الثورة- ابتسام هيفا:
يقبل الشباب في مدينة اللاذقية على تعلم المهن التقنية والعصرية ذات العائد المادي المرتفع، مثل البرمجة وتحليل البيانات واللغات، بينما يقل على المهن اليدوية التقليدية، بسبب الصورة النمطية والاعتقاد بتدني العائد المادي.
ورغم أن هذه المهن قد تفتح آفاقاً كبيرة لريادة الأعمال، إلا أن العوامل الاجتماعية، مثل توقعات الأسرة، تلعب دوراً كبيراً في توجيه خيارات الشباب نحو المسارات الأكاديمية بدلاً من المهنية.
“الثورة” التقت شباباً جامعيين، تعلموا بعض المهن أثناء دراستهم الجامعية ويمارسون العمل مع الدراسة.
اتباع دورات
محمد حمود طالب هندسة طبية، أوضح أنه قام باتباع دورة صيانة الحواسيب والهاتف المحمول واستأجر مكاناً ليمارس مهنته معتمداً على نفسه لتغطية مصروفه الجامعي والشخصي، فيما أشار علي حداد إلى أنه اختار دراسة هندسة المعلوماتية وعمل مع إحدى الشركات في البرمجة، لأنها من المهن التي تتسم بالمرونة والابتكار، وتوفر فرص عمل واعدة في تطوير البرمجيات.
أما زين ديب طالب هندسة كهرباء، فأكد أنه اتبع دورة لتعليم تركيب ألواح الطاقة الشمسية، كونها تواكب العصر وبدأ بالعمل في هذه المهنة معتمداً على نفسه، مضيفاً: إنه عندما يتخرج في الجامعة ربما يتأخر في الحصول على فرصة عمل لعدم إجراء المسابقات، فتنقذه مهنته من البطالة والبحث عن عمل.
وفي السياق ذاته، لفتت سما فرح طالبة تجارة واقتصاد إلى أنها اتبعت دورة لتعليم المحاسبة واللغة الإنكليزية وتعمل في شركة خاصة، منوهة بأنها نالت ثقة إدارة الشركة وأصبحت المسؤولة عن قسم المحاسبة.
ريتا سلطان طالبة في السنة الثانية بكلية الرياضة، أكدت أنها قامت باتباع دورات ببعض الألعاب الرياضية، إضافة لما تعلمته من الكلية وعملت مدربة في نادٍ رياضي، وبعد التخرج في الجامعة اكتسبت الخبرة في مجال عملها وأصبحت مدربة مشهورة في مدينتها، وتنوي اتباع دورة في التغذية من أجل برنامج رياضي وغذائي تطبقه على رواد النادي وهي سعيدة بعملها ونجاحها.
تعلم اللغات
لا يقتصر إقبال الشباب على تعلم المهن بل تشهد دورات اللغات أيضاً إقبالاً متزايداً، مدركين أهميتها، ومدفوعين بالفرص المهنية الواسعة التي توفرها، بالإضافة إلى تحقيق حلم السفر وحاجة سوق العمل.
يقول علي يوسف: تخرجت في كلية الهندسة الزراعية واتبعت دورات عدة لتعلم اللغة الإنكليزية، فاللغات الأجنبية، وخاصة اللغة الإنجليزية، تعد مطلباً أساسياً في سوق العمل، ما يفتح آفاقاً واسعة للوظائف وفرص الترقية، وضرورة للتواصل وفهم المصادر العلمية والتقنية.
وكشفت نايا عيسى طالبة إدارة أعمال أنها اتبعت دورات عدة في معاهد لتعليم اللغة الإنكليزية والمحادثة، ونالت شهادات عدة، ومنها شهادة دولية، مبينة أنها عملت في روضة لتعليم الأطفال لمادة اللغة الإنكليزية، وعندما تتخرج في الجامعة تطمح بالحصول على فرصة للسفر.
مهن يدوية
وأما عن تعلم المهن اليدوية التقليدية والتي يمكن تطويرها لتصبح مربحة، كصناعة الحلي اليدوية، أوضحت منال مكية أنها تمارس مهنة “الهاند ميد” صناعة الإكسسوار، كـ” القلادات والأساور والأقراط من الخرز والسلاسل الذهبية والفضية”، كما تقوم بحياكة الصوف والكروشيه والشك بالخرز.
وأكدت نورا جانودي أنها تقوم بصناعة الشموع المعطرة بأشكالها وألوانها المختلفة والمعدة للهدايا في المناسبات، فيما أشارت سهيلا المنجد إلى أن مشروعها عبارة عن صناعة الجبصين “كونكريت” بقوالب مختلفة، تبدو كلوحات فنية جميلة.

تحقيق طموح
يشير الاختصاصي الاجتماعي د. محمد ملحم لـ”الثورة”، إلى أن الشباب في سوريا، في ظل الظروف الراهنة وشعورهم العالي بتحمل المسؤولية، يقبلون على تعلم هذه المهن واللغات، ليحققوا طموحهم بأن يصبحوا رواد أعمال وينشئوا أعمالهم الخاصة بهم، ما يساهم في الاستقلال المالي، وتحقيق الرفاهية وتنمية الاقتصاد المحلي.
وأضاف د. ملحم: غالباً ما يتأثر الشباب بتوقعات مجتمعهم وأسرهم في اختيار مسارهم المهني، ما يدفعهم نحو المهن التي تحمل مكانة اجتماعية مرموقة، كما يعتبر الدعم الاجتماعي والأسري للتعليم المهني أحد العوامل الرئيسية التي قد تزيد من إقبال الشباب عليه.