الثورة – نيفين أحمد:
أعلنت الهيئة الوطنية للمفقودين عن توقيع “إعلان مبادئ التعاون” مع ثلاث هيئات دولية رائدة هي: اللجنة الدولية للمفقودين (ICMP) واللجنة الدولية للصليب الأحمر (ICRC) والمؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين (IIMP). بهدف دعم العملية الوطنية لتوضيح مصير ومكان وجود جميع المفقودين في سوريا، بغض النظر عن ظروف اختفائهم أو انتماءاتهم.
جاء الاتفاق خلال فعالية أقيمت اليوم، لتؤكد على الالتزام المشترك بتكثيف الجهود للكشف عن مصير المفقودين والمختفين قسراً وتقديم الدعم لعائلاتهم وترسيخ قيم الحقيقة والعدالة والكرامة.

وخلال الفعالية التي حضرها ممثلون عن منظمات دولية وإنسانية ووسائل إعلام، أكد رئيس الهيئة الوطنية للمفقودين الدكتور رضا الجلخي في تصريح خاص للثورة أن هذه اللحظة تمثل “خطوة تأسيسية نحو تعاون فعّال”.
وأوضح أن الهيئة “وُلدت من رحم الحاجة إلى مقاربة علمية وإنسانية لقضية المفقودين تقوم على الشفافية والمساءلة ومركزية الضحايا”.
وفي كلمته خلال الفعالية استعرض الجلخي المبادئ الأساسية التي توجه عمل الهيئة قائلاً: “اعتمدنا ستة مبادئ أساسية أولها مبدأ التشاركية، لأننا نؤمن أن عائلات المفقودين هي في قلب عملنا ويجب أن تكون شريكة في كل مرحلة من مراحل البحث والتوثيق”.
وأعلن الجلخي عن خطط لتأسيس “مجلس للعائلات والأمهات” ليكون جهة رقابية على عمل الهيئة، مؤكداً أن “جميع بروتوكولات العمل ستُشارك مع الجمهور وأن هناك آليات للتقييم والمساءلة لضمان الشفافية”.
ولم يغفل الجلخي البعد العلمي للقضية، مضيفاً: “القضية ليست فقط إنسانية أو قانونية بل أيضاً علمية لأن التكنولوجيا الحديثة في تحليل الحمض النووي والتوصيف الجيني ستلعب الدور الحاسم في تحديد مصير المفقودين”.
وأكد أن الاتفاق اليوم يهدف إلى تنظيم الأدوار بحيث يظل الدور الدولي “فنياً واستشارياً وتقنياً”، فيما يبقى الدور الوطني “قيادياً وسيادياً” وذلك لمنع ازدواجية الجهود وتعزيز التعاون المستدام.
من جانبه أشار سفير الاتحاد الأوروبي في سوريا ميخائيل أونماخت في تصريح لـ”الثورة” إلى أن هذه الفعالية تمثل خطوة مهمة في ملف المفقودين من خلال التعاون بين المؤسسات الوطنية والدولية.

وأضاف أن “العدالة الانتقالية تحتاج إلى المشاركة بين اللاعبين الدوليين والوطنيين في سوريا” معرباً عن تفاؤله الكبير بهذا الاتفاق الذي سيسمح بتبادل المعلومات والخبرات.
بدورها أشادت كاثرين بوبنياتا رئيسة المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في الأمم المتحدة، بما وصفته بـ”الخطوة الشجاعة” نحو بناء شراكة مسؤولة، وقالت في كلمتها: “هذا الإعلان يرمز إلى التزام جماعي حقيقي تجاه عائلات المفقودين، وإلى دعم الجهود السورية في كشف الحقيقة وتحقيق العدالة”.
وأضافت أن الهيئة الوطنية أصبحت اليوم “جسراً أساسياً في مسار العدالة الانتقالية وبناء السلام الأهلي في سوريا”، مشيرة إلى أن التعاون الدولي يجب أن يُسهم في “دعم القدرات الوطنية وليس الحلول محلها”.
من جهتها شددت رئيسة اللجنة الدولية للمفقودين كارلا كونيتانا على الأهمية الاستثنائية للحدث قائلة: “قبل عشرة أشهر فقط لم يكن من الممكن حتى التفكير بعقد اجتماع من هذا النوع في دمشق، وهذا بحد ذاته تطور مهم لكل السوريين، وخاصة لعائلات المفقودين”.
وأضافت أن كل سوري يعرف شخصاً مفقوداً، وأن العمل على هذا الملف هو التزام إنساني قبل أن يكون مهنياً أو مؤسساتياً، مؤكدة على ضرورة التمسك بمبادئ الحياد والاستقلالية.
واختتمت الفعالية بالتأكيد على أن هذا التعاون المشترك سيُترجم بخطوات عملية قريبة تشمل بناء قاعدة بيانات وطنية موحدة، وتطوير آليات علمية لتحديد الهويات وإطلاق برامج دعم نفسي واجتماعي لعائلات المفقودين في إطار عمل مؤسسي منظم يجمع الخبرة الدولية مع الجهد الوطني في سبيل الحقيقة والعدالة لكل من فُقد أثره في سوريا.
