الثورة- هبه علي:
تتسم المرحلة الانتقالية بتحديات جمة وتعقيدات بالغة، فبعد سنوات من الحرب التي أشعلها النظام المخلوع بحق الشعب السوري، والتي ألقت بظلالها الثقيلة على المشهد السوري، يبرز دور المملكة العربية السعودية، القوي والمهم في الوقوف إلى جانب الشعب السوري، ومساعدته على تجاوز آثار الحرب وتداعياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والمساهمة بإعادة الإعمار والبناء، نحو استعادة سوريا عافيتها ونهوضها، واتجاهها نحو الاستثمار في سوريا، يحمل في طياته دلالات عميقة يعكسها اهتمام المملكة وحرصها على مساعدة الشعب السوري في إعادة بناء وطنه.
وترى الباحثة السياسية والاقتصادية نورهان الكردي أن المملكة العربية السعودية، تسعى إلى إعادة تموضع جيو_اقتصادي شرق المتوسط، وإحياء دور المملكة كقوة إقليمية فاعلة تساهم في إعادة رسم خريطة المستقبل في سوريا، وكراعية للاستقرار، الذي يبنى بالتنمية والشراكات ضمن بيئة خصبة للاستثمار، وتحتاج إلى مليارات الدولارات للانطلاق في عملية إعادة الإعمار.
وتقول الباحثة الكردي في حديث لصحيفة “الثورة”: “بالنسبة لدمشق، لا تقتصر أهمية الشراكة على قيمتها المالية، بل تكمن في رمزيتها السياسية والاقتصادية. فالاستثمارات الخليجية في هذا التوقيت، لاسيما السعودية منها، تمنح الحكومة الجديدة دعماً على المستويين الداخلي والخارجي.
تسعى هذه الاستثمارات إلى تحويل سورية إلى مركز اقتصادي إقليمي جاذب. وتمثل شريان حياة اقتصادي يمكن الاعتماد عليه في تحفيز النمو، وخلق عشرات آلاف فرص العمل، ورفع مستوى الخدمات الأساسية للانطلاق في عملية التعافي الاقتصادي.”
وأضافت: يعد دخول المملكة العربية السعودية بثقلها المالي إلى الساحة السورية في هذا التوقيت الحرج، خطوة مدروسة تعكس رؤية استراتيجية مركبة. فالمرحلة الانتقالية في سورية لا تزال محاطة بتحديات أمنية كبرى، ومع ذلك، اختارت الرياض أن تكون أول الواصلين إلى طاولة إعادة الإعمار.
وأكدت الباحثة الكردي أن “الرياض تدرك بأن الاستقرار في سورية هو جزء من استقرار المنطقة ككل وتسعى من خلال الاقتصاد إلى ضمان دور قيادي في رسم مستقبل سوريا، مشيرة إلى أن إطلاق استثمارات ضخمة كهذه في سوريا- في مثل هذه الظروف، وبعد أيام قليلة من الاعتداءات الإسرائيلية العنيفة على الأراضي السورية إثر الأحداث المأساوية في محافظة السويداء جنوب سوريا- يشكل رسالة واضحة للكيان الإسرائيلي بأنه لا يوجد سوى خيار واحد فقط وهو سوريا واحدة تنعم بالاستقرار والنماء الاقتصادي، بعيداً عن الأجندة الإسرائيلية المعادية والتي تسعى إلى تفتيت سوريا واستدامة حالة الفوضى وعدم الاستقرار.
وفي الوقت الذي يبدو فيه الطريق نحو التعافي الكامل وإعادة الإعمار لا يزال طويلاً ومحفوفاً بالمخاطر، فإن هذه الخطوة السعودية، التي تتحدى الظروف الراهنة، تمثل شريان حياة محتملا لسوريا وشعبها.