الثورة – حسان كنجو
يبدو أن قمة المناخ المقامة في البرازيل، والتي سيشارك فيها الرئيس أحمد الشرع، كأول رئيس سوري يحضر هذه القمة منذ تأسيسها، تحمل أبعاداً جيوسياسية، تربط الفرات بالأمازون على امتداد المحيط الشاسع، وبشكل يرسم صورة سوريا الخارجية الجديدة، ومكانتها في المجتمع الدولي.
فالمؤتمر الذي سيتحدث عن البيئة والمناخ كمحور أساسي، سيفتح المجال الاستراتيجي لسوريا المُقصاة على مدار عقود، لتثبت تمثيلها الدولي وبناء علاقاتها بهذا الصدد.
بعد رمزي وتاريخي
مشاركة الرئيس أحمد الشرع كممثل عن سوريا في المؤتمر لأول مرة، تحمل بعداً رمزياً وتاريخياً عميقاً، لأنها المرة الأولى منذ أكثر من عقدين التي تشارك فيها سوريا على هذا المستوى في مؤتمر دولي متعدد الأطراف، وفقاً للمحلل السياسي فراس حاج يحيى.
وأضاف لـ “الثورة”: “وجود الرئيس أحمد الشرع في قمة المناخ لا يتعلق فقط بالبيئة، بل هو عودة سياسية ناعمة لسوريا إلى النظام الدولي من بوابة المناخ، وهي بوابة تجمع بين التنمية والسياسة والاقتصاد، مشيراً إلى أن هذه المشاركة تؤكد أن سوريا لم تعد في موقع الدفاع، بل في موقع المبادرة والمساهمة، وأنها قادرة على الانتقال من خطاب النجاة إلى خطاب التنمية المستدامة.
رمزية الأمازون الكبرى
اختيار الأمازون كموقع لعقد المؤتمر له رمزية كبرى، حيث يعد رئة الأرض، ونهر الفرات هو شريان سوريا، الربط بين الرمزين يؤكد رسالة سوريا في هذه القمة: “كما تحمي الأمم غاباتها من الاحتراق، تحمي سوريا أنهارها من الجفاف والعدوان” بحسب حاج يحيى.
وتابع: “سوريا تعيد تعريف علاقتها بالطبيعة كجزء من سيادتها، وتذكّر بأن العدوان البيئي والسياسي وجهان لعملة واحدة، سواء تم ذلك عن طريق تدمير الطبيعة أو تدمير الحواضر السورية على مر عقود”.
العدالة البيئة تحقيق للعدالة الانتقالية
وحول العلاقة الوطيدة بين العدالة البيئية والعدالة الانتقالية، أكد حاج يحيى أن العدالة البيئية في سوريا اليوم هي استمرار لخطاب العدالة الانتقالية، فكما تطالب سوريا بمحاسبة من دمّر الإنسان، تطالب أيضاً بمحاسبة من دمّر الأرض والمياه والغطاء النباتي.
وأشار إلى أن سوريا دفعت ثمن الحرب البيئية كما دفعت ثمن الحرب العسكرية، ولهذا فإنّ دمج مفهوم العدالة المناخية في الخطاب السوري هو توسيع لمفهوم العدالة ليشمل الإنسان والأرض معاً.
الدبلوماسية البيئية
وعن مسألة اعتبار الدبلوماسية البيئية أساساً من أساسات السياسة الخارجية السورية، لفت حاج يحيى إلى أن الدبلوماسية البيئية باتت أحد أعمدة السياسة الخارجية السورية الجديدة، فسوريا بدأت تنتهج ما يُعرف بـ “الشراكة الخضراء”، أي بناء العلاقات الدولية على أساس الطاقة المتجددة، والزراعة المستدامة ومكافحة التصحر، هذه السياسة تمنح دمشق قوة ناعمة جديدة وتُعيد تموضعها في المنطقة كشريك في الحلول وليس كمصدر للأزمات.