العدالة البيئية كجزء من العدالة الوطنية.. رسالة الرئيس الشرع في COP30

الثورة – أسماء الفريح:

يشارك السيد الرئيس أحمد الشرع والوفد المرافق له في قمة المناخ “COP30” التي تعقد في مدينة بيليم البرازيلية بمشاركة عشرات القادة والزعماء من مختلف دول العالم.وستركز نسخة 2025 من القمة على تقييم التزامات الدول بخفض الانبعاثات الكربونية، وتعزيز التحوّل نحو الطاقة النظيفة، في ظل تزايد التحذيرات من تفاقم آثار الاحتباس الحراري وارتفاع درجات الحرارة العالمية.

رسالة تجديد ومسؤولية أخلاقية

وفق تصريحات خاصة من وزارة الخارجية والمغتربين لصحيفة “الثورة”، فإن خطاب الرئيس الشرع أمام قادة الدول وضيوف المؤتمر الذي تبدأ أعماله اليوم ويستمر حتى ال21 من الشهر الجاري؛ سيحمل رسالة تجديد ومسؤولية أخلاقية، تربط بين تعافي سوريا بعد الحرب والعمل المناخي العالمي.

وكان الرئيس الشرع أكد في مقابلة مع قناة “CBS NEWS” الأميركية الشهر الماضي أن إعادة بناء سوريا مسؤولية جماعية لا يمكن أن يتحملها فرد أو جهة واحدة، وأن المرحلة الحالية تتطلب تضافر جهود جميع الكوادر السورية المحترفة، في الداخل والخارج، للمساهمة في إعادة إعمار البلاد.

إعادة إعمار سوريا التي نهضت قبل أكثر من عشرة أشهر من تحت الركام بفعل إجرام النظام البائد على مدى أكثر من خمسة عقود بحاجة إلى جهود جميع أبنائها المخلصين وإلى خطط حكومية مدعومة بتحركات دولية من أجل رفع الأنقاض وإزالة الذخائر غير المنفجرة والألغام ورفع التلوث عن مصادر المياه والبدء باستصلاح الأراضي الزراعية من أجل تحقيق عودة آمنة ومثمرة للسكان إلى منازلهم وأراضيهم.

تدمير ممنهج للبيئة

على امتداد سنوات الحرب التي شنها النظام المخلوع ضد أبناء شعبه، انتشرت الكثير من الممارسات التي تضر بالبيئة وتحرم الأجيال القادمة من التمتع بموارد البلاد وخيراتها التي استنزفت لمصلحة طغمة فاسدة حيث أزيلت غابات بأكملها على امتداد الساحل السوري وتم قطع أشجار غوطة دمشق وفي غيرها من المحافظات.

ليس هذا فقط ما حدث في سوريا، بل تمت زراعة الألغام في البادية لمنع السكان من الوصول إلى المراعي المناسبة لمواشيهم وتم حرمان المزارعين من مصادر المياه ومن الأسمدة والمحروقات اللازمة لتشغيل الآليات من أجل حراثة أراضيهم أو جمع محاصيلهم ولاسيما في منطقة الجزيرة (دير الزور والحسكة والرقة) التي كانت تشكل سلة غذاء سوريا بأكملها.

كما وصل الإجرام في النظام البائد إلى توزيع مؤسساته لبذار القمح التالف أو من النوعيات السيئة على المزارعين في دير الزور ودرعا وغيرها ما تسبب بخسائر كبيرة للفلاحين؛ وذلك في سياق خطط متعمدة للقضاء على المواسم التي ينتظرها الفلاحون، ومنعهم من الحصول على مصادر رزقهم كنوع من العقاب على مواقفهم المناهضة له.

وفي هذا الإطار، يقول المحلل والباحث بالشؤون السياسية ومدير “الرابطة السورية لحقوق اللاجئين”، مضر الأسعد، لصحيفة “الثورة”: إنه “لاشك أن الحكومة السورية تعمل حالياً على معالجة الواقع البيئي على مساحة الجغرافيا السورية التي تضررت كثيراً خلال الأربعة عشر عاماً الماضية جراء ممارسات النظام البائد في مسألة زرع الألغام والمفخخات في أغلب الأراضي، وهو ما يشكل كارثة على البشر والبيئة”.

وأشار الأسعد أيضا إلى الأضرار الخطيرة لما تسمى “الحراقات” أو مصافي النفط البدائية وتلك الناتجة عن معامل الغاز الموجودة في محافظات الحسكة وديرالزور والرقة وحمص وضرورة قيام الحكومة بإيجاد حلول سريعة لها، نظراً لما تسببه من أمراض خطيرة بين السكان القاطنين على مقربة منها وتقديم المساعدات الفورية لهم.

كما تحدث الأسعد عن الكارثة الناجمة عن توقف جريان الأنهار جراء قلة هطول الأمطار في عدة محافظات، والتي كانت تشكل شريان الحياة للسكان في الحسكة وشمال ديرالزور وحمص وحماة وإدلب، ما أدى إلى انهيار زراعي وبيئي وإلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للقاطنين على سرير تلك الأنهار، إضافة إلى التصحر الذي أصاب مناطق واسعة.

علاوة على ذلك، واحة تدمر التاريخية التي باتت شبه خالية من أشجار النخيل والرمان والزيتون، بعد قيام عناصر النظام البائد بعمليات تحطيب جائر وممنهج لأشجارها في سنوات ما قبل التحرير، بهدف بيعها للتدفئة.

العدالة البيئية جزء من العدالة الوطنية

تحقيق العدالة البيئية لا يتم إلا من خلال تمكين المجتمعات، والاستثمار في المجتمعات المهمشة وإشراكها في اتخاذ القرارات البيئية، وتعزيز المشاركة المجتمعية على مستوى الأفراد والمؤسسات.

ومن هنا ينطلق الرئيس الشرع في زيارته للبرازيل ليضع تعزيز الحماية القانونية للوصول إلى هواء وماء نظيف وهو حق لكل الأفراد، إلى جانب توجيه الاستثمارات نحو المشاريع البيئية في هذه المجتمعات، وأما على مستوى الأفراد، فيرى أن تحقيق هذه العدالة يتم عبر تبني سلوكيات مستدامة وتقليل البصمة البيئية “وهي مؤشر يقيس حجم الموارد الطبيعية التي يستهلكها شخص أو مجتمع أو نشاط ويشمل ذلك كل الأراضي والموارد المائية اللازمة لإنتاج هذا الاستهلاك واستيعاب نفاياته، كما أنها أداة لتقييم تأثير الأنشطة البشرية على البيئة وقدرة الكوكب على تجديد الموارد التي نستخدمها”.

وفي هذا الصدد، يبين الباحث الأسعد أن هناك مسؤوليات جسام على عاتق الحكومة السورية للتخفيف من آثار معاناة الشعب السوري التي استمرت على مدى العقود الخمس الماضية وخاصة أن النظام السابق لم يترك وسيلة إلا واستغلها لصالح إثراء نفسه مقابل إفقار السوريين ومنعهم من خيرات بلادهم ومواردها الكثيرة والمتنوعة والتحرك السريع لمعالجة الواقع البيئي المتردي في سوريا من أجل أن يشكل التعافي البيئي ركناً أساسياً في عملية إعادة إعمارها.

الممارسات المدمرة

في هذا السياق، لابد من أن نعرج على مسألة استغلال النظام البائد وشبكات الفساد المحيطة به التي تضم مسؤولين وعناصر أمنية قضية المحروقات خلال سنوات الحرب من أجل تحقيق أرباح طائلة عن طريق احتكارها ورفع أسعارها بشكل دوري وتحت ذرائع مختلفة.

ووفق معلومات حصلت عليها الوكالة السورية الرسمية “سانا” الشهر الماضي، فقد كشفت الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش عن ارتكاب مخالفات مالية وفنية بعشرات مليارات الليرات السورية في عقود توريد النفط والغاز التي أُبرمت خلال فترة النظام البائد.كما كشف نائب رئيس الجهاز المركزي للرقابة المالية في سوريا، وسيم المنصور، عن أن تحقيقات الجهاز أظهرت فساداً ممنهجاً ساد قطاعات إستراتيجية تمس حياة الناس بشكل مباشر في زمن النظام البائد، ترتب عليها آثار مالية تجاوزت وفق التحقيقات الأولية مئات الملايين من الدولارات الأميركية.

الجدير ذكره، أنه مع زيارة الرئيس الشرع إلى البرازيل، سيجري زيارة رسمية للولايات المتحدة، وتعدّ هذه الزيارة الأولى له إلى واشنطن، والثانية له إلى الولايات المتحدة بعد مشاركته في الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول (سبتمبر) الماضي في نيويورك، حيث أصبح أول رئيس سوري منذ عام 1967 يُلقي كلمة أمام المنظمة الدولية.

آخر الأخبار
"  الخارجية " لـ"الثورة".. مجلس الأمن يعقد جلسة طارئة لرفع العقوبات  "روح الشام" دعم المشاريع الصغيرة وربطها بالأعمال الخيرية الشرع يشارك في فعاليات مؤتمر قمة المناخ (COP30) مصدر مسؤول في "الخارجية": لا صحة لما نشرته "رويترز" عن القواعد الأميركية في سوريا الرئيس الشرع يلتقي غوتيريش على هامش أعمال مؤتمر قمة المناخ (COP30) مبادرة "لعيونك يا حلب" تعيد تجهيز المقاعد المدرسية  الرئيس الشرع يجتمع مع وزير الخارجية الإيطالي على هامش(COP30)  العدالة البيئية كجزء من العدالة الوطنية.. رسالة الرئيس الشرع في COP30 صيانة شوارع السوق التجاري في مدينة درعا مضر الأسعد: "إسرائيل" تطمع في الأراضي السورية وانتهاكاتها ضغط سياسي ظاهرة التشرد في حلب تحت المجهر قفزة غير مسبوقة.. اتفاقيات بالجملة لـ"الطاقة" باستطاعة 5000 ميغاوات مجلس مدينة حلب و"المالية" يقرران تحديد ضريبة عادلة لمولدات "الأمبيرات" الرئيس البرازيلي يستقبل الشرع في قاعة انعقاد قمة المناخ “COP30 من البرازيل.. الشرع يقود سوريا من "التغريبة" إلى "الشراكة الخضراء"  سوريا على أعتاب نموذج تنموي جديد.. ما علاقة الإنسان والبنيان؟ الرئيس الشرع إلى البرازيل: زيارة تاريخية تفتح آفاق الدبلوماسية السورية الجديدة دعوة لصلاة الاستسقاء يوم الجمعة 14 الجاري 425 مليار ليرة كتلة المعاشات التقاعدية للشهر الجاري مؤتمر المناخ.. إعادة هيكلة بيئة سوريا الدبلوماسية وتموضعها الإقليمي