولاسيما من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، نظراً لما لها من آثار إيجابية، لافتاً إلى أن المصالح الاقتصادية والاجتماعية في البلدين الجارين ترتكز على بنك معلومات مشترك.
وبحسب برنامج التعاون الاقليمي السوري – التركي فإن كل الظروف مهيأة لذلك، وقد سبق أن بوشر بذلك المنهج قبل سنوات وباشرت علامات نضجه تظهر للعيان، وتوقف لأسباب لا مبرر لها.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أنه مع عودة العلاقات السورية – التركية، وتشكيل الحكومة الجديدة، وتوالي تبادل الزيارات بين وفود كلا البلدين سواء على الصعيد الرسمي أم الاقتصادي والشعبي، لابد من التفكير بجدية بإعادة تفعيل هذا البرنامج وفتح الأسواق للسلع الاقتصادية المتبادلة.
وختم الدكتور الحلبي حديث بالقول: يجب أن لاننسى عمق العلاقات القائمة تاريخياً بين الشعبين السوري والتركي والتي تطورت من الناحية الاجتماعية لتصل إلى الناحيتين الثقافية والاقتصادية، خاصة وأن تركيا مرتبطة مع سوريا من خلال معبرين هامين هما ” باب السلامة وباب الهوى ” وهما معبران لعبور وسائل نقل الركاب والشاحنات.