الثورة-أسماء الفريح:
من المقرر أن تعقد قمة مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ “كوب 30” (COP30) في مدينة بيليم في البرازيل في الفترة من السادس من تشرين الثاني الجاري وحتى الـ21 منه بمشاركة نحو 60 من قادة العالم.
وتجتمع هذه الدول في مؤتمرات الأطراف السنوية للتفاوض حول كيفية الحد من الاحتباس الحراري وخفض انبعاثات غازات الدفيئة ودعم المجتمعات المتضررة بالفعل من آثار المناخ.ويحضر المؤتمر أيضا مفاوضون حكوميون، وعلماء، وقادة من السكان الأصليين، ونشطاء شباب، وصحفيون، وجماعات ضغط، ومنظمات بيئية، حيث يعد من أكبر المنتديات، إن لم يكن الوحيد الذي تجتمع فيه أصغر الدول الجزرية وأكبر اقتصادات العالم على طاولة واحدة للتوصل إلى اتفاقيات.
“كوب ” (COP) تعني مؤتمر الأطراف، أي قمة المناخ السنوية التي تعقدها الأمم المتحدة بموجب اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وهي المعاهدة الدولية التي أنشئت عام 1992والتي تشارك فيها 198 دولة.
وتعد مؤتمرات الأطراف عملياً المكان الوحيد الذي يُمكن للحكومات فيه، نظرياً على الأقل، التعاون لحل مشكلة لا تستطيع أي دولة بمفردها حلها، ورغم أوجه القصور العديدة، فعندما يتعلق الأمر بالمناخ، فإن المشاكل العالمية وبغض النظر عن المتسبب فيها، تحتاج إلى حلول عالمية.
ووفق موقع الجزيرة نت فإن انعقاد مؤتمر الأطراف لهذا العام في بيليم بالبرازيل، عند مدخل غابات الأمازون المطيرة، يكتسب أهمية بالغة، فالأمازون ولكونها “رئة الأرض” تعد موطنا لتنوع بيولوجي استثنائي ولملايين البشر، بمن فيهم العديد من مجتمعات السكان الأصليين.
كما تعد الغابات المطيرة أحد أهم مخازن الكربون على كوكب الأرض، إذ تمتص مليارات الأطنان من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، ويحذر العلماء من أن هذه الغابات تقترب من نقطة تحول، حيث قد تبدأ في إطلاق كميات من الكربون تفوق ما يخزنه.
ويأتي انعقاد مؤتمر الأطراف الـ30 أيضاً بعد مرور 10 سنوات على التوصل إلى اتفاق باريس، ونحو 3 عقود من قمة الأرض التي نظمتها الأمم المتحدة في ريو دي جانيرو بالبرازيل من أجل البيئة والتقدم، مما يجعل “كوب 30” لحظة تقييمية وعملية حاسمة للعمل المناخي الدولي.
ومن المتوقع أن تُقدم الحكومات تعهدات مناخية أقوى تتوافق مع حد 1.5 درجة مئوية، وهو الحد الخطير الذي يُحذر العلماء من تجاوزه، فهذا المؤتمر يوجب على القادة فيه مواجهة التحدي الذي وضعه اتفاق باريس، وفقا للخبراء.
ويشير الخبراء إلى أن مؤتمر الأطراف الـ30 هو الوقت المناسب للحكومات لإظهار الشجاعة بدلاًَ من الفشل في وجه المخاطر الكبيرة التي يسببها التغير المناخي، وهو يمثل فرصة للانتقال من التفاوض والوعود إلى التنفيذ.
ورغم سيطرة الخيبة والتشاؤم على الخبراء ونشطاء البيئة، لكن التاريخ يظهر أن مؤتمرات الأطراف قادرة عمليا على تحقيق النتائج، ولو بشكل نسبي، عندما يتزايد الضغط.
ففي مؤتمر الأطراف الـ21 في باريس عام 2015 أنجز اتفاق باريس للمناخ، حيث اتفقت الحكومات على إبقاء الاحتباس الحراري العالمي أقل بكثير من درجتين مئويتين، والسعي إلى بلوغ 1.5 درجة مئوية، وهو حد عالمي لا يجب تجاوزه لتجنب نقطة تحول خطيرة.
وفي مؤتمر الأطراف الـ27 في شرم الشيخ المصرية عام 2022، أُنشئ صندوق الخسائر والأضرار، الذي كان قد طال انتظاره، وسعى النشطاء إلى تحقيقه لعقود لمساعدة الدول الأكثر تضرراً من الكوارث المناخية.
وأما في مؤتمر الأطراف الـ28 في دبي عام 2023، فقد أشار قرار لأول مرة إلى الوقود الأحفوري على أنه سبب أزمة المناخ.
وفي مؤتمر الأطراف الـ29 في باكو عام 2024، طرحت قضية تمويل المناخ، إذ تعهدت الحكومات بتمويل جديد، لكن المنظمات غير الحكومية والمعنية بشؤون البيئة والمناخ، انتقدت النتيجة ووصفتها بأنها غير كافية على الإطلاق بالنظر إلى حجم آثار المناخ.
وعلى الرغم من أوجه القصور، لم تأت أيٌّ من هذه المنجزات صدفة، بل جاءت من إدراك عميق بخطورة التغير المناخي أولا، ومن قوة ضغوط الشعوب الأصلية والنشطاء، ودول صغيرة معرضة لتغير المناخ، وملايين من المؤيدين يطالبون بالتحرك لإنقاذ الكوكب.
وبحسب الأمم المتحدة، فإن التعهدات الوطنية الحالية بشأن المناخ لا تزال تُشير إلى ارتفاعٍ في درجة الحرارة العالمية يصل إلى 3.1 درجات مئوية هذا القرن، ولتحقيق حدّ 1.5 درجة مئوية، يتعيّن على الدول تنفيذ تعهداتها بالكامل وتعزيزها.
ويتطلب ذلك خفض الانبعاثات بنحو 43% بحلول عام 2030، مقارنةً بمستويات عام 2019، بل أكثر من ذلك بحلول عام 2035، مما قد يحول دون انهيار واسع النطاق للأنظمة البيئية ويتيح فرصة واعدة لاستقرار المناخ.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش دعا أمس خلال افتتاح مؤتمر القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية في قطر الدول إلى رصد 1.3 تريليون دولار سنوياً بحلول عام 2035 لتمويل العمل المناخي الذي تقوم به البلدان النامية.