الثورة – نور جوخدار:
انطلاقاً من أن الدولة التنموية والحكم الصالح يمكنهما السير معاً إذا توفرت الإرادة السياسية، والحوكمة الرشيدة، تقف سوريا اليوم على أعتاب مرحلة جديدة، تركز على “نهضة إنسانية وبيئية متكاملة”.
هذا الهدف هو جوهر مشاركة الرئيس السوري، أحمد الشرع، في قمة المناخ “COP30″، في مدينة بيليم البرازيلية، مكملة لتلك الرؤية التنموية الجديدة والتي تسعى من خلالها لتعزيز التعاون الدولي والبيئي مع دول الجنوب العالمي.
الصمود المناخي وبناء السلام
وزارة الأشغال العامة والإسكان، أكدت في تصريح خاص لصحيفة “الثورة “، أن نجاح النموذج التنموي الجديد في سوريا لا يقاس بما ينتج من طاقة وأسمنت، بل بما يستعاد من كرامة الإنسان وما يُحيى من نظم بيئية لصالح الأجيال القادمة.
وأضافت الوزارة أن عملية إعادة الإعمار في البلاد ليست مجرد عملية مادية فحسب، بل نهضة إنسانية وبيئية متكاملة، تهدف إلى إعادة بناء الإنسان والمجتمع والأرض معاً.
فهذا التصور الذي أعدته الوزارة، يقوم على الربط بين “الصمود المناخي وبناء السلام، معتبرةً أن الإرادة التي أعادت بناء المؤسسات هي نفسها التي تدفع اليوم نحو النهضة البيئية”.
رؤية اقتصادية جديدة
وفي هذا السياق، أكد الباحث الاقتصادي، عبد العظيم المغربل، في تصريح خاص لـ “الثورة” أن إطلاق نموذج تنموي جديد في سوريا يركّز على النهضة الإنسانية والبيئية المتكاملة ومفهوم الصمود المناخي هو “خطوة ضرورية وغير مسبوقة، لأنه يعترف بأن الأزمة في سوريا لم تكن فقط اقتصادية أو بنيوية فحسب، بل كذلك بيئية واجتماعية”.
وأشار إلى أن نجاح هذا النموذج يعتمد على ترجمته إلى إصلاحات ملموسة في القطاعات الإنتاجية والبنى التحتية والحوكمة، مع دمج المجتمع المحلي فعلياً في عملية التنمية.
المغربل خلال حديثه، يرى أن القدرة على الصمود المناخي يعد عامل توازن حاسماً، من تحسين الزراعة المستدامة وإدارة المياه إلى بناء مجتمعات قادرة على مواجهة الصدمات المناخية، وهذا لا يعني فقط القضاء على الفقر بل حماية المستقبل البيئي أيضاً.
وأوضح أن توفر الرغبة الحقيقية في التنفيذ والتمويل وبيئة أعمال شفافة، يمكن أن يشكل من هذا النموذج نقطة تحول حقيقية في مسار التنمية السورية خلال السنوات المقبلة.
من المعجزة اليابانية إلى التجربة السورية
مفهوم “الدولة التنموية” يعود إلى عام 1982 عندما قدمه عالم السياسة الأميركي، تشالمرز جونسون، في كتابه “المعجزة اليابانية”، حيث حدّد مجموعة من المؤشرات للدولة التنموية، منها توجيه التنمية الاقتصادية والتعليمية والإدارية عبر كفاءات مستقلة ومؤسسات فاعلة.
قمة المناخ التي تحضرها سوريا رسمياً، تعد واحدة من أبرز وأهم المؤتمرات الدولية التي تُعقد تحت مظلة الأمم المتحدة، وتُكرس لمناقشة التحديات المعقدة للتغير المناخي. ويُعقد هذا المؤتمر سنويا ويشهد مشاركة واسعة تتجاوز 190 دولة، ما يجعله المنصة الرئيسية لاتخاذ القرارات المتعلقة بالمناخ على المستوى العالمي.
وبينما تسعى الحكومة السورية إلى ترجمة رؤيتها التنموية الجديدة على أرض الواقع وتضعها كأولوية في قائمة مهامها، تقف اليوم إلى جانب دول الجنوب العالمي للمطالبة بنظام مناخي دولي عادل وشامل وغير مسيّس، يخدم الشعوب لا صراعات القوى.