من الأمازون .. دمشق تسعى لكسر الجمود بـ ورقة المناخ 

الثورة – عدي جضعان:

بينما تتسارع أصوات الإنذار العالمية محذرة من تخطي عتبة الـ 1.5 درجة مئوية، تعود الأنظار مجدداً إلى أكبر تجمع دولي مخصص لإنقاذ الكوكب في قلب الأمازون، وبالتحديد في مدينة بيليم البرازيلية ينطلق المؤتمر الثلاثون للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP30، هذا المؤتمر المقرر عقده في الفترة من 6 إلى 7 نوفمبر 2025 لا يمثل مجرد جولة تفاوضية جديدة، بل هو لحظة حساب حاسمة لتقييم مدى جدية العالم في الوفاء بتعهدات اتفاق باريس.

ويحمل COP30 أهمية استثنائية نظرًا لانعقاده في منطقة حيوية لمستقبل المناخ، حيث سيتم التركيز بشكل خاص على ربط حماية التنوع البيولوجي بمكافحة التغيرات الجوية، وفي خضم هذا الحراك الدولي، تبرز مشاركة الرئيس أحمد الشرع كخطوة محورية، تضع سوريا، وهي إحدى أكثر الدول تأثراً بظواهر الجفاف وشح المياه، على الخريطة العالمية للعمل المناخي وتفتح الباب أمام تساؤلات حول دور دمشق في هذه الأجندة المزدوجة التعافي الداخلي والمساهمة في إنقاذ الكوكب.

افنتاح دبلوماسيالدكتور الحارث الحلالمة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة مؤتة، يرى في مشاركة الرئيس الشرع في قمة المناخ COP30 خطوة ذات أهمية مزدوجة، فهي لا تتعلق فقط بقضايا المناخ، بل تؤكد على رغبة دمشق القوية في الانفتاح الدبلوماسي.

وصرح الدكتور الحلالمة لـ “الثورة” بالقول: “تُعد هذه المشاركة كأول زيارة لرئيس سوري إلى هذه القمة العالمية، وهذا بحد ذاته يبيّن حجم الرغبة لدخول سوريا في آفاق جديدة من العلاقات مع دول العالم، والاشتباك بشكل مباشر مع قضايا مصيرية تؤثر في استمرارية البشرية”.

وأكد أن مكافحة التغير المناخي تتطلب تعاوناً دولياً، لكن الأهم في هذا السياق هو عودة سوريا لحضن المجتمع الدولي والانفتاح على العالم.

وفي سياق التحديات المناخية، لفت الدكتور الحلالمة إلى المكانة التاريخية لسوريا كدولة غنية بالموارد المائية، مؤكداً أن النظام السابق “حرم دولاً مجاورة من الاستفادة من هذه الموارد”، الأمر الذي أثر سلباً على الدخل القومي السوري وعلى مكانة سوريا الإقليمية.

وأوضح: “كانت هناك اتفاقيات تزويد مائي سابقة بين سوريا والأردن ودول الجوار الأخرى، وكانت هذه الاتفاقيات تخفف من أثر التغير المناخي الذي ساهم في إيجاد مشاكل مائية بسبب نقصان كمية الأمطار، مما أثر سلباً على مخزون السدود. كانت سوريا قادرة في السابق على مساعدة دول الإقليم في مجابهة مشاكلها المائية التي يسببها التغير المناخي”.

لكن اليوم، يرى الحلالمة أن “سوريا لديها، على ما يبدو، الرغبة الجامحة في التعاون مع دول الإقليم وفتح صفحة جديدة مبنية على أساس الاحترام المتبادل والتعاون في شتى المجالات”.

وشدد أستاذ العلوم السياسية على أن مؤتمرات المناخ تسهم بشكل فعال في خلق أجواء إيجابية بين الدول، وتؤكد على مسار التعاون، وتبيّن حجم اتحاد الدول للوقوف بوجه التحديات المشتركة التي يمكن أن تؤثر على شعوبها وعلى وجود هذه الدول.

وختم الدكتور الحلالمة حديثه بالتأكيد على أن البحث عن المزيد من التعاون المشترك وإيجاد جسور من الثقة والبحث عن المصالح المشتركة “يخفف من حدة الصراع أو الخلافات، ويؤكد على أن الاتحاد خير وأفضل من الصراعات لمواجهة الأخطار المستحدثة مثل التغير المناخي، مما يولد علاقات دولية مبنية على المصالح المشتركة التي تولد حالة من الثقة والتعاون والابتعاد عن الصراع”.

زخم سياسيبدوره، أكد حمدي حشّاد المهندس البيئي وخبير المناخ لـ “الثورة” ، أن أكبر حاجز اليوم أمام جهود إنقاذ الكوكب هو “فجوة التنفيذ” الواسعة بين ما تتعهد به الدول وما تنجزه فعلياً على الأرض، مشيرا إلى أن الوقت يضيق بشكل متسارع، خاصة وأن عام 2024 قد سجّل سابقة خطيرة بكونه أول عام يتجاوز متوسطه السنوي 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، ليصبح بذلك الأشد حرارة على الإطلاق.

هذا الواقع يضاعف الضغط على جبهات السياسة والطاقة والتمويل معاً. وشدد حشّاد على أن التوقعات من قمة المناخ COP30 في بيليم بالبرازيل، تنصب على ضرورة ترجمة مخرجات “المراجعة الشاملة” التي تمت في دبي إلى تعهدات وطنية لعام 2035 تكون واضحة وقاطعة مع الغموض، ويتصدر هذه التوقعات ضرورة تسريع الانتقال بعيداً عن الوقود الأحفوري، مع تثبيت “مسار ثلاثي” يشمل مضاعفة الطاقة المتجددة ومضاعفة كفاءة الطاقة على حد سواء، ليتحقق ذلك بحلول عام 2030.

وفي تحليله لأهمية موقع انعقاد القمة، قال حشّاد: “المكان يوجّه الرسالة، وجودنا في قلب الأمازون يعني أن أجندة التفاوض ستضع حماية الغابات وحقوق الشعوب الأصلية والتنوع البيولوجي في صلب العمل المناخي، وليس كملحق”، موضحا أن هذا يفتح الباب عملياً لدمج مسارات الحد من إزالة الغابات، والتمويل القائم على النتائج، واستعادة النظم البيئية ضمن التعهدات الوطنية المقبلة، مؤكداً أن توقيت وموقع القمة في بيليم يؤكدان هذا الزخم السياسي القوي.

وتناول الخبير ملف التمويل، مشيراً إلى أنه بعد قمة باكو COP29 صار لدينا هدف تمويل جماعي جديد يرفع السقف إلى 300 مليار دولار سنوياً بحلول 2035، مع دعوة لتعبئة أوسع تصل إلى نحو 1.3 تريليون دولار من كل المصادر.

لكنه حذر من أن “العبرة بوصول الأموال بسرعة إلى الخط الأمامي للمجتمعات المتضررة”.

مسارات المصداقية

وفيما يخص صندوق الخسائر والأضرار، أكد حشّاد على ضرورة أن يعمل COP30 على معالجة محدودية التعهدات الفعلية حتى مطلع 2025 مقارنة بالحاجة، وذلك عبر تأسيس نوافذ صرف سريعة وصغيرة للمجتمعات، وفرض رسوم دولية مبتكرة على القطاعات الملوثة، وتوسيع الضمانات لتخفيف كلفة رأس المال في الجنوب، مع ضرورة تحسين حوكمة الصندوق خاصة وأن استضافة البنك الدولي أثارت نقاشاً واسعاً.

واختتم حشاد حديثه بتحديد مسارات التنفيذ اللازمة لكي تكون تعهدات 2035 ذات مصداقية، مؤكداً أن هذه ليست مجرد شعارات، بل مسارات منصوص عليها في مخرجات مؤتمر دبي.

ولتحقيق هذه المصداقية، قال: “نحتاج تسريعاً كبيراً في الكهرباء النظيفة والشبكات، وكفاءة الطاقة على مستوى الاقتصاد، وكبحاً حاداً لميثان النفط والغاز والزراعة، ونقلاً نظيفاً يدمج النقل العام والكهربائي، وتحولاً في الصناعات الثقيلة كالحديد والإسمنت عبر الهيدروجين والالتقاط المحدود حيث لا بديل، مع وقف إزالة الغابات وسلاسل إمداد زراعية خالية من إزالة الغطاء.

آخر الأخبار
زراعة الفطر.. مشروع واعد يطمح للتوسع والتصدير هوية تنموية لسوريا الجديدة  اهتمام دولي بزيارة الشرع لواشنطن ودمشق تستثمر الانفتاح الكبير لإدارة ترامب هل تستعيد الولايات المتحدة العجلة من "إسرائيل" المدمرة مؤتمر"COP30 " فرصة للانتقال من التفاوض والوعود إلى التنفيذ  تصنيع العنب مصدر دخلٍ مربح للعديد من الأسر الريفية في طرطوس استراتيجية جديدة لفتح أبواب التجارة العالمية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي الليرة أمام اختبار جديد.. وارتفاع الأسعار يثقل كاهل المواطنين من الأمازون .. دمشق تسعى لكسر الجمود بـ ورقة المناخ  إقبال للشباب في اللاذقية على تعلم المهن واللغات مؤسسة نقل الركاب بطرطوس.. خدمات مستقرة وخطط تطوير مستمرة 12,6 مليار ليرة مبيعات "الأعلاف" في القنيطرة سوريا تفتح أبواب الاستثمار التعديني للشركات التركية أربع بواخر قمح ترسو في طرطوس لتعزيز الأمن الغذائي سوريا الجديدة.. من "دولة معزولة " إلى شريك للغرب في مكافحة الإرهاب استقبال الشرع المرتقب بالبيت الأبيض.. مرحلة جديدة وإنجاز سياسي لدمشق محددات أساسية لـلتعافي الاقتصادي وإنهاء الجمود الإنتاجي دمشق بعد الجدل.. انفتاح ليلي مشروط يوازن بين راحة السكان والأسواق ابراهيم علبي: سوريا تعيد صياغة حضورها الدبلوماسي وتؤكد انفتاحها على الشراكات الدولية للمرة الثامنة خلال شهرين.. قطع الكبل الضوئي بين دمشق و القنيطرة