الثورة – ثورة زينية :
بعد سنوات طويلة من غيابها عن المشهد الاقتصادي العربي والعالمي يبدو أن الطريق بات ممهداً لعودة سوريا من بوابة الاستثمارات السعودية.
ولعل المنتدى الاستثماري السوري – السعودي هو المنطلق لمرحلة جديدة من الشراكة الاقتصادية السورية- السعودية.
فدخول الاستثمارات السعودية لسوريا في هذه المرحلة الدقيقة يعد تعزيزاً للثقة بمناخ الاستثمار في سوريا.
وعد حياة جديدة
يشكل المنتدى الاستثماري السوري – السعودي فرصة لتمديد إطلاق مشاريع استراتيجية بتدفقات مالية بملايين الدولارات في الطاقة والبنى التحتية والخدمات والصناعة، كما سيفتح الباب بقوة أمام إعادة الإعمار الذي طالما انتظره المواطن السوري، الذي فقد الكثير من مقومات الحياة الكريمة على مدى سنوات طوال،
فهذه المشاريع كما وصفها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ليست فقط عقوداً اقتصادية، بل هي وعد حياة جديدة.، وشوارع ستُعبّد، ومعامل ستُفتح أبوابها، وشباب سيتركون طوابير البطالة ليدخلوا سوق العمل، وأُسر ستعود إلى منازلها بعد إعادة الإعمار،، فالسعودية اليوم لا تبني مصانع فقط، بل تبني مستقبلاً جديداً لسوريا،
هذا الزخم من الاستثمار السعودي بالتدفق إلى سوريا سيكون حافزاً للكثير من الدول للتفكير في توجيه بوصلة الاستثمار إلى البلاد .
مشاريع استراتيجية في العاصمة
يبدو أن العاصمة دمشق حصلت على الحصة الأكبر من الاستثمارات المتوقع البدء فيها قريباً بأكثر من 2 مليار دولار، إذ تتوزع الخطط الاستثمارية على ثلاثة مسارات هي المناطق المتضررة والمناطق المنظمة والمناطق الجاهزة للبناء وتشمل المجالات العقارية والبنية التحتية والاتصالات وتقنية المعلومات والطاقة والصناعة والسياحة والتجارة والاستثمار والصحة.
وهذه الخطط تتضمن إعادة إعمار المناطق المدمرة من مثل منطقة القابون وبناء منشآت سياحية وأبراج دمشق في البرامكة بقيمة 400 مليون وهي ناطحات سحاب، وإقامة مدينة ثقافية بقيمة 300 مليون دولار، ومدينة طبية في ضاحية قدسيا بقيمة 900 مليون دولار ومدينة ترفيهية في العدوي بقيمة 500 مليون ليرة.
أعباء كبيرة
العاصمة دمشق تعاني اليوم من أعباء كبيرة وتنوء تحت مشكلات جمة كونها تتحمل العبء الأكبر نتيجة لتزايد عدد السكان فيها بشكل كبير ، فقد كانت الملاذ لآلاف السوريين الذين هجروا من مدنهم وقراهم خلال السنوات الماضية من المحافظات الأخرى، ولاسيما من المحافظات الشرقية والشمالية، وبعد التحرير عاد إليها أيضاً مئات الآلاف من سكانها ممن هجروا خلال سنوات الثورة خارج حدود البلاد، ولذا تعد الأكثر حاجة للعديد من المشاريع الاستثمارية التي تم الإعلان عنها خلال المنتدى، من مثل مترو دمشق الذي بقي حبراً على ورق لأكثر من 25 عاماً، والذي بات حلم تنفيذه اليوم قريباً جداً بعد التوقيع على اتفاقية مع الجانب السعودي على إحداثه بطول يصل إلى 17 كيلومتراً، الأمر الذي سيكون عاملاً مهماً في التخفيف إلى حد كبير من أزمة الازدحام المروي في المدينة، ومعالجة تكاد تكون جذرية لمسألة النقل التي عانت منها دمشق طويلاً، ناهيك عن الأثر البيئي الذي سيخفف من معدلات التلوث العالية في سمائها نتيجة وجود أعداد كبيرة من وسائط النقل، كما أن الإعلان عن مشروع لمد خط للمياه المحلاة من طرطوس في حال تنفيذ محطات تحلية البحر سيسهم في انفراج كبير لنقص المياه في المدينة،
ربما لايتسع مقالنا هنا لتفنيد كل مشروع تم التوقيع عليه لكن ماذكر آنفاً، إضافة لكل المشاريع الأخرى سيكون له بالغ الأثر في مد عصب الحياة في العاصمة بمزيد من المقومات للانطلاق لتكون دمشق في واجهة المدن الحديثة التي تعتمد معايير تكنولوجية متقدمة تبشر بحياة فيها الكثير من الرفاهية للمواطن السوري الذي افتقدها طويلاً.