لا أحد فوق القانون حين يتكلم الشرطي باسم الدولة   

أحمد الأطرش 

في لحظة عابرة على قارعة الطريق، كُشف الكثير مما يجب أن يُقال عن شكل الدولة التي نريدها، وعن العقلية التي يجب أن تُدفن إلى غير رجعة، شرطي سوري أوقف سيارة مخالفة، فواجهه سائق السيارة بعبارة متعالية: “أنا استخبارات، ولك!”

كأنها بطاقة عبور فوق القانون، أو تصريح بالهيمنة على مؤسسات الدولة.

لكن الرد الذي جاء من الشرطي لم يكن تقليدياً، ولم يكن خائفاً، بل كان نابعاً من وعي عميق بمهنته وبموقعه، ردّ بسيط في ظاهره، لكنه عميق في دلالته، الشرطي لم يتحدث فقط باسم نفسه، بل باسم الدولة التي يجب أن تُبنى على القانون، لا على النفوذ.

الشرطي كمؤسسة لا كشخص

ما فعله هذا الشرطي لا يُختزل في موقف فردي، بل هو تعبير عن تحول في فهم الوظيفة العامة، لم يرَ نفسه تابعاً، بل ممثلاً للدولة، لم يخضع للتهديد، بل تمسك بالقانون، هذا النوع من السلوك هو ما يُعيد للمؤسسات هيبتها، ويُعيد للمواطن ثقته بأن هناك من يحميه، لا من يتسلط عليه.

توقيف المعتدي خطوة في الاتجاه الصحيح

الأهم من الموقف ذاته، هو ما تلاه: توقيف الشخص الذي حاول التهرب من المحاسبة، هذا الإجراء لم يكن مجرد رد فعل، بل إعلان عملي بأن الدولة تسير بخط واضح نحو العدالة، وأن لا أحد فوق القانون مهما كان منصبه أو انتماؤه.

هذه الخطوة عززت ثقة الشرطي بمؤسسته، وثقة المواطن بدولته، وأعادت التأكيد على أن العدالة ليست شعاراً، بل ممارسة يومية تبدأ من أبسط التفاصيل.

رفض شعبي ورسمي للعقلية الأمنية

ردود الفعل التي أعقبت الحادثة كانت لافتة، شخصيات من داخل الدولة، وناشطون، وإعلاميون، عبّروا عن رفضهم لهذا السلوك، مؤكدين أن التعدي على الشرطي هو تعد على هيبة الدولة نفسها. التفاعل الشعبي كان واسعاً، واعتُبر موقف الشرطي نموذجاً للوعي المؤسسي، ورسالة بأن سوريا الجديدة لا تقبل الاستقواء باسم السلطة.

العدالة لا تُجزّأ ولا تُستثنى

ما جرى يعيد طرح سؤال جوهري: هل نريد دولة تُدار بالمبادئ أم بالأسماء؟

العدالة لا تُجزّأ، ولا تُستثنى، ولا تُؤجل، إما أن تُطبق على الجميع، أو لا معنى لها.

كل خطوة نحو تطبيق القانون على الجميع، هي خطوة نحو ترسيخ العدالة، وتعزيز ثقة المواطن بالدولة، وتثبيت مبدأ أن السلطة تعني مسؤولية لا حصانة، وهذا التوجه نحو العدالة والمحاسبة، نحو احترام المؤسسات وتطبيق القانون على الجميع، هو ما حلم به السوريون في لحظات الثورة، وفي سنوات الألم، وفي كل مرة شعروا أن الدولة غابت عنهم.

اليوم، حين يُحاسب من يظن نفسه فوق القانون، وحين يُكرّم من يتمسك بواجبه، نقترب خطوة من ذلك الحلم.

التوازن بين السلطة والوعي

الحدث أعاد طرح قضية العقلية الأمنية القديمة، التي لطالما كانت عائقاً أمام بناء مؤسسات تحترم المواطن وتُدار بالمسؤولية لا بالاستقواء.

اليوم، الدولة السورية تسير بخط التوازن:

– سلطة تُمارس ضمن حدود القانون

– مسؤولية تُحاسب لا تُحصّن

– مؤسسات تُبنى على احترام المواطن لا إخضاعه

في الختام: الدولة تبدأ من هنا

ما حدث لم يكن تفصيلاً عابراً، بل نقطة تحول في مسار بناء سوريا الجديدة، شرطي تمسك بالقانون، ومؤسسة استجابت للحق، وشعب رأى أن العدالة ممكنة.

هكذا تُبنى الدول، وهكذا تُصان الكرامة.

آخر الأخبار
شراكة وطنية ودولية غير مسبوقة لكشف مصير المفقودين في سوريا لا أحد فوق القانون حين يتكلم الشرطي باسم الدولة    "المنطقة الصحية" في منبج تدعو لتنظيم العمل الصيدلاني وتوحيد التراخيص  "صحة درعا" تحدث ثلاث نقاط إسعاف على الأتوتستراد الدولي افتتاح مشاريع خدمية عدة في بلدة كحيل بدرعا قلوب صغيرة تنبض بالأمل في مستشفى دمر 11 ألف شركة في 9 أشهر.. هل تُنعش الاقتصاد أو تُغرق السوق بالاستيراد؟ سوريا في COP30.. لمواجهة التحديات البيئية بعد سنوات من الحرب "سمرقند" تجمع سوريا وقطر على رؤية مشتركة للنهوض بالتعليم الكهرباء تتحرك ميدانياً.. استبدال محولات وتركيب كابلات في مناطق بريف دمشق حق التعلم للجميع..مشروع رقمي يضع المناهج بمتناول كل طالب حلب تطلق النظام المروري الذكي.. خطوة نوعية لتسهيل حياة المواطنين دول تتحول الى مقابر للسيارات التقليدية  "آيباك" تقود التيارات الرافضة لإلغاء العقوبات الأميركية على سوريا أزمة صحية خانقة تواجه سكان قرى حماة.. وطريق العلاج طويل زراعة الفطر.. مشروع واعد يطمح للتوسع والتصدير هوية تنموية لسوريا الجديدة  اهتمام دولي بزيارة الشرع لواشنطن ودمشق تستثمر الانفتاح الكبير لإدارة ترامب هل تستعيد الولايات المتحدة العجلة من "إسرائيل" المدمرة مؤتمر"COP30 " فرصة للانتقال من التفاوض والوعود إلى التنفيذ